Adbox
تكتب صحيفة "هآرتس" ان ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب، تدرس صياغة وثيقة مبادئ لحل المسائل الجوهرية، تجري على اساسها المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية حول الاتفاق الدائم لإنهاء الصراع، حسب ما قالته جهات رفيعة، اسرائيلية، فلسطينية وامريكية. ولم يقرر البيت الابيض، حتى الان، المخطط الذي ستحاول من خلاله الادارة الامريكية دفع عملية السلام الاسرائيلية – الفلسطينية، وامكانية صياغة وثيقة المبادئ لا تزال محل نقاش بين الجهات الفاعلة في الموضوع.
يوم الخميس الماضي، بعد انتهاء زيارة ترامب الى المنطقة، زار المبعوث الأمريكي جيسون غرينبلات القدس ورام الله والتقى مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال مصدر اسرائيلي اطلع على تفاصيل المحادثات ان المبعوث الامريكي ناقش مع الاثنين الافكار التي تفحصها الادارة الامريكية بشأن مخطط استئناف المفاوضات. وحسب اقواله، فقد سعى غرينبلات الى سماع رأي الزعيمين بالمخطط وما الذي يفضلانه، وكيف يريدان للعملية ان تجري وما هي النتيجة التي يتوقعانها.
وبعد عدة أيام من اللقاء مع غرينبلات، كشف نتنياهو خلال محادثة مع نواب الليكود عن الامكانيات التي يفحصها البيت الابيض، والمح الى ان احداها هي صياغة وثيقة مبادئ. وقال نتنياهو خلال النقاش المغلق: "توجد لدى الادارة الحالية رغبة بطرح شيء على الطاولة. لدينا الكثير من مواقفنا الهامة، وهذا لا يعني ان ما نقوله مقبولا عليهم".
ويستعد نتنياهو ومستشاريه الكبار لإمكانية ان يعمل ترامب على صياغة وثيقة مبادئ بالتعاون مع الاطراف كمرحلة اولى في المفاوضات، او ان يعرض على الاطراف وثيقة مبادئ كهذه، كاقتراح امريكي يشكل اساسا لبدء الاتصالات حول الوضع الدائم. وقال مسؤول اسرائيلي رفيع مطلع على القضية: "حسب تقديرنا فان الامريكيين ينوون طرح خطة، لكننا لا نعرف ما الذي يفترض ان تتضمنه".
واكد مسؤول فلسطيني مطلع على الاتصالات مع الادارة الامريكية، انه خلال المحادثات التي اجراها عباس مع ممثلي الادارة اشاروا الى انهم يفكرون بصياغة وثيقة تفاهمات لحل المسائل الجوهرية، يتم التفاوض على اساسها.
وقال المسؤول الفلسطيني ان "الطابة متواجدة الان في الملعب الامريكي، وليس صدفة اننا نفرض على انفسنا الصمت. لقد طلب منا الامريكيون الانتظار ونحن نفعل ذلك. نيتنا هي الدخول في مفاوضات جدية على كل القضايا".
اليوم يجب ان يقرر ترامب بشأن نقل السفارة الى القدس
تكتب صحيفة "هآرتس" انه سينتهي اليوم الخميس، مفعول الأمر الرئاسي الذي يمنع نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس، الأمر الذي يحتم على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اتخاذ قرار حول ما اذا كان ينوي نقل السفارة او ترك الوضع على حاله. وقالت شبكة CNN، مساء امس، ان ترامب ينوي ترك السفارة في تل ابيب حاليا، لكن الناطق بلسان البيت الأبيض، شون سبيسر، قال بأن الرئيس لم يقرر بعد، وقال للصحفيين: "سنطلعكم حين يتم اتخاذ قرار".
يشار الى ان القانون الذي سنه الكونغرس في 1995، يحتم على الادارة الامريكية نقل السفارة الى القدس، لكن الرؤساء الامريكيين اختاروا تأجيل الأمر، بواسطة امر رئاسي ينص على تعليق القانون لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
وكان ترامب قد وعد خلال حملته الانتخابية بعدم التوقيع على الأمر الرئاسي والبدء بالإعداد لنقل السفارة، لكنه منذ دخوله الى البيت الأبيض في كانون الثاني الماضي، يرفض الالتزام بأنه سينفذ وعده. وخلال زيارته الى اسرائيل والسلطة الفلسطينية في الاسبوع الماضي، امتنع ترامب عن التذكير بتاتا بهذه المسالة.
وكان الرئيس السابق براك اوباما، قد وقع على تجديد امر تعليق نقل السفارة في شهر كانون الأول الماضي، عشية انتهاء ولايته. ويسري الأمر الذي وقعه اوباما حتى اليوم، الاول من حزيران، واذا لم يقم ترامب بتجديد الامر اليوم، فهذا يعني انه يجب على الادارة بدء العمل على نقل السفارة. وفي حال وقع ترامب على الأمر فان هذا سيعني خرقه للوعد الذي قطعه على نفسه خلال الحملة الانتخابية، وبالتالي سيعرضه ذلك الى الانتقاد من قبل التنظيمات اليهودية الامريكية التي دعمته في الانتخابات.
ويشار الى ان المسؤول الرفيع الوحيد في الادارة الذي تطرق الى موضوع نقل السفارة في الأسابيع الأخيرة، هو نائب الرئيس مايك بينس الذي قال في عدة مناسبات، بأن ترامب "يدرس بجدية" تنفيذ وعده. اما ترامب نفسه، فقد حرص على القول لوسائل الاعلام بأنه "لا يزال من المبكر" مناقشة الموضوع. وعلم انه جرى نقاش متواصل في هذا الموضوع في الادارة، وحاول عدد من المستشارين السياسيين لترامب، ومن بينهم السفير الامريكي لدى اسرائيل ديفيد فريدمان، اقناعه بتنفيذ وعده، بينما اوصى وزير الدفاع جيمس ماتيس، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي هربرت مكماستر، بالامتناع عن هذه الخطوة، ايضا بادعاء ان نقل السفارة قد يمس بفرص استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين.
الدنمارك تعلق دعم الجمعيات الفلسطينية بضغط من اسرائيل
تكتب "هآرتس" ان وزارة الخارجية الدنماركية بدأت مؤخرا، بفحص شامل للتبرعات التي تحولها الى جمعيات وتنظيمات غير حكومية في السلطة الفلسطينية. وحسب بيان وزارة الخارجية في كوبنهاغن، فقد امر وزير الخارجية أندرس سامويلسن، بإجراء هذا الفحص في الأسبوع الماضي.
وجاء قرار سامويلسن بفعل الضغط الذي تمارسه اسرائيل. وحسب دبلوماسيين دنماركيين واسرائيليين، فقد طلب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو من سامويلسن لدى زيارته الى اسرائيل في 17 أيار، وقف تمويل التنظيمات والجمعيات الفلسطينية الضالعة بالتحريض على اسرائيل ودفع المقاطعة وحرف الاستثمارات عن اسرائيل. وسلم نتنياهو للوزير الدنماركي قائمة بالتنظيمات الفلسطينية التي تحصل على تمويل من الدنمارك والتي تدعي اسرائيل انها ضالعة في حركة المقاطعة BDS.
وقال سامويلسن في بيان له: "علينا ان نتأكد من ان المساعدات الدنماركية تساعد بشكل ايجابي على دفع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية. ربما سنضطر في اعقاب الفحص الى وقف الدعم لعدة تنظيمات فلسطينية. والى ان نتسلم نتائج الفحص لن نوقع على منح هبات جديدة لتنظيمات فلسطينية".
منع النواب من التظاهر ضد المستشار القانوني للحكومة!
تكتب "هآرتس" ان المستشار القانوني للكنيست، المحامي ايال يانون، ابلغ اعضاء الكنيست بأنهم لا يستطيعون استغلال حصانتهم للمشاركة في تظاهرات بجانب منزل المستشار القانوني للحكومة، او في أي تظاهرة لم تحصل على ترخيص من الشرطة. وكتب يانون للنواب ان "اعضاء الكنيست، مثل كل مواطن، يمنعون من المشاركة في تظاهرات غير قانونية والحصانة لن تسري على المشاركة في مظاهرة لم تحصل على ترخيص مسبق". مع ذلك اوضح يانون انه "خلافا للمواطنين فان قانون الحصانة لا يسمح باعتقال او احتجاز نائب حتى اذا شارك في مظاهرة غير قانونية".
وجاء بيان يانون هذا، في اعقاب نية عدد من النواب المشاركة في المظاهرات التي تجري امام منزل المستشار القانوني للحكومة، ابيحاي مندلبليت، رغم ان الشرطة والمحكمة العليا قررتا منع المظاهرات هناك.
وكانت المحكمة العليا قد قررت قبل شهر "منع التظاهرات واعمال الاحتجاج بجانب المنزل الشخصي لمسؤول رسمي، في الحالات التي يتوفر فيها بديل للنشاط الاحتجاجي". وفي اعقاب القرار عملت الشرطة على منع التظاهر امام منزل مندلبليت.
لكن اعضاء الكنيست قرروا الاحتجاج على المس بحق التظاهر، من خلال المشاركة في التظاهرات امام منزل مندلبليت. واثارت توجيهات المستشار القانوني للكنيست غضب نواب المعارضة الذين ادعوا ان القرار يمس بشكل ملموس بحرية التعبير.
جهات في شاس تفحص مع يشاي امكانية عودته للحزب في ضوء التحقيق مع درعي
علمت "يسرائيل هيوم" ان جهات من حركة "شاس"، بدأت يوم الاثنين الماضي، اتصالات اولية مع الرئيس السابق للحزب ايلي يشاي، الذي استقال من الحزب واسس حركة "ياحد" التي لم تجتز نسبة الحسم في الانتخابات الاخيرة. وتأتي هذه الاتصالات لفحص مدى استعداده للعودة لقيادة حركة "شاس" في ظل الهزة التي تمر بها حاليا، جراء فتح تحقيق جنائي مع رئيسها الوزير ارييه درعي وزوجته.
وقالت مصادر في شاس ان "دعم قيادة درعي للحركة هو دعم مطلق، ولا يوجد أي سيناريو يحاكي عدم قيادته للحركة". لكنه على الرغم من الخلاف الشديد بين قيادة شاس وايلي يشاي، الا ان الحزب يتخوف من امكانية اضطرار درعي الى الاستقالة من رئاسة الحركة في حال تورط جنائيا، وهذا هو ما قاد الى الاتصالات مع يشاي، الذي رفض التعقيب على الموضوع.
جزر فينوتو الصغيرة، بحجم ميكرونيزيا، تقرر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
تكتب "يسرائيل يهوم": "هل تذكرون ميكرونيزيا؟ لقد اصبحت لإسرائيل الان صديقة دبلوماسية اخرى بحجمها، هي جزر فينوتو، الواقعة في المحيط الهادئ، والتي قررت الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وترجع خلفية هذا القرار الى قرار اليونسكو نفي الارتباط بين اليهود وجبل الهيكل. فقد قامت اسرائيل في اعقاب القرار بتحويل رسالة شديدة اللهجة الى الدول التي دعمته او امتنعت عن التصويت. وجاءت الثمار الاولى قبل اسبوعين عندما قرر برلمان التشيك توصية الحكومة بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل وشجب قرار اليونسكو. ومن تحت الرادار تقريبا، تبين ان فينوتو، التي امتنعت خلال التصويت، فعلت ذلك من دون أي تنسيق بين ممثلها في اليونسكو والرئيس بولدوين لونسديل، المسيحي الانجيلي، الذي يشعر بعلاقة عميقة مع اسرائيل والشعب اليهودي.
وطرح بيني كوبو، قنصل فينوتو في اسرائيل، الموضوع امام لونسديل، فاعرب الاخير عن اسفه لامتناع ممثل بلاده عن التصويت في اليونسكو، ووقع على وثيقة تحدد انه يجب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وشجب قرار اليونسكو. كما طلب فحص امكانية تنظيم زيارة له الى اسرائيل.
انتخاب سفير اسرائيل في الامم المتحدة نائبا لرئيس الجمعية العامة
تكتب "يسرائيل هيوم" انه تم انتخاب السفير الاسرائيلي لدى الامم المتحدة، داني دانون، لمنصب نائب رئيس الجمعية العامة الثانية والسبعين. وتم انتخاب دانون خلال التصويت الذي جرى امس في مقر الامم المتحدة كممثل لمجموعة الدول الغربية .(WEOG) ومن المتوقع ان يبدأ شغل منصبه مع اجتماع الهيئة العامة في ايلول القادم. وفي اطار منصبه، سيدير السفير دانون جلسات الهيئة العامة ويشارك في تحديد جدول اعمالها.
وكان دانون قد انتخب في العام الماضي رئيسا للجنة القانون في الامم المتحدة، وكانت تلك هي المرة الاولى التي ينتخب فيها مندوب اسرائيل رئيسا للجنة دائمة في الامم المتحدة.
وقال دانون معقبا: "افخر بتمثيل اسرائيل في هذا المنصب الهام. اثبتنا مرة اخرى انه يمكن لإسرائيل الاندماج في كل منصب في الامم المتحدة وان المحاولات المهووسة لحرمان اسرائيل من نيل مكانتها التي تستحقها لن تنجح".
اعتقال سوري اجتاز الحدود
تكتب "يسرائيل هيوم" ان قوة من الجيش الاسرائيلي اعتقلت مشبوها اجتاز السياج الحدودي على الحدود الاسرائيلية – السورية. وقالت جهات عسكرية انه تم ضبط المشبوه بالقرب من الحدود ولم يكن مسلحا، وتم اقتياده للتحقيق من اجل فحص ظروف اجتيازه للسياج. وفي نهاية التحقيق اعيد الى سورية.
البرغوثي يحذر من تجاهل مطالب الاسرى
تكتب "يسرائيل هيوم" ان رئيس التنظيم السابق في الضفة الغربية، مروان البرغوثي، حذر من ان الاسرى الفلسطينيين سيعودون لاعلان الاضراب عن الطعام اذا لم تنفذ مصلحة السجون مطالبهم.
وقال البرغوثي في بيان نشرته وسائل الاعلام الفلسطينية ان قيادة الاسرى شكلت لجنة متابعة لضمان تطبيق التفاهمات التي تم التوصل اليها مع مصلحة السجون. ولم يفصل البرغوثي في بيانه ما هي الانجازات التي تم تحقيقها.
تقرير
المقاولون الذين هدموا حي المغاربة
ينشر نير حسون تقريرا في "هآرتس" حول مجموعة المقاولين التي شاركت في هدم حي المغاربة في القدس الشرقية فور انتهاء احتلالها في حزيران 1967، ويكتب انه في يوم السبت العاشر من حزيران 1967، اليوم الخامس لحرب الأيام الستة، دخل المقاول يوسف شفارتس الى الملجأ في حي "كريات هيوبيل" في القدس الغربية، والذي تواجدت فيه ابنته واحفاده. وقالت ابنته زهافا فوكس: "في حينه كان من الطبيعي رؤية والدي يحضر لزيارتنا واحضار الخبز والحليب، لكن في تلك المرة كان وجهه شديد الضغط، لقد احتضننا انا والأولاد وكان يبدو مختلفا". كان شفارتس يرتدي ملابس الشرطة المدنية ويحمل ملفات الهاجاناه، وخرج من دون ان يقول الى أين سيذهب. وتقول فوكس: "صعدت الى المنزل للاتصال بوالدتي، فقالت لي انه لم يشأ القول الى أين سيذهب".
وتضيف شفارتس: "في اليوم التالي عاد باكيا. شقيقي كان طيارا في حينه، وخفت ان يكون قد حدث له شيء، لكن والدي قال لي عندها انه كان في البلدة القديمة ولمس حائط المبكى. وروى انهم قاموا في الليل بهدم حي المغاربة. لقد كان علمانيا تماما، لكنه قال انهم عندما عملوا ساد لديهم شعور صوفي، شعروا انهم يؤدون رسالة".
لقد كان شفارتس احد 15 مقاولا بالغا من منظمة المقاولين المقدسية الذين استدعاهم رئيس البلدية تيدي كولك في تلك الليلة الى حائط المبكى، الذي تم احتلاله في ذلك اليوم. وكانت المهمة هي هدم بيوت حي المغاربة الذي بني بجوار الحائط، وانشاء ساحة الحائط المعروفة. ويتذكر ساسون ليفي احد مقاولين لا يزالا على قيد الحياة، مشاعره في حينه جيدا: "كنت فرحا حتى السماء، كان الأمر ممتعا".
لقد جند كوليك المقاولين لتلك المهمة، لكنه ليس من الواضح حتى اليوم من الذي قرر هدم الحي. من الواضح انه كان ضالعا في القرار تيدي نفسه، وشلومو لاهط، الذي كان الحاكم العسكري، وقائد منطقة المركز عوزي نركيس، ومن الواضح انهم فعلوا ذلك عمدا من دون طلب او الحصول على تصريح. لم تتبق وثائق مكتوبة توثق للقرار، باستثناء خارطة مرسومة باليد على قطعة ورق حددت المنطقة التي سيتم هدمها.
منظمة المقاولين كانت قوة العمل الأكثر متاحة، لكن لم يكن هذا هو السبب الوحيد الذي جعل كوليك يتوجه اليها. فالخوف من الاحتجاج الدولي ولّد الحاجة الى جهة مدنية غير رسمية تأخذ المهمة على عاتقها. وكتب عوزي بنزيمان في تقرير نشره مؤخرا في ملحق "هآرتس" انه "تم تسليم مهمة الهدم لمنظمة المقاولين في القدس من اجل اخفاء أي دليل على ضلوع السلطات الرسمية في العملية".
وادعى كوليك ان الأمر الملح لإخلاء الساحة هو عيد الأسابيع القريب، والذي توقع وصول عشرات الاف الاسرائيليين خلاله الى حائط المبكى. وقال ان ترك المباني القديمة يمكن ان يشكل خطرا. ولكن بالنسبة للمقاولين الذين لم يتم تجنيدهم للحرب بسبب جيلهم المتقدم، كان الأمر يعني اكثر من مجرد مشروع هندسي، لقد ترسخت تلك اللية في وعيهم كحدث تاريخي، الى حد انهم اقاموا بعد الحرب "فرسان المبكى"، وهو نوع من مجموعة الفرسان التي "طهرت ساحة حائط المبكى من اجل شعب اسرائيل" كما كتبوا عن انفسهم.
لقد بدأ العمل قرابة الساعة 11 ليلا، وكان الهدف الأول هدم المرحاض الذي التصق بالحائط. وكان رئيس الحكومة دافيد بن غوريون قد زار المكان قبل يوم من ذلك، ووبخ يعقوب يناي، مدير سلطة الحدائق القومية بسبب هذا المرحاض. ويتذكر ساسون ليفي:  "انت تحضر الى مكان كهذا وتشم الرائحة الكريهة على الجدار. لقد فوجئنا، وقد اغضبنا الأمر في خضم كل الفرح. في البداية عملنا بواسطة الطواري والمناكيش والشواكيش والمجارف، وبعد ذلك قام زلمان (براشي، وهو احد كبار المقاولين في القدس) بتجنيد جرافة". وعملت جرافتان على هدم البيوت. وقد واجهت المصاعب عندما انهارت طوابق ارضية تحت الجرافات، لكن الانهيارات وفرت للمقاولين مكانا لدفن انقاض المباني وتسوية الساحة. وتم هدم 135 منزلا – وفي نهاية الأمر اجتازت عمليات الهدم ما تم رسمه في الخارطة.
لا يتذكر ليفي اصحاب البيوت ولا ان يكون قد اخلى احد منها. وقالت فوكس انها سألت والدها عن اصحاب البيوت، فقال "انهم توجهوا بواسطة مكبر صوت الى السكان لكي يتجمعوا ومن ثم تم اخراجهم عبر بوابة صهيون (باب النبي داود)، لأنه تم عبر هذه البوابة اخراج اللاجئين من الحي اليهودي". اما بروريا شيلوني، ابنة المقاول يوسف صبان، والتي تواجدت هناك في تلك الليلة، فلا تتذكرهم. وتقول: "لم يسد لدي الانطباع بأنه يقيم اناس هناك، انه توجد حياة. بعد ذلك سمعت بأنه تم طردهم من هناك. الشعور الذي ساد هو انه يتم هدم اكواخ فارغة ومتلاصقة. لم اشاهد تحرك ناس هناك".  في المقابل يروي بنزيمان انه في احدى الحالات رفض سكان احد البيوت الخروج ولم يفعلوا ذلك الا بعد قيام الجرافة بضرب الحائط. وفي احد البيوت عثر على مسنة اسمها الحاجة رسمية علي تبعكي، وهي ميتة على سريرها. وفي احدى الصور تظهر جرافة وهي تهدم منزلا يحوي أثاث وستائر واصص زهور.
يوسف صبان هو والد يئير صبان – الذي كان عضو كنيست ومن قادة حزب "مبام" اليساري – وقد حضرت معه ابنته لرؤية الحائط. وتتذكر الرحلة الى هناك وكوليك الذي كان يقف على صندوق او درجة ويخطب بالحضور. ولكنها لم تتواجد في المكان خلال عملية الهدم، لأن ضابطان رافقاها كي تبحث عن زوجها، وهو قائد كتيبة في القدس، اصيب خلال المعارك.
لقد اقيمت مجموعة "فرسان المبكى" في تلك الليلة وواصلت الالتقاء والعمل حتى عام 90، بعد وفاة غالبية اعضائها. لقد تجند هؤلاء في 1967 لمهمة اخرى، وبنوا بأمر من كوليك البناء الذي يستخدم لعرض عربة مونتفيوري في حي "يمين موشيه" في العاصمة. وفي 1983 اصدروا البوم نصوص شبه تنبؤي كتبه ايتمار بن آبي حول اقامة ساحة المبكى. في 1987 وصلوا الى مراسم اقيمت تكريما لهم في الكنيست وحصلوا على وسام "حامي الحائط".
مؤسس مجموعة "الفرسان" كان سكرتير منظمة الارغون، باروخ بركائي. بركائي كان شخصية مميزة، من مواليد لاتفيا، طالب في كلية القانون، صحفي وجامع فنون وعضو في منظمة ليحي، بل واعتقل بتهمة الضلوع في قتل ارلوزوروف. وقد كتب بعد سنوات عدة كتب. ويقول ابنه ايتمار، انه كتب في الالبوم الذي صدر عام 1983 ان "فرسان المبكى تأسست في يوم الاحد، 11 حزيران 1967، في الساعة الثالثة فجرا، في ساحة حائط المبكى، بمشاركة اعضاء منظمة المقاولين والبنائين الـ15 في القدس، والذين استجابوا لطلب ضابط الهندسة النقيب ايتان بن موشيه، تطهير ساحة حائط المبكى.. وبذلك حققنا حلم ايتمار بن آبي: 'حائط مع باحة الى اليمين وباحة الى اليسار، حائط مع ساحة واسعة امامه، واسعة جدا، اه كم سيبدو الحائط رائعا في اليوم التالي'."
لقد وصل رجال معهد "ياد بن تسفي" الى القصة بالصدفة، من خلال شخص شارك في عملية الهدم، لكنه لم يكن من اعضاء "الفرسان". اسمه زئيف بن غال، وهو ابن لعائلة سامرية، هرب من منزله وانضم الى البلماح وسكن في كيبوتس "روش هنكرا" (رأس الناقورة). وعرف في الكيبوتس بأنه صياد ماهر لخنازير البر، وتمكن ذات مرة من طرد خلية مخربين وصلت من لبنان، بواسطة بندقية الصيد. في حرب الأيام الستة خدم كسائق لجرافة، واستدعي الى حي المغاربة. وخلال عملية الهدم شاهد قفل حديد كبير، كما يبدو القفل الذي كان على بوابة الحي، واحتفظ به لنفسه. وبعد وفاته في العام الماضي، وصل القفل الى ارشيف الكيبوتس، فقرر تسليمه مع القصة لمعهد "ياد يتسحاق بن تسفي" في القدس. وقالت نيريت شليف خليفة، التي قامت بجمع المعرض مع عدنا عسيس: "بدأنا بالفحص وتبين لنا وجود قصة هنا".
وتنظر شليف خليفة الى قصة "فرسان المبكى" من منظار اوسع. وتقول: "لقد حاول البارون روتشيلد شراء بيوت المغاربة وانشاء الساحة امام حائط المبكى، وبعد ذلك رغبت الحركة الصهيونية  بعمل ذلك. الحائط هو مكان ديني، تسخر الصهيونية  من الطقوس فيه، لكنه كساحة يعتبر رمزا قوميا. هذا المكان الذي يسمح بالتجمع، بالعبادة الحرة، الساحة هي مكان الاعلام والمراسم، والرمز الصهيوني الثاني هو ليس الحائط وانما الساحة، ولذلك عندما يصلون الى المكان في 10 حزيران 1967، فقد كان ذلك بمثابة تحقيق حلم عمره 100 سنة".
الصور التي يشملها المعرض تثبت الفارق بين الحائط والساحة. وتقول شليف خليفة: "في البطاقات البريدية التي بعث بها المستشرقون، قبل قيام الدولة، ظهر فيها الناس من سكان المستوطنات القديمة وقد دفنوا وجوههم في الجدار، ولم تظهر ملامحهم، ولكن في صور الساحة بعد 1967، والتي تظهر في كل البوم عائلي، نرى الأولاد على خلفية الحائط. الحائط في الخلف والوجوه نحو المستقبل".
في لقاء اجري مع زهافا فوكس لفيلم تم انتاجه في اطار مشروع "50 وجها، 50 سنة" والذي انتجه متحف برج داود، قالت عن والدها: "كم كان يفاخر بكل بيت بناه، وكم فاخر بكل بيت هدمه – لكنه شعر بأنه يؤدي رسالة كبيرة جدا لشعب اسرائيل".
من كان يعرف حائط المبكى قبل هدم الحي، ادهشته الساحة التي ولدت هناك خلال ليلة. "قرأت في الصحيفة انهم هدموا البيوت ومهدوا الساحة امام الحائط، لكنني لم اتخيل بأنهم سيقيمون هناك ملعب"، قال "يمني مسن" لصحيفة دفار. وتم اقتباس هذه المقولة في اطار مقالة نشرها مؤخرا، شلومو باهاط، في مجلس "عت عتمول"، والتي يقتبس فيها تبرير كوليك للهدم بقوله: "هذا هو اكبر عمل كان يمكننا عمله، وجيد انه تم عمله فورا".
ترامب خطر
يكتب عوزي برعام، في "هآرتس" ان حث دان شبيرو، سفير امريكا السابق في اسرائيل، للحكومة على عدم الرد سلبا على الرئيس دونالد ترامب – منطقي (لا تقولوا لا لترامب – هآرتس 28.5). من المؤكد انه من ناحية تكتيكية ليس من الحكمة القول "لا" لترامب. لكن السؤال هو هل توجد قيمة جوهرية للقرار حول نوعية الرد على ترامب، في ضوء شخصية الرئيس الامريكي.
سيقوم من يقول "هذا هو المتوفر" ومع هذا يجب العمل. بطبيعتها، تستخدم هذه اللهجة كذريعة للتسليم بكل انواع الظلم والمظاهر الغربية، مثل تعيين ايوب القرار وزيرا للاتصالات، والقوانين الغبية من مدرسة الليكود، وغير ذلك. هذه المقولة تحرر قائليها من كل مسؤولية عن تصحيح الأوضاع.
دونالد ترامب هو خطر جسيم – على بلاده وعلى العالم الحر كله – وعلينا ايضا. صحيح ان اوباما اظهر تعاملا سالبا مع كل ما يتعلق بادارة الأزمات، لكن ترامب لا يستحق مقارنته مع أي رئيس سابق (وآمل في المستقبل ايضا) بما في ذلك بوش ونيكسون.
لقد احتل الولايات المتحدة شخص محافظ، سطحي، شعبوي، جائع للحب الجارف ويبحث عن الإشباع الفوري.
ترامب لا يملك فلسفة خاصة به. افكارها كلها سلبية تقريبا، نظريته السياسية وسياسته هي تمجيد اسمه – بشكل كان سيبدو مثيرا للسخرية حتى لو كان المقصود مهرج في السيرك. هكذا، مثلا، اعلن مع عودته من اوروبا: "نجاح ضخم.. نتائج رائعة". هل سمعنا في السابق زعيم دولة ديموقراطية يتحدث طوال الوقت عن نفسه، عن عظمته وعن انجازاته؟
وعلى الرغم من ذلك، فان شخصية ترامب المهزوزة قليلا ليست المشكلة الرئيسية. فالمشكلة الرئيسية هي حقيقة انه لا يملك فلسفة ويعتمد على الشعارات فقط – انه يرضع مقولاته وقراراته من الثدي الأمريكي الأكثر رجعية: "حفلات الشاي". هكذا، نجد ان رغبته بالانسحاب من اتفاق المناخ الذي وقعته غالبية دول العالم، تنبع من مفهوم ديني – انجيلي يقول انه لا يجب التدخل في قرارات الله. والنتيجة: الولايات المتحدة تدير ظهرها للاتفاق الذي يهدف لإنقاذ الكرة الرضية.
كما ان طموحه لتقليص تدخل الدولة ومسؤوليتها ازاء مواطنها الى ادنى حد – لأن كل انسان يتحمل المسؤولية عن مصيره – ينبع من الأيدولوجية ذاتها. والنتيجة: انه يطلب تقليص الميزانيات التي تحولها الولايات المتحدة لمكافحة مرض الايدز، ويتحفظ من الجهود المبذولة لتقليص الفجوات بين المواطنين الأمريكيين من اصل مختلف. لو كان يمكنه اعادة الولايات المتحدة الى ما قبل فترة الأخوين كندي لكان سيسره ذلك.
ولكن ما علاقتنا نحن بهذا؟ حتى زعماء اليسار الاسرائيليين الذين التقوا رجال ترامب قالوا ان الحديث عن مبادرة جدية. اسمحوا لي بأن اكون قليل الايمان. شخص احادي الجانب كهذا، لا يفهم بتاتا دقائق الامور في العلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين، وبسبب ذلك يوبخ محمود عباس على التحريض ولا ينتقد نتنياهو على الاحتلال والقمع – لا يمكنه تحقيق الحل.
موقف ترامب سيهدد التحالف السني، ايضا. يصعب الافتراض بأن الرئيس المصري يمكنه السماح لنفسه بدعم رئيس يتصرف كمناصر للصهيونية. اذا كان ترامب يريد المساعدة على حل الصراع، فان عليه تعلم وفهم شروط ساحة الحرب، وعدم الافتراض بأنه بحركة الكماشة سيحقق الاتفاق الذي ينطوي على مشاكل اساسية للجانبين.
دان شبيرو يريد من الشرق الاوسط ان يتبنى بغالبيته صيغة ترامب قبل ان تقوض الفضائح في واشنطن قوته. ولكن اذا اعترفنا بالحقيقة، فان الصيغة السعودية سبقت ترامب، ولا تزال حية وتتنفس. ان من يفترض فيه ان يختار بينها وبين نفتالي بينت هو نتنياهو الذي قرر تأجيل الحسم وفضل تعيين ايوب القرار وزيرا للاتصالات.
من أنت يا وزير الخارجية تيلرسون؟
يكتب يورام اتينغر في "يسرائيل هيوم" انه تم انتخاب الرئيس ترامب نتيجة اشمئزاز الناخب الأمريكي من الصواب السياسي الامريكي. لكن تصريحات وزير الخارجية ريكس تيلرسون تعكس الصواب السياسي لوزارة الخارجية (التي عارضت الاعتراف بإسرائيل عام 1948) في قضايا الشرق الاوسط، الموضوع الفلسطيني، علاقات اسرائيل والولايات المتحدة، وعلاقات الولايات المتحدة والعرب، ومسألة نقل السفارة الأمريكية الى القدس.
في 24 أيار 2017، تحدث تيلرسون مع الصحفيين بروح وزارة الخارجية، وقال ان "حل الصراع سيسهم في حل مشاكل في انحاء الشرق الاوسط". لقد تجاهل حقيقة ان التسونامي العربي، الذي يهدد كل نظام عربي مناصر لأمريكا، من شمال افريقيا وحتى الخليج الفارسي، هو جزء لا يتجزأ من الشرق الاوسط، يدون علاقة بالصراع.
في لقاء لشبكة NBC في 14 أيار، اعلن تيلرسون موقف وزارة الخارجية التي تعتقد ان الموضوع الفلسطيني هو لب الصراع وبؤبؤ عيون القادة العرب. لقد بلور مفهومه طوال عشرات السنوات التي شغل خلالها مناصب مختلفة في امبراطورية النفط الأمريكية "اكسون" والتي عرفته على نصوص مناصرة للفلسطينيين، تعلمها من قادة دول النفط العربية.
تيلرسون ليس متيقظا لحقيقة انه لم تقم أي دولة عربية بترجمة دعمها الكلامي للفلسطينيين الى عمل؛ لم تندلع أي حرب من الحروب العربية ضد اسرائيل بسبب الموضوع الفلسطيني؛ ولم تقم أي دولة عربية بنقل احتلالات 1948 (الحمة، السامرة ويهودا وغزة) للفلسطينيين، ولم تشارك أي دولة عربية في الحروب الاسرائيلية ضد الارهاب الفلسطيني.
تيلرسون يتبنى مفاهيم وزارة الخارجية التي تعتبر تطوير العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل تقوض علاقات الولايات المتحدة بالعرب. لكن المصالح الامريكية والامن القومي لقادة الدول العربية تشذ بشكل دراماتيكي عن العلاقة الضيقة جدا بين الصراع العربي الاسرائيلي والموضوع الفلسطيني. مثلا، التعزيز الدراماتيكي للتعاون بين اسرائيل والولايات المتحدة يستأنف بشكل متزامن مع تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية والتعاون غير المسبوق بين اسرائيل والدول السنية، على الرغم من عدم التقدم في الموضوع الفلسطيني.
قادة الدول العربية المناصرين لأمريكا، يغوصون في صراع وجودي ضد ايران والارهاب الاسلامي، ويعتبرون اسرائيل حليفا في الصراع الوجودي ومتيقظين للخلفية المحمومة للقيادة الفلسطينية.
ادعاء تيلرسون وكأن نقل السفارة الى القدس الغربية سيمس بعملية السلام وسيعمق الارهاب، يعزز موقف وزارة الخارجية الذي يعتبر القدس كلها "مدينة دولية"، ويزيد من تطرف مواقف العرب ويتجاهل 1400 سنة ارهاب اسلامي لا ينبع من السياسة الاسرائيلية. وفي المقابل، فان عدم نقل السفارة الى القدس سيعكس الردع الامريكي امام تهديد الارهاب، وسيقوض صورة الرد الأمريكية ويزيد الارهاب.
هل ستعتمد سياسة ترامب – تيلرسون على الواقع ام على الصواب السياسي لوزارة الخارجية، الذي يتحطم، بين الحين والآخر، على صخرة الواقع؟
"رثاء داوود"
 تحت هذا العنوان تكتب سيما كدمون، في "يديعوت أحرونوت" انه في 1987، بعد 20 سنة من حرب الأيام الستة، خرج الاديب دافيد غروسمان الى رحلة استغرقت سبعة اسابيع في الضفة الغربية، وتجول في مناطق لم يعرفها غالبية الاسرائيليين، ولم يرغبوا بمعرفتها. وتم نشر انطباعاته في عدد خاص من مجلة "عنوان رئيسي"، ومن ثم صدرت في كتاب "الزمن الأصفر" الذي تم ترجمته الى 20 لغة.
بعد 30 عاما من الصدى الضخم والمفاجئ الذي حققته رحلته، يحكي غروسمان هذا الاسبوع، عما دفعه للخروج في تلك الأيام ونشر انطباعاته: "كنت في الثالثة والثلاثين، شعرت بأن الهبة الفلسطينية ستأتي. لم أعرف كيف سيسمونها، لكنني شعرت بقوة الاحباط، الاهانة والغضب لديهم، وعدم المبالاة المطلق في اسرائيل. في اليوم الذي زرت فيه مخيم الدهيشة عدت الى القدس وذهبت لشراء دفتر في شارع بن يهودا. كان مساء قدسي بارد، الناس يسارعون الى بيوتهم، سادت اللامبالاة والشعور بأنه لن يتغير أي شيء، وانا شعرت مشتعلا من النبأ الذي احضرته معي من مكان يبعد نصف ساعة عن البيت".
السنوات التي مرت لم تجعل غروسمان اكثر متفائلا. بل على العكس. "من المؤكد انني اكثر واقعية، اكثر خائفا. اليوم ما كنت سأكتب ما كتبت – بأن هذا الوضع سيستغرق 10 او 20 سنة اخرى – لأنني ببساطة لا اعرف. ربما يكون الوضع بعد عدة سنوات أسوأ".
"ما سببته المستوطنات هو علامة الاستفهام التي حلقت فوق رؤوسهم، وهي تحلق الان فوق رأس اسرائيل كلها، فوق حقيقة وجودها، حقيقة شرعيتها التي تتقوض في العالم، ودولة اسرائيل الديموقراطية، بيت الشعب اليهودي ستبقى قائمة كدولة ستكون مختلفة جدا عن الامور التي كنت اريد لها ان تكون، الى حد انني سأجد صعوبة في العيش فيها".
"لدينا رئيس حكومة عبقري"، يواصل غروسمان. "انه عبقري بشكل يجعله يجيد الخلط بين مخاطر حقيقية لها اصداء صدمتنا كلنا كشعب. ونحن، كمجتمع اجتاز صدمة، عاجزون امام الاعيب نتنياهو هذه".
وفي رده حول ما يحدث هنا، كقضية اليؤور ازاريا، قال غروسمان: "هذه اعراض مرض اكثر عمقا من الجندي المنفرد. من اجل الحفاظ على نظامنا المحتل يجب علينا اقصاء كونهم بشر، نفي انسانيتهم، والا كيف سنتمكن من العيش مع واقع يعتقلون ابن احدهم، يقتحمون بيته في منتصف الليل، يحتجزونه لساعات على الحاجز. اذا لم نغيبه، فان حياته الصعبة والمؤلمة ستبدأ بالإزعاج. يوجد هنا تغييب ضخم، تغييب لشعب بـأكمله."
لو خرج اليوم الى تلك الرحلة، فهل كان سيسميها "الزمن الأصفر" بعد 30 سنة؟
غروسمان يفكر، ثم يقول "الزمن الضائع". "هذا هو الاسم. فعلا، لقد فقدنا الزمن، وليس الزمن وحده: فقدنا الفرص ايضا، والطاقة المطلوبة لتغيير الاوضاع.
من هو ليبرمان الحقيقي؟
تكتب اريئيلا رينغل هوفمان، في "يديعوت احرونوت" انه دخل الى وزارة الامن قبل سنة تماما. وهذا هو تماما ما قاله قبل الانتخابات الاخيرة، قبل لحظة من اعلانه بأنه لن ينضم الى الائتلاف الذي شكله نتنياهو، ولن يكون عضوا في حكومته المستقبلية التي وصفها – دون ان يكلف نفسه عناء تلطيف الكلمات – بأنها "تجسيد للانتهازية".
بعد الانتخابات جلس في المعارضة، ومن هناك اصدر رؤى لم تتعلق بالحكومة وحدها، بشكل عام، وانما ايضا بأعضائها، بشكل خاص: فقد وصف رئيس الحكومة بأنه كاذب، مخادع ومحتال؛ وتعامل باستهتار ظاهر مع وزير الأمن السابق موشيه يعلون، وقال من دون ان يتأتئ عمن كان رئيسا للأركان، انه كان "جنديا ممتازا"، لكنه كوزير للأمن "لا يتعامل احد معه بجدية". في نيسان 2016، قبل شهر فقط من استبداله ليعلون في المكتب الواسع في الطابق الـ14 في الكرياه، شرح ليبرمان لماذا وما الذي يجعله لا يشعر بالرضا، حيث قال: "لو كنت أنا وزير الامن، لكنت سأمهل السيد اسماعيل هنية 48 ساعة: اما تعيد الجثتين او تموت".
وقبل أن يجف الحبر على الورق، اذا كان يمكن استخدام هذا الشعار المعروف، رفع النائب ليبرمان يده، واقسم يمين الولاء للدولة وتحول الى وزير الامن في حكومة نتنياهو. والأمر الوحيد الذي احضره معه الى الوزارة، بعد ان ودع غالبية تصريحاته المثيرة، كان دعمه العلني لأليؤور ازاريا، حيث قال في البداية انه يجب إطلاق سراحه – رغم التهم الخطيرة. ويجب ان نقول لصالح ليبرمان انه تخلى عن تصريحه هذا بعد صدور قرار الحكم، حيث قال انه يجب احترام قرار القضاة.
لقد ترافق تسلمه لمنصبه بدهشة ليست صغيرة ومع كثير من المخارف، ان لم نقل الأمر بشكل اكثر فظاظة. فيل في حانوت الخزف، قال ضابط رفيع بعد فترة قصيرة من القرار، وكان في وسائل الاعلام من كتب ان تعيينه وزيرا للأمن يشبه تعيين آل كابونا لمنصب وزير القضاء الامريكي. الا ان ليبرمان، كما يجيد ليبرمان وحده العمل، فاجأنا. فبعد سنة من التعيين، لم يتبين فقط ان اسماعيل هنية لا يزال حيا ويتنفس في مدينته غزة، بل ان الكثير من تصريحات ليبرمان المتشددة ذابت وتم شطفها.
بعد شهر وعدة أيام من تسلمه لمنصبه، رست بهدوء وبأمان "ليدي ليلى"، سفينة المساعدات التركية، في اشدود. لا شيء يذكر بقضية "مرمرة". وتم تفريغ الاف الاطنان من المساعدات الانسانية ونقلها الى القطاع.
لقد اتفق ليبرمان على ميزانية الامن مع وزير المالية موشيه كحلون، من خلال تجاوز الطقوس الثابتة – نقاط لأحذية الرياضة من جهة، واغلاق الوية في الجيش من جهة اخرى. واتخذ القرار المتعلق بتمديد ولاية رئيس الاركان غادي ايزنكوت لسنة رابعة، بدون ضجة واجراس، ومن دون اهانته، كما حدث مع سابقيه. وقد فعل ذلك في كانون الثاني 2017، قبل شهر من مرور عامين على تعيين ايزنكوت، وقبل دخول الأخير الى المستشفى لإجراء عملية لإزالة ورم سرطاني. كما صادق ليبرمان على تعيينات، كان اولها تعيين الجنرال افيف كوخابي نائبا لرئيس الاركان – من خلال ادنى حد من التدخل في توصيات رئيس الاركان.
وانهى قضية الحاخام يغئال ليفنشتاين، من كلية "بني دافيد" العسكرية في عيلي، بضربة سيف واحدة، وفعل ما لم يفعله احد قبله، حيث اقال الحاخام بعد كشف الموعظة المستفزة التي حدد فيها بأن المتدينات اللواتي يتجندن للجيش "يدخلن يهوديات ولن تكن يهوديات في النهاية". وحسب ما يقولونه في مكتبه، فقد اظهر ليبرمان اهتماما بقضايا اجتماعية هامشية نسبيا – الجنود المسرحين، تجنيد المتدينين المتزمتين والمسيحيين. بالإضافة الى ذلك حافظ على هدوء نسبي في الضفة وغزة، خلافا لتصريحاته المتحمسة في ماضيه. وهذا مثال آخر على التحديد المعروف بأن ما نراه من هنا، لا نراه من هناك، والعكس.

ولكن، بين هذا وذاك، من وراء الابواب، في برجي الكرياه، تعلو احيانا تساؤلات صغيرة، او اذا شئتم، قلق معين، من مفاجآت ليبرمانية. وكما كتبت ليئة غولدبرغ الرائعة: "كنت امس في بيت العمة/ قلت "مرحبا" وقلت "شكرا"/ قلت "عفوا" و "من فضلك"/ ولا اعرف كيف حدث هذا/ فجأة هاجمني الولد الشرير/ وقلت: "انت غبية"!.. اذهب من هنا!" طلبت منه/ لكنه التصق والتصق!/ ربما حين اكبر – سيتركني ويقضى عليه؟". او بكلمات اخرى: هل وزير الأمن ليبرمان هو الصيغة الجديدة، ام انه سيعود ويطل بصورة "الولد الشرير"؟
أحدث أقدم