Adbox
ربما يستغرب البعض عندما يرون صورًا لحاخامات يرفعون العلم الفلسطيني ويقفون ضد جرائم الكيان الصهيوني، ولكن لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، فبعضهم يكرهون الصهيونية حتى أنهم يرفضون التعامل مع الحكومة الإسرائيلية، يقاطعون الانتخابات ويمتنعون عن دفع الضرائب ويرفضون حتى أموال المساعدات من الضمان الاجتماعي، يطلق على تلك الجماعة اسم "ناطوري كارتا".

تم تأسيس حركة ناطوري كارتا - والتي تعني "حراس المدينة" باللغة الآرامية -  في مدينة القدس عام 1935 أي قبل احتلال الأراضي الفلسطينية بـ 10 أعوام، وهي حركة يهودية أرثودكسية نشأت لمناهضة الحركة الصهيونية التي استطاعت أن تنتشر بين اليهود الفلسطينيين آنذاك ولا زالت حتى الآن تعادي دولة إسرائيل المزعومة.

وعلى مدار السنين، هاجر العديد من نشطاء ناطوري كارتا إلى عدة مدن وخاصة لندن، ونيويورك لعدة أسباب تتضمن رفضهم للتعامل مع الحكومة الصهيونية غير الشرعية، أو نفيهم من قِبل الحكومة لرفضهم التعامل معها، أو بسبب المضايقات الأمنية والتعذيب الذي يتعرض له أعضاء الحركة وأسرهم من قِبل الجنود الصهاينة.

 أدى ذلك إلى انتشار الحركة في مدينتي لندن ونيويورك وإنشاء المؤسسات التثقيفية ودور النشر والمنظمات التابعة للحركة ومن أشهرها منظمة "أصدقاء القدس" في نيويورك.

يقول الحاخام دوفيد فيلدمان (أحد نشطاء الحركة) في لقاء تليفزيوني له عام  2012 أن من أهم أدوار الحركة حاليًا هو تقديم المعرفة لليهود لمساعدتهم على فهم معتقداتهم وفلسفتهم بشكل صحيح، كما يري أن عدد المتأثرين بالحركة يزداد عامًا بعد عام، حتى أن بعض اليهود الذين اعتنقوا المبادئ الصهيونية بدأوا يدركون الحقيقة خصوصًا بعدما أصبح واضحًا أن وعود الحركة الصهيونية بحياة آمنة لن تتحقق.

تقوم معاداة حركة ناطوري كارتا للمبادئ الصهيونية على معتقدهم بأن استخدام القوة لاستعادة الأرض المقدسة قبل عودة المسيح مخالف لإرادة الله بناءً على التلمود البابلي، كما أنه محرم عليهم أن يثوروا على الدول غير اليهودية وأن يبقوا مواطنين أوفياء في فترة المنفى التي كتبها الله عليهم، كما يرفضون ممارسات الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين لاعتقادهم أنه محرم علي اليهود أن يسودوا أو يقتلوا أو يؤذوا أو يذلوا أقوامًا آخريين.

وبهذا الشأن تحدث الحاخام دوفيد وايس، المتحدث الرسمي باسم حركة ناطوري كارتا، في لقاء تليفيزيوني أجراه عام 2002 حينما سئل عن الحركة الصهيونية حيث قال: "إن التوراة تقول إن الجيش اليهودي أُعطي أرضًا ومن يرتكب الخطيئة يُخرج من الأرض، وكتب الأنبياء تقول بكل صراحة إننا طردنا بسبب خطيئتنا من تلك الأرض، كل يهودي يعرف ويعترف بذلك، اليهود قبلوا بهذا العقاب من الله، وقبلوا أن يعيشوا بين الأمم بسلام وباحترام القانون في كل بلد يقيمون فيه، حتى جاءت الصهيونية التي تركت الديانة اليهودية التي تتبع التوراة، فمؤسسو الحركة الصهيونية لم يكونوا متدينيين بل قاموا بتحويل اليهودية من دين روحي قدسي إلى حركة وطنية علمانية، كيان علماني، أن نقيم دولة ونحمي أنفسنا ولا يزعجنا أحد، هذه بالنسبة إلينا كفر ضد الله".

وعليه تحرم حركة الناطوري كارتا أي نوع من أنواع التعامل مع حكومة الكيان الصهيوني، فالمقيمون في القدس من أعضاء الحركة يقاطعون الانتخابات ويرفضون جميع أنواع المساعدات والدعم، حتى أن بعضهم يرفضون التعامل بالعملة الإسرائيلية "الشيكل الإسرائيلي"، كما أنهم يصلون يوميًا لإنهاء وتفكيك دولة إسرائيل بشكل هادئ وسلمي لأن كل ما يقف في وجه التوراة يجب أن ينتهي عاجلاً أو آجلاً.

حسب المتحدث الرسمي للحركة الحاخام دوفيد وايس عدد المنضمين للحركة يعد بالآلاف، بينما يصل عدد المؤيدين لها حول العالم مئات الآلاف، وبحسب مصادر أخرى فإن عدد المنتمين للحركة داخل القدس والأراضي المحتلة يصل إلى الـ 5000 عضو.

أما عن أنشطتهم فبحسب الموقع الخاص بالحركة تتضمن تنظيم العديد من المظاهرات المناهضة للاحتلال في عدة مدن مثل: القدس، لندن، تورونتو، بروكلين، نيويورك.. إلخ، بالإضافة إلى تنظيم الندوات والمؤتمرات وإصدار الخطابات المفتوحة الموجهة للأمم المتحدة وبعض المنظمات والحكومات بجانب المؤسسات التابعة لهم كدور النشر التي تصدر كتبًا بعدة لغات عن حقيقة اليهودية والصهيونية، والمؤسسات التعليمية المختلفة والموجودة في عدة مدن.

أحدث أقدم