Adbox
مركز عبدالله الحوراني للدراسات والتوثيق /م.ت.ف – يصادف التاسع والعشرين من شهر تشرين ثاني/نوفمبر ذكرى قرار تقسيم فلسطين عام 1947، واليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني عام 1977، والاعتراف الاممي بفلسطين كدولة مراقب في الامم المتحدة عام 2012، كذلك صادف هذا التاريخ وفاة القائد والمفكر الفلسطيني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عبدالله الحوراني "مؤسس المركز" ، وبهذه المناسبة اصدر مركز عبدالله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية "تقريراُ خاصاً "عن هذه المناسبات الهامة في التاريخ الفلسطيني،
وجاء فيه ..
بتاريخ 29/11/1947 صدر قرار رقم 181 (د-2) عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما عرف بقرار "تقسيم فلسطين" الذي تتضمن إقامة دولة يهودية على مساحة 54% من مجموع مساحة فلسطين البالغة (27027كم2 ) ، ودولة عربية على مساحة تقدر 44% ، فيما وضعت مدينتا القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية لأسباب دينية ، وهذا يتعارض مع عدد السكان، فقرار التقسيم تعامل مع الوجود اليهودي كأغلبية بينما العرب هم الاقلية، وهذا يؤكد ما جاء في وعد بلفور.
عملت الحركة الصهيونية بكل ثقلها وعلاقاتها آنذاك الى تأمين ثلثي الاصوات لإقرار خطة التقسيم  لما تتضمنه من تحقيق المصالح الصهيونية وهو حلم الدولة اليهودية على ارض فلسطين "ارض الميعاد" ، التي كانت الهدف الاسمى لهم منذ مؤتمر بازل عام "1897م" ، حتى وأن لم يحقق كامل الحلم فقرار التقسيم كان بداية طريق النجاح ، وقد شارك بالتصويت (56) دولة من اصل (57) ، حيث أمتنعت بريطانيا عن المشاركة في التصويت لصالح القرار بحجة ابقاء فلسطين تحت نظام الانتداب ، وقد صوت لصالح القرار 33 دولة وعارضته 13 دولة وأمتنعت 10 دول عن التصويت ، فيما رفض العرب القرار بالاجماع، بأعتباره ينفذ وعد بلفور ويتعارض مع مبادئ حق تقرير المصير للشعوب الواقعه تحت الاحتلال.
 وبذلك أختار العرب المواجهة العسكرية مع العصابات الصهيونية ، وفتحوا مراكز التطوع والتدريب في سوريا ولبنان والاردن ، واتخذوا قراراً بتشكيل جيش الانقاذ بقيادة الضابط السوري فوزي القاوقجي ، وتخصيص مبلغ مليون جنيه لدعم فلسطين وجيش الانقاذ الذي جاء لينقذها بتعداد قوامه لا يتعدى 10 آلاف جندي ، في الوقت الذي جهل به العرب قدرات العصابات الصهيونية ومدى تسليحها ، وبلغ عدد أفراد هذه – العصابات – قرابة 70 ألف مقاتل أي سبعة أضعاف جيش الانقاذ ، بالاضافة الى أقتنائه احدث انواع الاسلحة الموجودة آنذاك والقادمة من مخازن الجيش البريطاني في فلسطين والتي تركتها للعصابات الصهيونية ، بالاضافة الى سفن الاسلحة التي قدمت من اوروبا الشرقية والولايات المتحدة ، وفي مذكرات كتبها احد الجنود الاردنيين الذين شاركوا في حرب 48 حيث قال " أن الذخيرة التي كانت لدينا لم تكن تكفي لاحياء عرس في البادية الاردنية لمدة 3 أيام " ، وهذا يظهر بشكل واضح مدى الاستهتار بالمهمة التي كلفوا بها وعدم أدراكهم لحجم المشكلة المكلفين بانهائها .
وأمام هذا التفوق الكبير لم يستطع جيش الانقاذ أن ينقذ نفسه من الفخ الذي نصبه لنفسه ، بفعل عدم أدراك حجم المعضله التي نسجتها بريطانيا طيلة سنوات إحتلالها لفلسطين ، والتي عملت على تسمين اليهود في فلسطين عسكرياً ، وقدمت لهم كل ما يلزم من دعم مادي ومعنوي ، للوصول الى اللحظة التي يستطيع بها اليهود الدفاع عن انفسهم في الارض التي أغتصبوها عنوة في حال رغبت بريطانيا الانسحاب من فلسطين
يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني .. الجرح ما زال ينزف
تحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر أو نحو ذلك من كل عام، وفقا للولايات المخولة من الجمعية العامة في قراريها 32/40 باء المؤرخ 2 كانون الأول/ ديسمبر 1977، و 34/65 دال المؤرخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1979، والقرارات اللاحقة التي اتخذتها الجمعية العامة بشأن قضية فلسطين.
 والذي يتصادف مع قرار تقسيم فلسطين في نفس اليوم ، ويمثل هذا اليوم فرصة لمعرفة ان ما تمخض عنه قرار التقسيم هو نشوء دولة واحدة هي دولة "اسرائيل" بعد 6 أشهر من صدور قرار التقسيم ولكن بزيادة بلغت 23% عن مساحة الدولة المخصصه لهم في قرار التقسيم ، فيما دولة فلسطين الشق الثاني من القرار لم يكتب لها الحياة حتى اليوم ، ولم يحصل الشعب الفلسطيني الذي يتواجد نصفه في دول الشتات على حقه في تقرير مصيره والحصول على دولة مستقله بعيدا عن التدخلات الخارجية ، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أُبعِدوا عنها.
ويتخلل هذا اليوم دعوة الامين العام للأمم المتحده الى عقد جلسة خاصة في الجمعية العامة تتعلق بفلسطين واتخاذ عدة قرارات لصالحها بالاضافة الى ألقاء كلمة من رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، بالاضافة الى عقد ندوات وحوارات وتوزيع مواد دعائية وعرض افلام وثائقية عن فلسطين في شتى دول العالم ، ورغم حجم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني الا ان غطرسة الاحتلال وعنجهيته في السيطرة على الارض ومواصلة الاستيطان وتجاهله لعشرات القرارات الدولية التي تؤكد على حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني ، يبقي هذا التضامن في اطار البكاء المستمر وجلد الذات لما لحق من الشعب الفلسطيني من ويلات منذ عام 1948م وحتى يومنا هذا ، فلم تعد المواقف والتاييد يكفي فالتحرك الاسرائيلي على الارض يجب ان يقابله تحرك على الارض في الجهة المقابله .
ورغم رمزية هذا اليوم تسعى اسرائيل في كل عام إلى عرقلة الاحتفال به ومنع اتخاذ اي قرار لصالح الشعب الفلسطيني ، وأن كان لا يؤثر على مشاريعها الاستعمارية والاستيطانية ، وهذا يظهر بشكل واضح على الدعم الذي تتلقاه دولة الاحتلال من راعيها الاول وهي الولايات المتحده الامريكية ، التي لا تؤول جهدا في اظهار الدعم لدولة الاحتلال في المحافل الدولية وتقديم الغطاء السياسي والعسكري لها بغية تحقيق مصالحها وأستمراريتها في آن معا ، وكان آخرها وليست الأخيرة اعلان قرار انسحابها من منظمة اليونسكو إحتجاجا على قراراتها لصالح القضية الفلسطينية ، على الرغم انها حبراً على ورق ، وتسعى الولايات المتحده الامريكية حاليا الى حشد التأييد العالمي والاقليمي لما اسمته ب"صفقة القرن" التي لا يعرف تفاصيلها حتى الان، ولكن المؤكد انها تقدما حلاً مغايراً للقضية الفلسطينية لا يستند على اسس الحل التاريخية وقرارات الشرعية الدولية، ويتصادف ذلك الحديث بعد مرور 50 عاماَ على أصدار قرار الامم المتحده رقم "242" الذي يمثل أساسا لحل الصراع العربي – الاسرائيلي، والذي فقد قيمته المعنوية بفعل رفض اسرائيل تطبيقه على ارض الواقع ، فأصرار أسرائيل على البقاء في غور الاردن والابقاء على التجمعات الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية والقدس يقتل فكرة الدولة الفلسطينية ذات التواصل الجغرافي الداخلي والخارجي، ويدمر اي فرصة لأنجاح عملية السلام المتوقفه اصلاً ، وما تقوم به أسرائيل هو امتداد لقرار التقسيم فهي تريد حاليا تقسيم المقسم وتجزئته ، بعد ان ابتلعت الارض وحولتها الى معازل وكنتونات بواسطة المستوطنات والطرق الالتفافية  والحواجز والجدران وغيرها من الاساليب العنصرية التي تبتكرها كل لحظه .

الامم المتحده .. قرارات بلا تطبيق
بتاريخ 29/11/2012 تقدمت القيادة الفلسطينية بطلب الى الجمعية العامة التابعه للا مم المتحده للحصول على دولة بصفة مراقب ، بعد فشل مبادرة فلسطين 194 في جعل فلسطين دولة عضو في الأمم المتحدة عبر التصويت في مجلس الأمن، حيث صوت لصالح القرار 8 دول من 15 (أقل بصوت واحد من المطلوب (يوم 29 نوفمبر، الذي اعترفت فيه الأمم المتحدة بدولة إسرائيل ، وقد نال طلب فلسطين اغلبية الاصوات بواقع 138 دولة أيدت القرار و9 دول عارضته وامتنعت 41 دولة عن التصويت ، وقد اصبحت فلسطين نتيجة لذلك دولة تحت الاحتلال وليست كيان او سلطة ، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67/19 .
واليوم وبعد 5 أعوام من ذلك  الاعتراف لم يتغير شئ على ارض الواقع ، فجرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين تضاعفت ،  فالبناء الاستيطاني تزايد بنسب لم يسبق لها مثيل منذ توقيع اتفاق اوسلوا ، وتضاعفت عمليات التهجير وهدم البيوت والمنشات الفلسطينية خاصة في مدينة القدس ، بالاضافة الى القتل الممنهج الذي يمارسه جيش الاحتلال ومستوطنيه ، من أحراق الطفل محمد أبو خضير إلى حرق عائلة دوابشه الى سياسة الاعدامات الميدانية على الحواجز .
 لم تدفع كل هذه الجرائم الامم المتحده الى تحمل مسؤولياتها المنوطه بها، خاصة ان هذه الجرائم تخالف مبادئ حقوق الانسان وقواعد القانون الدولي كون فلسطين أقليم محتل، وأكتفت الامم المتحده باصدار قرارات ضعيفة شبيهه بالشجب و الاستنكار دون تحرك فعلي لنطبيق هذه القرارات  .
وامام هذه الجرائم المستمره تسعى القيادة الفلسطينية الى تحويل ملف جرائم الاحتلال ومستوطنيه الى محكمة الجنايات الدولية باعتبارها جرائم حرب ، ونقل القضية الى المحافل الدولية ، مما عرضها لضغوط مختلفة منها تهديد الولايات المتحده الامريكية بالغاء ترخيص بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن في حال اقدمت القيادة الفلسطينية على هذه  الخطوات ، وامام العنجهيه والصلف الصهيوني وصمت المجتمع الدولي، تبقى القضية الفلسطينية تراوح مكانها لصالح قضايا طارئه في المنطقة تتمثل بمحاربة الارهاب وداعش وغيرها من القضايا التي تهم الدول العظمى ومصالحها في منطقة الشرق الاوسط .
المصالحة الفلسطينية .. الطريق الناجح والاقصر
بدأت المصالحه الفلسطينية الشامله تخطو خطوات متقدمة نحو الوصول الى اتفاق شامل ينهي حالة الانقسام التي استمرت 11 عاما من الضياع والتيه ،الا ان صدق النوايا  والارادة الصادقة لدى كافة الاطراف تؤشر ان المصالحه ماضيه الى الامام رغم كل المعوقات التي تعترض طريقها ، خاصة أن سنوات الانقسام البائده خلفت كثير من الملفات والقضايا التي تحتاج الى وقت لحلها .

وأمام ذلك لا يوجد خيار امام الشعب الفلسطيني وقيادته سوى إنجاح المصالحه الفلسطينية ، والعمل على توحيد الصف الوطني والاتفاق على برنامج سياسي شامل وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية لتكون اكثر فاعلية وتاثيرا وتنظيما كونها الاطار الشرعي الوحيد الذي يمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ، والوصول الى هذا الهدف سيمكن القيادة الفلسطينية من مواجهة التحديات القادمة وهي تقف على ارضية صلبه سواء بالرفض او بالقبول ، وهذا يذكرنا بما فعله الرئيس الراحل ياسر عرفات عند عودته من مفاوضات "كامب ديفيد" بعد رفض المقترحات الامريكية ، فرفضه هذا كان يستند باساسه على الالتفاف الشعبي حول القيادة بكافة مكوناتها واطيافها ، فالوحدة الوطنية الشامله ستعيد البوصله التائهه نحو القضية الفلسطينية من جديد، وستذكر كل العرب أن قضيتهم الاولى والاخيرة هي فلسطين ، وما يجري في الوطن العربي حاليا هي معارك جانبية مخطط لها هدفها حرف الانظار عن فلسطين ، وأن المستفيد الاكبر منها هو أسرائيل التي استغلت تلك الاحداث لتنفيذ ما هو مخطط له مسبقا .
أحدث أقدم