Adbox
الايام- شهدت السنوات الثلاثة الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في نسب تشوهات الأجنة في المناطق الشرقية لقطاع غزة، والتي كانت تعرضت لعمليات قصف واسعة من خلال اعتداءات الاحتلال المتكررة التي شهدها قطاع غزة مؤخراً.
وربط أطباء ومختصون تشوهات الأجنة باستخدام إسرائيل أسلحة محرمة دولياً خلال اعتداءاتها، لافتين إلى أن عدوان العام 2014 شهد إطلاق 60 ألف قذيفة مدفعية وآلاف الصواريخ والقنابل من الطائرات.
ويشير اختصاصي طب النساء والجنين
ويقول الدكتور أكرم جمعة،، ومدير أحد المراكز الطبية جنوب القطاع: إنه لاحظ أن ما بين 60-70% من النساء الحوامل تعرضن للإجهاض خلال فترة الحرب التي استمرت 51 يوماً، وهذا كان بداية لاستشعاره بالمشكلة.
وأوضح جمعة أن المشكلة تطورت لاحقاً، فخلال العام 2015، بدأت تتزايد حالات تشوهات للأجنة كماً ونوعاً، مشيراً إلى لاحظ تشوهات جديدة وخطيرة لم يكن قد رآها من قبل، أبرزها نوع نادر من تشوهات الدماغ يسمى (الاستسقاء)، ونوع آخر يطلق عليه فتاق العصعص، والأخير شديد الخطورة، قد يؤدي لوفاة الجنين بعد فترة من الولادة.
وبين أن هذا تزامن مع وجود تشوهات أخرى مثل تشوهات الرأس، والأطراف المعروف بـ"حدوة الحصان"، أو نقص الأطراف، وهو تشوه شائع، إضافة إلى تشوهات أخرى.
وبين جمعة أن معظم التشوهات لوحظت في المناطق الشرقية التي كانت تعرضت لإطلاق آلاف القذائف والصواريخ، داعياً إلى إجراء دراسات مستفيضة، وإنشاء مراكز متخصصة.
ووفق دراسات أصدرتها وزارة الصحة بغزة، فقد كانت نسبة تشوهات الأجنة قبل العام 2006 ثابتة وتتماشى مع النسب العالمية، أي نحو 40 حالة لكل ألف مولود، لكنها ارتفعت بعد العام 2010 بنحو 50%، فأصبحت نحو 63 حالة تشوه لكل 1000 مولود، ثم حدثت زيادة أخرى في بعد عدوان 2012، وزيادة أكبر بعد العام 2014، حيث اقتربت الأرقام من 100 حالة تشوه لكل ألف مولود.
يقول المواطن أسامة عيد، إن منزل عائلته تعرض لإطلاق قذائف مدفعية، خلال عدوان 2014، قبل زواجه بشهرين، وحين تزوج أنجب طفلاً يعاني تشوهات في منطقة البطن، ومنذ مدة يجري مراجعات لأطباء، الذين اخبروه أن نجله بحاجة لعملية، لإعادة جزء من الأمعاء موجودة خارج البطن، في كيس من الجلد، لكن هذا لن يحدث قبل أن يصبح عمره عامين على الأقل.
وأشار عيد إلى أن شقيقه الذي تزوج بعده بعام، أنجب طفلة تعاني تشوهات، وعاشت لساعات بعد الولادة قبل أن تفارق الحياة، مرجحاً أن يكون ما حدث معه ومع شقيقه بسبب القذائف التي سقطت بجوار منزلهم.
أما الشاب ياسين موسى، والذي سقطت قذيفة على منزله، فأشار إلى أن زوجته أجهضت مولدهما الأول نتيجة تشوهات كبيرة، ما دفعه إلى بيع البيت الذي كان يقطن فيه، وشراء بيت آخر بعيد عن مناطق الغارات، وبعد ذلك أنجب طفلة سليمة.
وأشار موسى إلى أنه يعرف أكثر من صديق وقريب يقطنون مناطق تعرضت للقصف، ومعظمهم إما أنجبوا أطفالا بهم تشوهات، أو أجهضت زوجاتهم قبل الولادة، كما لاحظ وجود تشوهات حتى في الحيوانات.
أما المواطنة أم محمد عبد الله، وتقطن شرق مدينة رفح، وكانت اصطحبت طفلتها للعلاج في أحد مراكز الرعاية الأولية، فأوضحت أن الطفلة التي تبلغ من العمر عاماً ونصف العام، ولدت وهي تعاني نقصاُ في الأطراف السفلية، وهذا حرمها من المشي.
وأكدت عبد الله أن المنطقة التي تقطن فيها تعرضت لعشرات القذائف والصواريخ والشظايا، معبرة عن اعتقادها أن التشوه الذي أصاب ابنتها نجم عن ذلك، خاصة أنها أنجبت أربعة من الأطفال لا يعانون أي تشوهات أو مشاكل.
وأجريت بعد الحرب الأولى على قطاع غزة في عامي (2008 و2009) دراسة هامة، نشرت في المجلة العلمية "International Journal of Environment Research and Public Health"، وأجراها الباحثون باولا ماندوكا من جامعة "جِنوفا" في إيطاليا، وعوني نعيم من غزة، وسيمونا سينيوريلو من جامعة "نابولي الثانية"، أثبتت أن هناك رابطا وثيقا بين التعرض لمعادن الأسلحة التي استخدمت في قطاع غزة، وارتفاع نسبة العيوب الخلقية والولادات المبكرة في غزة.
وركزت الدراسة على تحليل عينات شعر من حديثي الولادة وقياس نسبة المعادن التي تحتويها، حيث تم جمع العينات من 48 طفلاً حديث الولادة يعانون عيوباً خلقية، ومن تسعة أطفال خدج لا يظهرون عيوباً خلقية، ومن 12 طفلاً معافى.

وكشفت النتائج عن أن ما نسبته (27 %) من أهالي الأطفال، الذين يظهرون عيوباً خلقية، تعرضوا لقنابل الفسفور الأبيض، بينما تعرضت نسبة ( 1.7 %) من أهالي الأطفال المعافين إلى تلك القنابل.
أحدث أقدم