Adbox
جريدة القدس، العدد 17363، صفحة14- حديث القدس/ من الواضح للقاصي والداني ان القضية الفلسطينية في ضوء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، والعمل على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى المدينة، تمر في أصعب وأدق المراحل على مدى سني النضال الوطني الفلسطيني.
فهذا القرار الذي يكشف عن جوهر صفقة القرن والتساوق الأميركي مع الاحتلال الإسرائيلي هو مقدمة لمحاولات الادارة الأميركية التي يربطها بدولة الاحتلال تحالف استراتيجي، بل تطابق في وجهات النظر، لتصفية القضية الفلسطينية وفي أحسن الأحوال تقزيم حقوق شعبنا الوطنية وجعلها مجرد "حقوق" إنسان أو أدنى من ذلك بقليل خاصة وان الاحتلال الإسرائيلي وصل إلى مرحلة التفرقة العنصرية من خلال ممارساته وانتهاكاته اليومية لشعبنا وأرضه ومقدساته وخيرات بلاده .. الخ من انتهاكات ترتق لمستوى جرائم الحرب التي يحاسب عليها القانون الدولي ومحكمة الجنايات الدولية.
وانطلاقا من هذا التوصيف فإن من الواجب بل من الضروري أن يتم ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني ليكون بمقدوره التصدي لهذه المخاطر والمؤامرات التصفوية القادمة خاصة في ضوء ردود الفعل العربية والإسلامية الرسمية الباهتة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع.
صحيح أن العالم قاطبة ضد قرار الرئيس ترامب، وان أميركا ومعها دولة الاحتلال أصبحتا في شبه عزلة دولية، إلا أن هذا لا يعني بقاء البيت الفلسطيني دون ترتيب، فالعامل الذاتي الفلسطيني هو الأساس في إحباط المؤمرات التصفوية والسير بقضية شعبنا الوطنية إلى شاطىء الأمان وإنقاذها من الأمواج العاتية التي تحيط بها من كل حدب وصوب.
ونعني بترتيب البيت الداخلي الفلسطيني العمل قبل كل شيء على الإسراع في عملية المصالحة الوطنية من خلال اتخاذ خطوات عملية على الأرض تعيد للمواطن الفلسطيني ثقته بقيادته وكافة فصائل العمل الوطني والإسلامي بعد أن فقدت بعض هذه الثقة بسبب الانقسام والخطوات البطيئة التي تسير بها المصالحة الوطنية.
وقد كان من الضروري، بل الضرورة القسوى أن يتم الإعلان عن وصول المصالحة إلى نهايتها بمجرد أن اعلن ترامب عن اعتراف إدارته بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وانه أوعز للمسؤولين الأميركيين بالعمل على نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس.
فليس من المعقول ان تستمر خطوات المصالحة بهذه الصورة البطيئة، خاصة وان شعبنا هو الذي يتصدى لقرار ترامب ولانتهاكات الاحتلال.
صحيح أن شعبنا في المواجهات موحد أي أن هناك وحدة ميدانية على الأرض لأبناء شعبنا المناهضين للقرار التصفوي، إلا أن ذلك يجب أن يرافقه وحدة وطنية على مستوى القيادة، إلى جانب إجراءات أخرى، كالاتفاق على برنامج نضالي موحد بموافقة كافة ألوان الطيف السياسي، لتكون خطوات المواجهة موحدة ومتفق عليها، أما أن تستمر المواجهات بطريقة عشوائية ودون قيادة توجه أبناء شعبنا وتساندهم من خلال التحرك سياسيا ودبلوماسيا على أعلى المستويات خاصة ضرورة اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة الاحتلال وإدارة ترامب على خرقهما المتواصل للقوانين والقرارات الدولية، ضاربين بعرض الحائط بهذه القرارات خاصة القرار ٢٣٣٢ الذي لم يمض على اتخاذه من قبل مجلس الآمن إلا سنة واحدة فقط.
ومن الضروري أيضا رفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها أبناء شعبنا هناك جراء الحصار الظالم الذي تفرضه سلطات الاحتلال عليهم منذ حوالي ١١ عاما، والذي كان آخر هذه الانتهاكات والإجراء الجديد هو تقليص مساحة الصيد في بحر غزة إلى ستة أميال بدلاً من ١٢ ميلاً المعمول بها.

إن الجميع يدرك بأن الوحدة الوطنية هي أساس تحقيق الانتصارات وإلحاق الهزيمة بالمشاريع التصفوية. من هنا لابد من تحقيق هذه الوحدة وتجسيدها على أرض الواقع ليتسنى قيادة شعبنا نحو تحقيق أهدافه الوطنية كاملة غير منقوصة.
أحدث أقدم