Adbox
كلمة زهيرة كمال الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) في اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية المنعقد في (رام الله 14-15/01/2018م)
 
سيادة الرئيس محمود عباس " أبو مازن " رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التحرير، رئيس دولة فلسطين.

الأخ/ سليم الزعنون "أبو الأديب " رئيس المجلس الوطني الفلسطيني

الأخوات والأخوة، رفيقات ورفاق درب الحرية والاستقلال الوطني

بدايةً، اسمحوا لي أن أتقدم إليكم باسم المكتب السياسي واللجنة المركزية وكوادر وأعضاء حزب (فدا) بخالص التهنئة بمناسبة الذكرى الثالثة والخمسون لانطلاقة الثورة الفلسطينية والعام الجديد والأعياد المجيدة، متمنين أن يكون هذا العام، عام خير وانتصارات لشعبنا الفلسطيني وأن يعم الأمن والسلام ربوع العالم بعيداً عن الحروب والقهر والظلم.

الأخوات والأخوة ،الرفاق والرفيقات

ينعقد مجلسنا المركزي اليوم، في ظل ظروف وتحديات كبيرة غير مسبوقة منذ سنوات طويلة، تواجه شعبنا الفلسطيني، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ونقل السفارة الأمريكية إليها وما تلاه من قرارات إسرائيلية، خاصة قرار حزب الليكود بعدم خضوع القدس لمفاوضات الحل النهائي، وقرار الكنيست الإسرائيلي بضم أراضي الضفة وزيادة وتيرة المصادرة والاستيطان، وتهويد القدس، مما يقطع الطريق على حل الدولتين الذي تبنته الإدارات الأمريكية السابقة والمجتمع الدولي. إن الموقف الأمريكي هذا يؤكد من جديد انحيازه المطلق لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وإخراج نفسه من كونه وسيطا لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى طرف في هذا الصراع. وهذا يؤكد على تخلي الإدارة الأميركية عن حل الدولتين، حيث أن ما يجري عمليا هو تصميم الإدارة الأميركية الحالية وإسرائيل على شطب حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، كما أقرتها المواثيق والشرعية الدولية.

إن رد الفعل الفلسطيني الشعبي والرسمي ضد هذا القرار منذ لحظاته الأولى، والجهد الذي بذلته القيادة الفلسطينية في التصدي لقرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل السفارة الأمريكية إليها، دوراً مهماً في تحشيد رأي عام دولي ضد هذا القرار الأمريكي، والذي ظهر جلياً في تصويت مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، مما عكس إجماعاً دولياً ضد هذا القرار وخفف من نتائجه السلبية الآنية.

الأخوة والأخوات،،،

ينعقد مجلسنا المركزي اليوم متأخراً كثيراً عن ما أقر في اجتماع المجلس المركزي الأخير قبل عامين ونصف، والذي أكد على دورية وانتظام عقد جلساته كل ثلاثة أو أربعة أشهر، مما يؤدي إلى ازدحام جدول الأعمال، وقصر الوقتً المخصص للنقاش للخروج باستخلاص وقرارات على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا وخاصة في هذه المرحلة الصعبة جداً والدقيقة.

ورغم ذلك، إذ نقدر عالياً اجتماعات اللجنة السياسية للفصائل والأحزاب. وما قدم خلالها من أوراق عمل، إضافة إلى كلمات الأخوات والأخوة أعضاء مجلسكم الموقر، فإنني سأحاول التطرق إلى بعض القضايا وليس جميعها، والتي نرى أهميتها في هذا المقام، خاصة وأننا ندرك جميعاً، أن الوقت ليس في صالحنا، ونحن نتابع ما يجري في الإقليم من حروب ومخططات تهدف إلى تدمير الكيانات الوطنية، وإعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة، والتي نحن كشعب فلسطيني لسنا بمعزل عنها، والتي أصبح عنوانها ونتائجها معروفة سلفاً بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وهو ما يعني شطب إمكانية إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة.

إننا في الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) نرى أهمية كبيرة لعقد هذه الدورة العادية للمجلس المركزي، ليس فقط لمراجعة تجربة ربع قرن من العمل السياسي الفلسطيني، المستندة إلى اتفاق أوسلو وما تلاه، والخروج بتوصيات وقرارات، لكن الأهم اليوم هو التوقف أمام مرحلة كفاحية جديدة، عنوانها تعزيز صمود شعبنا على أرضه، مستندين إلى عدد من الانتصارات التي حققها شعبنا خلال العام الماضي. ومن أبرزها انتصار أسرانا الأبطال على سجانيهم خلال إضراب العام الماضي، وانتصار شعبنا في انتفاضة القدس في مواجهة القرار الإسرائيلي بوضع البوابات الإلكترونية والكاميرات على أبواب المسجد الأقصى.

إن تحقيق الأهداف الوطنية لشعبنا، وفي مقدمتها تقرير مصيره وبناء استقلاله الوطني الناجز في دولة مستقلة ذات سيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، وتأمين حق اللاجئين في العودة وفق القرار الأممي 194، ما يملي على القيادة الفلسطينية التحرك دون إبطاء، على كافة الاتجاهات المحلية والعربية والدولية والتأكيد على ما يلي:

أولاً: تمكين شعبنا على أرضه وتحصين الجبهة الداخلية:

إن تمكين شعبنا وتعزيز صموده على أرضه هو العنصر الحاسم في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وفي مواجهة المشاريع الأمريكية الإسرائيلية الهادفة إلى شطب قضية شعبنا وإنهاء مشروعنا التحرري. وهذا يتطلب أولا، ضرورة إنجاز عملية المصالحة وتسريع آلياتها، واتخاذ خطوات جدية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وما يتضمنه ذلك، التراجع السريع عن كافة الإجراءات المتخذة بحق شعبنا في قطاع غزة والتي مست كافة مظاهر الحياة الإنسانية. ورغم مرور ثلاثة أشهر على توقيع المصالحة، إلا أن الأمور للأسف تراوح مكانها ولم يلمس الشارع الغزي أي تحسن، وما زال الجدل قائماً عن نسب تمكين الحكومة في غزة والشعب هناك تزداد معاناته وباتت غزة للأسف طاردة لأبنائها بدلاً أن يكون الوطن جاذباً لهم بسبب الحروب المتتالية والبطالة والحصار، وانعدام مقومات الحياة وسبل العيش الكريم بحده الأدنى. وثانيا، تقديم كل أشكال الدعم لتعزيز صمود أهلنا في القدس بما يليق بمكانتها وكفاح أهلها، والعمل أيضاً على وحدة مرجعية المؤسسات المقدسية بعيداً عن تعدد المرجعيات القائمة اليوم. وثالثا، إعادة النظر في السياسات الاقتصادية بما يضمن تعزيز صمود المواطنين ومكافحة الفقر والبطالة، وكذلك تقديم الدعم الكافي للمزارعين في البلدات والمناطق المحاذية للمستوطنات والجدار.

إننا في (فدا) نرى ضرورة أن يتحمل الجميع مسؤولياته في مواجهة الخطر الداهم على شعبنا، عبر الشراكة السياسية الحقيقية التي تعني المشاركة الكاملة للكل الفلسطيني في تحمل القرار السياسي والإداري والمالي، وقرار الحرب والسلم، وذلك عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، وتحضر لانتخابات تشريعية ورئاسية خلال فترة زمنية قريبة متفق عليها، وتحقيق إنجازات لشعبنا وفي مقدمتها نيل حريته واستقلاله وتجسيد دولته المستقلة على أرضه.

ثانياً/ إعادة الاعتبار لدور ومكانة منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها:

إننا نؤكد على ضرورة وأهمية إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في كل أماكن تواجده، وهذا يتطلب عقد مجلس وطني وفق اتفاقية القاهرة للمصالحة الوطنية والموقعة في 04/05/2011م، وحيث أن المنظمة هي بمثابة جبهة وطنية متحدة مجلسها الوطني هو برلمان الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وعليه من الضروري عقد دوره جديدة للمجلس بشكل توافقي يضم كل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية السياسية تمثل فيه حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والمنظمات الشعبية والاجتماعية، والشخصيات الوطنية المستقلة، يؤسس الشراكة السياسية ويعيد اللحمة والوحدة لمكونات شعبنا، ويتم من خلال هذه الدورة التوافق على البرنامج الوطني وآليات وأشكال الكفاح ضد الاحتلال والاستيطان والتهويد والحصار للأرض الفلسطينية، وصياغة إستراتيجية وطنية تؤكد وتدعم وتفعل حقنا في مقاومة المحتل وقطعان مستوطنيه. أن المجلس الوطني هذا، هو لفترة زمنية محددة إلى حين تهيئة الظروف لعقد انتخابات مجلس وطني جديد وفق التمثيل النسبي الكامل.

كما نؤكد على دور منظمة التحرير الفلسطينية، كمرجعية سياسية وتنظيمية، تقود نضال شعبنا ضد الاحتلال الإسرائيلي، ويقع عليها مسؤولية تجسيد الدولة الفلسطينية التي تم الإعلان عنها في نوفمبر 1988، وبحيث تصبح اللجنة التنفيذية هي حكومة الدولة الفلسطينية، ومجلسها الوطني هو برلمانها .

ثالثاً/ إستراتجية وطنية قادرة عل تأمين أوسع اٍلالتفاف جماهيري:

تنطلق هذه الإستراتيجية من كون الشعب الفلسطيني ما زال يخضع للاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته التعسفية منذ خمسين عاما، وأن حكومة اليمين الإسرائيلية ومنذ أكثر من 8 سنوات قد ضربت بعرض الحائط اتفاق أوسلو وقامت بإجراءات عدوانية تؤكد رفضها للسلام وحل الدولتين، عبر مواصلة سياسة التهويد للقدس وزيادة وتيرة مصادرة الأراضي الفلسطينية وتكثيف الاستيطان بشكل لم يسبق له مثيل، ومواصلة شن الحروب التدميرية على قطاع غزة المحاصر منذ سنوات طويلة، ولم تبق من اتفاق أوسلو سوى ما تستفيد منه في مواصلة عدوانها وسن قوانينها العنصرية. فأبقت على التنسيق الأمني وبروتوكول باريس الاقتصادي والتي تعتبر ربحا صافيا لسياستها العدوانية وبذات الوقت تستمر في تدمير كل فرص السلام.

كما أن انعدام أي أفق سياسي للوصول إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر المفاوضات المباشرة التي جربها لما يزيد عن عشرين عاما، وعدم وجود فرصة حقيقية لنجاح ما أطلق عليه صفقة القرن أو الحل الإقليمي في تحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية، فإن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني تملي على القيادة الفلسطينية الشرعية، قيادة منظمة التحرير، أن تؤسس لمرحلة كفاحية جديدة تقوم على ما يلي:

1- دعم وتطوير الهبة الشعبية، ووضع خطة وبرنامج لها لتتحول لانتفاضة شعبية، وبمشاركة الجميع حتى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ونيل حقوقه في الحرية والاستقلال وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

2- ضرورة العمل بأقصى سرعة ودون تأخير لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية كي نوجه رسالة أمل وعزم وثقة لأبناء شعبنا بحتمية الانتصار.

3- سحب الاعتراف بإسرائيل التي لم تعترف حتى الآن بدولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران 1967 ، وتنصلت من التزاماتها تجاه عملية السلام، ورفض أي مفاوضات ثنائية وتحت الرعاية الأميركية حيث أثبتت الولايات المتحدة عدم نزاهتها في رعاية هذه المفاوضات وتحولت إلى طرف في الصراع.

4- تطبيق قرارات المجلس المركزي في دورته الأخيرة 2015 والتي أقرت وقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، ووقف العمل باتفاقية باريس الاقتصادية والتي أجحفت وأضرت باقتصادنا الفلسطيني.

5- تعزيز المكانة القانونية لدولة فلسطين عبر تكرار طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، والتقدم بطلب الانضمام إلى المنظمات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية في الأمم المتحدة.

6- تجسيد دولة فلسطين تحت الاحتلال، والطلب من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تأمين حماية دولية لشعبنا الفلسطيني.

7- ممارسة ضغط دولي على إسرائيل عبر مطالبة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين باتخاذ قرار بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967.

8- إعادة القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة بديلاً عن الاحتكار الأمريكي المعادي لحقوق شعبنا، والدعوة لعقد مؤتمر دولي فاعل لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر بناء شراكة سياسية فاعلة مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين ومجموعة عدم الانحياز والإفريقية والتعاون الإسلامي وكافة الدول المحبة للسلام والمدافعة عن العدالة والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

9- التوجه الفوري إلى محكمة الجنايات الدولية للشروع فورًا في إحالة المسئولين الإسرائيليين ومحاكمتهم عن اقتراف جريمة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي القدس بشكل خاص، خاصة وأنّ التقرير الأولي للمدعي العام للمحكمة قد صدر في بداية شهر كانون أول 2017 وحسم موضوع انطباق القانون الدولي على الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة عام 1967، ما يجعل هذا الاستيطان جريمة يحاسب عليها من اقترفها.

10- تعزيز وتطوير العلاقة مع قوى التضامن الدولي مع شعبنا وحقوقه، للتصدي للسياسة الإسرائيلية والأمريكية التي باتت تعرض المنطقة والسلم العالمي للخطر، وما يتضمنه من استمرار التحركات الشعبية ضد قرار ترامب، وممارسات إسرائيل العنصرية،

11- تعزيز حركة المقاطعة ضد إسرائيل والشركات والهيئات الداعمة للاستعمار والمستعمرات الإسرائيلية، والاستثمار بها، وأن تأخذ المقاطعة طابعا رسميا وآليات عمل رسمية .

12- التأكيد على رفض إعلان الرئيس الأميركي ترامب بالاعتراف في القدس كعاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ووقف كل أشكال العلاقات بين دولة فلسطين والإدارة الأميركية الحالية بما في ذلك سحب ممثلة فلسطين في واشنطن، ومطالبة جميع الدول العربية تنفيذ قرارات القمم العربية التي عقدت في الأعوام 1980، 1990، 2000 والتي دعت الدول العربية إلى قطع كل أشكال العلاقات مع الدول التي تعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وبعد إعلان الرئيس ترامب دعوة الدول العربية لقطع كل أشكال العلاقات مع الإدارة الأميركية الحالية.

وأخيراً، التأكيد على إطلاق الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير في مناطق السلطة الوطنية، كي يكون قادراً على مواجهة المحتل، فمجتمع حر يتوفر له الحياة الكريمة بحدها الأدنى قادر على اجتراع المعجزات والمواجهة، وقادر أيضاً بصموده، أن يحقق الانتصار!

المجد والخلود للشهداء الأبرار، والحرية للمعتقلين، والشفاء للجرحى


الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)
أحدث أقدم