Adbox
بقلم: عاموس هرئيل
جريدة الأيام / رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، سئلا عن التقرير الذي نشرته «هآرتس» حول تحذيرات كبار المسؤولين الأمنيين من ازدياد تدهور البنية الأساسية والظروف الاقتصادية في قطاع غزة. وعرض نتنياهو، خلال زيارته للهند، وليبرمان خلال اجتماع كتلته في الكنيست، خطاً موحداً إلى حد ما.
باختصار، قدم كلاهما ثلاث حجج رئيسية: «حماس»، في إصرارها على مواصلة بناء قوتها العسكرية، هي المسؤولة أساسا عن محنة قطاع غزة؛ من أجل تغيير الظروف والسماح لقطاع غزة بالعيش في ظروف تكون خارجة عن «الاحتفاظ بالرأس فوق سطح الماء»، كما قال وزير الأمن، يجب تسوية مشكلة المواطنين الإسرائيليين وجثث الجنود المفقودين المحتجزين في غزة؛ وعلى المدى الطويل، الأمر الوحيد الذي سيؤدي إلى إنقاذ القطاع من حالته هو ترتيب تجريده من السلاح مقابل إعادة الإعمار.
تصريح ليبرمان بشأن الأسرى والمفقودين يتماشى مع رد الدولة على المحكمة العليا،أول من امس، رداً على التماس قدمته عائلة الملازم هدار غولدين، والذي يقول ان الحكومة قررت في وقت متأخر تنفيذ قراراتها السابقة، ووقف دخول رجال «حماس» وأسرهم إلى إسرائيل لأغراض إنسانية. وبصفة عامة، فإن مسألة المفقودين تطرح الآن بصورة متكررة وبترتيب أعلى من الأولوية في التصريحات الصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين. كما ان الجنرال يواف مردخاي، منسق أعمال الحكومة في «المناطق»، قال خلال مؤتمر غلوبس، الأسبوع الماضي، إن الموافقة على مشاريع البنية التحتية الكبيرة في غزة تعتمد على حل مسألة المفقودين.
ويؤكد نتنياهو وليبرمان مسؤولية «حماس» عن الوضع، وحقيقة أن المنظمة، مثل إيران التي تدعمها اقتصاديا، تفضل تحويل كل دولار متاح لتطوير قدراتها «الإرهابية» بدلاً من الاستثمار في تحسين الاقتصاد وظروف معيشة المواطنين. وهذا التمييز، الصحيح في حد ذاته، يعكس الفجوة القائمة بين الوضع القائم وتفضيل إسرائيل المعلن بشأن إعادة إعمار قطاع غزة مقابل نزع سلاح «حماس».
ومن الناحية العملية، لم تحاول إسرائيل حقا، تحقيق هذا الهدف في اتفاق وقف إطلاق النار في نهاية عملية «الجرف الصامد»، قبل ثلاث سنوات ونصف السنة. ومنذ ذلك الحين لم يتقدم شيء بشأن هذه المسألة. كما رفضت «حماس» بشدة مطالب السلطة الفلسطينية بالتخلي عن أسلحتها بموجب اتفاق المصالحة الذي وقع عليه الجانبان قبل بضعة أشهر.
إسرائيل، لأسباب واضحة، تستغل الآن، لأغراض دبلوماسية، الكشف عن النفق الذي حفرته «حماس» باتجاه أراضيها وأراضي مصر في كرم أبو سالم. أول من امس، أجرى الجيش الإسرائيلي جولة لممثلي السفارات والمنظمات الدولية في المعبر، واكد على عدم المسؤولية الجنونية التي أظهرتها المنظمة في حفر النفق تحت المعبر الذي يعتمد عليه تزويد البضائع لقطاع غزة، وبالقرب من الأنابيب التي تضخ الغاز والوقود الى القطاع. حتى لو لم تخطط «حماس» لتفجير النفق او شن هجوم عبره في الوقت القريب، فقد قامت هنا بخطوة خطيرة، يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها في مواجهتها.
لكن الحجة الإسرائيلية ضد «حماس»، مثل استمرار الاستثمار في بناء العائق المضاد للأنفاق والكشف عن الأنفاق الإضافية، لا يمكن أن تلغي مناقشة مخاطر الكارثة الإنسانية الوشيكة في قطاع غزة. لن يقبل المجتمع الدولي إجابات نتنياهو وليبرمان إذا كانت مياه المجاري تغمر مخيمات اللاجئين والأحياء في هذا الشتاء، وإذا حدث تفشٍ للأوبئة هناك، كما تخشى المستويات المهنية في الجهاز الأمني. حتى مشاكل البنية التحتية الأقل دراماتيكية، مثل المزيد من انقطاع التيار الكهربائي، يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة.

لن تتوقف الأمراض المعدية عند حاجز «إيريز»، ولن تكتشفها أي تكنولوجيا وتدمرها قبل عبورها السياج في كرم أبو سالم وتضر بالمدنيين الإسرائيليين. إن مسألة ما إذا كانت «حماس» ستعود إلى استخدام الأسلحة ضد إسرائيل، في مثل هذه الحالة، ستكون أصغر مشاكلنا. قبل ذلك، قد تواجه إسرائيل تحديات أكثر إلحاحا وصعوبة: كيفية الوقاية من تفشي الأمراض في النقب، وهل يمكن الوقوف على الحياد حين تنهار المستشفيات في غزة، أو عدم قدرة نظام المياه على العمل، وماذا ستفعل إذا ما قامت جماهير المدنيين الفلسطينيين بالهجوم على بوابات السياج وتوسلوا لتقوم إسرائيل بإنقاذهم من أزمة إنسانية بحجم لم نشهده من قبل؟
أحدث أقدم