Adbox

جريدة القدس - حديث القدس/تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس خبرا يثير السخرية مفاده أن إسرائيليين من المقيمين بمحاذاة قطاع غزة يعتزمون التوجه لمحكمة الجنايات الدولية بشأن الطائرات الورقية الحارقة التي يطلقها محتجون في مسيرات العودة على حدود قطاع غزة، والتي أدت إلى احتراق حقول زراعية، متهمين الفلسطينيين بارتكاب ما أسموه «جرائم حرب». والسؤال الذي يطرح هنا هو، إذا كانت محكمة الجنايات الدولية تستند إلى القانون الدولي فان أيّ قضية تنظرها هذه المحكمة يجري التداول فيها بناء على القانون الدولي ونظام المحكمة نفسها، فهل بات هؤلاء يؤمنون بالقانون الدولي كي يلجأوا إلى محكمة الجنايات؟! وإذا كان الأمر كذلك، فهل يدرك هؤلاء سلسلة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه ضد الشعب الفلسطيني؟ ليس فقط من وجهة النظر الفلسطينية، وإنما أيضا من وجهة منظمات حقوقية عالمية بما في ذلك منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية محلية وحتى إسرائيلية أيضا بما فيها مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة «بتسيلم».
ولا ندري بماذا نبدأ والى أين ننتهي في تعداد سلسلة الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي. هل نبدأ بالاحتلال غير المشروع للأراضي الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة؟ أم من بناء المستعمرات على الأراضي الفلسطينية؟ أم من العقوبات الجماعية مثل هدم المنازل وعمليات الحصار والإغلاق التي تطال المدنيين الفلسطينيين؟ أم من سلسلة الجرائم التي يرتكبها المستوطنون ضد المدنيين العزل بما في ذلك جريمة إحراق الطفل محمد أبو خضير حيا، وجريمة إحراق عائلة دوابشة في دوما وجرائم الاعتداء على المدنيين الفلسطينيين والتي راح ضحيتها مدنيون فلسطينيون؟ أو الاعتداء على حقولهم وممتلكاتهم بما في ذلك إحراق الحقوق الفلسطينية واقتلاع الأشجار وتخريب السيارات وإطلاق النار ورشق الحجارة على المنازل الفلسطينية والسيارات الفلسطينية؟
وهل يدرك هؤلاء الإسرائيليون أن إسرائيل ارتكبت انتهاكات جسيمة للقانون الدولي في كل إجراءاتها الخاصة بالقدس العربية المحتلة، من استيطان وتهويد وتضييق على المقدسيين بما في ذلك عمليات الطرد وسحب الهويات؟!
وهل يدرك هؤلاء أيضا أن الحصار الجائر الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة حصد من الأرواح والخسائر المادية عشرات أضعاف ما أحدثته الطائرات الورقية من خسائر لحقولهم؟ وهل يدركون أن استشهاد أكثر من مائة مدني بنيران القوات الإسرائيلية وإصابة الآلاف بجروح بسبب احتجاجهم على الظروف المأساوية التي يعيشونها في سجن كبير وبسبب الاحتلال نفسه، يشكل جريمة كبرى في نظر القانون الدولي والمنظمات الحقوقية؟ هذا عدا عن الحديث عن العدوان العسكري الإسرائيلي المتكرر على القطاع خلال السنوات الماضية وما أسفر عنه من ضحايا مدنيين ومار هائل.
إن ما يجب أن يقال هنا، إن على الإسرائيليين أن يخجلوا من أنفسهم إزاء كل هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وإزاء كل ما ارتكب ولا يزال يرتكب من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الإعدامات الميدانية ومعاملة الأسرى الفلسطينيين وغيره الكثير، وان يدركوا أن الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية ورفض حكوماتهم المتعاقبة تحقيق سلام شامل وعادل، وإمعان الاحتلال في ممارساته العدوانية ضد شعبنا يشكل السبب الرئيس لهذه الدوامة من التوتر والصراع.
والأجدر بهؤلاء الإسرائيليين أن يسألوا حكومتهم اليمينية المتطرفة ورئيس وزرائهم نتنياهو عن الأسباب الحقيقية لتفجر الأوضاع على حدود قطاع غزة وعن الأسباب الحقيقية للتوتر في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة بدل الالتفات إلى أحد الآثار الجانبية لهذا الاحتلال البشع.
وإذا كان هؤلاء الإسرائيليون يؤمنون فعلا بالقانون الدولي والشرعية الدولية، فعليهم أن يدركوا أن على احتلالهم غير المشروع أن ينتهي، وكل الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني منذ عقود يجب أن تتوقف، قبل أن يتباكوا على خسائر مادية لحقولهم ومزروعاتهم.

أحدث أقدم