الكاتب :راسم
عبيدات

واليوم
جاءت هذه العملية في القدس ونحن هنا لسنا بالصدد التحليل للعملية من زاوية المكان
ومكان التنفيذ أو التوقيت لها...فنحن هنا نحتاج الى معطيات دقيقه وحاسمة قد يكون
من السابق لآوانه بناء تحليل عليها. او الغوص فيها ...ولكن بخبرتنا في عقلية
المحتل جزء اساسي من عقليته قائم على نقل الصراع الى داخلنا الفلسطيني...وتذكروا
جيداً الرئيس الراحل ابا عمار كان واحد من المرشحين لنيل جائزة نوبل وعندما رفض
المشروع الأمريكي- الصهيوني للحل أصبح قائداً إرهابياً ويدعم الإرهاب والتخلص منه
سيجلب اللبن والعسل للشعب الفلسطيني ...وها هي بركات لبن وعسل الإحتلال تلمسونها
بمشاريع تصفية للقضية وتفكيك للمشروع الوطني الفلسطيني....ولذلك الإحتلال له
مشاريعه ومخططاته لمدينة القدس والأقصى وللداخل الفلسطيني – 48 -....مشاريع قائمة
على اعتبار ان القدس عاصمة لدولة الإحتلال،بل لكل يهود العالم ولن تقسم او يجري
التخلي عن أية أحياء عربية فيها،بل يجب تعزيز السيطرة عليها وتوسيعها،لتص مساحتها
الى 10% من مساحة الضفة الغربية بضم المزيد من المستوطنات لها من مجمع "غوش
عتصيون" جنوباً على مشارف الخليل وحتى "معاليه ادوميم" شرقاً،وبما
يمنع تحولها لمدينة ثنائية القومية،او يكون فيها اغلبية عربية مستقبلاً،ولكن لا
مانع من اخراج احياء عربية خارج جدار الفصل العنصري مثل كفر عقب عناتا قلنديا
ومخيم شعفاط.
وفيما
يتعلق بالأقصى الإحتلال ماض في إجراءاته وممارساته بحق الأقصى حتى في ظل قرارات
دولية واخرى صادرة عن منظمة " اليونسكو " ولجنة التراث العالمية،والتي
تؤكد على بطلان كل إجراءاته وممارساته بحق الأقصى،باعتباره ارث حضاري وتاريخي
وتراثي عربي اسلامي ومكان مقدس لأتباع الديانة الإسلامية دون غيرهم من أتباع
الديانات الأخرى بما في ذلك حائط البراق....وبالتالي أي اجراء سيتخذ بحق الأقصى
يجب ان يفهم في إطار السياسة الممنهجة والمدروسة التي تتبعها حكومة الإحتلال ضد
الأقصى وليس في إطار ان ما قام وسيقوم به هو ردة فعل وفرتها له ذريعة تنفيذ عملية
هنا او هناك،فالمحتل يتعاطى ويتعامل ضمن استراتيجيات وليس ردات فعل.
تذكروا
جيداً يجري الحديث الآن عن تنفيذ ما يسمى بصفقة "القرن" وليبرمان لديه
مشروع سياسي حول التبادل السكاني والجغرافي،والحديث جرى عن موافقة السلطة على
التبادل الجغرافي،ولذلك ما بعد تنفيذ هذه العملية من قبل ثلاثة شبان فلسطينيين من
منطقة ام الفحم،سيعود طرح هذا المشروع مجدداً بملحاحية كبيرة ،فهناك مخططات تطبخ
للقضية الفلسطينية في غرف مظلمة كثيرة عربية وإقليمية ودولية.
دائماً
الإحتلال سعى ويسعى بأن تكون القضية الفلسطينية هامشية وليس أساس الصراعات في
المنطقة،وظل يعيش الأوهام بأن الظروف المتوفرة له فلسطينيا من حالة ضعف وتشظيٍ
وإنقسام،والحالة العربية المنهارة والداخلة في حروب التدمير الذاتي،وتعطل الإرادة
الدولية والإنحياز الأمريكي الأعمى ستوفر له الفرصة السانحة لرسم مشاريع تصفية
القضية الفلسطينية بعيداً عن خيار حل الدولتين أو المواطنة الكاملة في دولة
واحدة،ولكن يعود ليكتشف بأن ما يحلم به مجرد أوهام،وبأن القضية الفلسطينية عصية
على التصفية والتهميش وستبقى متصدرةً للمشهد العربي والإقليمي والدولي ما دام هناك
صراع وإحتلال قائمين.
الإحتلال
جرب كل أشكال العقوبات الجماعية بحق المقدسيين،والتي بلغت ذروتها برفع قضايا مدنية
من قبل دولة الاحتلال على عائلتي الشهيدين فادي القنبر ومصباح أبو صبيح تطالبهم
فيها بتعويضات تصل عشرات ملايين الشواقل كتعويض عن الجنود والمواطنين الذين قتلوا
او اصيبوا في هاتين العمليتين،وبعد هذه العملية سيستأسد على شعبنا الأعزل في مدينة
القدس،وسيواصل حربه ظاناً ومتوهماً بان المقدسيين سيرفعون الراية البيضاء، سالكاً
نفس الخيار والممارسات القمعية والتنكيلية،دون ان يكلف نفسه إعادة النظر في هذه
الخيارات،التي من شانها فقط صب الزيت على النار والدفع بالأوضاع في المدينة نحو
انفجار أشمل وأعم.
القدس
المحتلة – فلسطين