وفا - على الأرض الساخنة
هناك.. في الساكوت بالأغوار الشمالية، تدور هذه الأيام "معركة" دون
ضجيج، أبطالها مزارعون وفلاحون بسطاء، يواجهون بصدور عارية، مستوطنون مسلحون
بأنياب عنصرية يحاولون وضع اليد على أراضيهم بزراعتها وفرض وقائع بالقوة عليها.
على جبهة الساكوت حيث يحتدم
الصراع.. يعيش المواطنون العُزل و"حراس الأرض" قسوة الحياة جنبا الى جنب
مع بطش الجيش الذي يشكل الحماية و"الدرع الواقي" لمستوطنين يجهدون على
الدوام في التمدد على حساب اراضي المواطنين وممتلكاتهم. ممتلكات وأراض سبق وأن قضت
المحكمة العليا الاسرائيلية، العام الماضي، بإرجاعها لأصحابها الفلسطينيين بعد
سجال طويل في المحاكم الإسرائيلية.
وبحسب إحصاءات قسم
الأغوار في محافظة طوباس، بلغت مساحة الأراضي التي صار بإمكان الفلسطينيين زراعتها
3500 دونم.. لكنهم لم يتمكنوا من زراعتها بسبب إصرار المستوطنين على عدم الخروج منها،
رغم قرار المحكمة بإخلائها لصالح اصحابها الأصلانيين، كما قال مسؤول ملف الأغوار
في محافظة طوباس، معتز بشارات.
منذ ساعات الصباح، تواجد
عدد من الفلسطينيين لزراعة أراضيهم، لكنهم اصطدموا بوجود مستوطنين بجراراتهم
الزراعية يحرثون تلك الأراضي.
يقول محمد دراغمة، وهو
أحد أصحاب تلك الأراضي، "لم نتمكن من زراعة أراضينا منذ عام 1967، حاولنا
خلال سنوات زراعتها لكن المستوطنين طردونا".
ويضيف، "جئنا في
الصباح لزراعتها لكن عاود المستوطنون وتحت حراسة وحماية الجيش منعنا من زراعتها".
وفي الوقت الذي كانت فيه
جرارات مزارعي الساكوت تحرث الأراضي، تواجدت بعض الجرارات التي اقتادها المستوطنون
لحراثتها..، فيما احتشد عشرات من المستوطنين والجنود من جهة، والعشرات من
المزارعين واصحاب الأراضي نمن جهة أخرى وسط حالة من التوتر والمشادات الكلامية
التي انتهت بمصادرة الجنود للبطاقات الشخصية للمزارعين ومحاولة اعتقالهم وترهيبهم.
قال الناشط الحقوقي عارف
دراغمة "سيقوم الاحتلال بتدريباته العسكرية في المنطقة، لأول مرة منذ
ثمانينات القرن الماضي".
والساكوت هو واحد من
الأماكن الفلسطينية التي كانت تدب فيها الحياة حتى نكسة عام 1967، بعد أن استولى
الاحتلال عليها وهجر سكانها منها.
يقول حسين عنبوسي، أحد
مالكي الأراضي "العام الماضي منعنا المستوطنون من زراعتها (...)، طردنا هؤلاء
المستوطنين منها رغم القرار الاسرائيلي".
ويقول بشارات "رغم
القرار الصادر من المحكمة الإسرائيلية بأحقية الفلسطينيين بزراعتها، ما زال
المستوطنون يصرون على حراثتها وزراعتها، لافتا الى أن مساحة الأراضي المستهدفة 370
دونما تقريبا، وأن الحكومة الإسرائيلية طلبت من المحكمة مدة 90 يوما للنظر فيها".
وقال مواطنون وشهود عيان
لــ"وفا": "جاء مستوطن اعتاد على زراعة الأرض قبل صدور القرار،
ورمى بذور القمح في الأرض، وقام بحراثتها".
يقول بشارات:
"سنعود غدا لاستكمال فلاحة الأراضي، كل شبر نحرثه نكسبه، هنا حرب نكون أو لا
نكون".
"هذا
احتلال قهري... شيء يفطر القلب" يقول محمود دراغمة، وهو أحد المزارعين الذين
يمتلكون ما يقارب 70 دونما، مشيرا الى أنه ومنذ القرار الصادر عن المحكمة لم يستطع
وغيره من المزارعين من فلاحة اراضيهم، كما لم يستطيعوا الاستفادة من عين المياه في
المنطقة والتي كانوا يستخدمونها لأغراض الشرب والزراعة ايضا
.