جريدة الحياة- قد
يعتقد البعض اننا ونحن نطالب بريطانيا بالاعتذار عن "وعد بلفور" القبيح
لا نريد سوى كلمات الاعتذار الطيبة، في بيان تصدره الحكومة البريطانية، وحينها عفا
الله عما سلف..!! لسنا هواة جمع بيانات من هذا النوع، وجراحنا لا تزال تنزف جراء "الوعد" القبيح الذي أسس لأكبر
"نكبة عرفها التاريخ المعاصر" والتعبير للرئيس ابو مازن في مقالته
البليغة، التي نشرتها صحيفة "الغارديان" البريطانية الاسبوع الماضي، وفي
هذه المقالة يتضح تماما اي اعتذار تريد فلسطين، انه الاعتذار الذي يقود الى
"معالجة الخلل" الذي سببه "الوعد" المشؤوم، والى التصحيح الذي
"يتطلب التواضع والشجاعة" و"تتحمل فيه بريطانيا قدرا اكبر من
المسؤولية" بمعنى ومثلما اوضح وشدد الرئيس ابو مازن في ختام مقالته انه
"قد آن الاوان للحكومة البريطانية القيام بدورها المنوط بها، فاتخاذ خطوات
ملموسة تهدف الى إنهاء الاحتلال على أساس القانون الدولي، والقرارات الدولية، بما
في ذلك قرار مجلس الامن الأخير رقم 233 والاعتراف بدولة فلسطين، على حدود عام 1967
وعاصمتها القدس الشرقية، من شأنها أن تدفع نحو احقاق الحقوق السياسية للشعب
الفلسطيني، وان رفع الظلم عن ابناء الشعب الفلسطيني، والانتصاف لحقوقه المشروعة،
سيساهم بلا شك في تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط، من اجل الفلسطينيين
والاسرائيليين وباقي دول المنطقة على حد سواء".
هذا
هو الاعتذار نصا وروحا وموقفا، الذي تريده فلسطين وشعبها الراسخ في ارض وطنه
بإرادته الحرة، وموقفه النضالي الذي لا يقبل المساومة، وما شهد يوما تراجعا ولا
نكوصا، وهو يواصل مقاومته للاحتلال وسياساته العنصرية العنيفة بلا تردد وبمنتهى
البطولة والاصرار على الثبات في دروب الحرية حتى دحر الاحتلال.
إنه
اعتذار الموقف الذي الذي نطالب به، الذي بوسعه "بالتواضع والشجاعة"
وبالصحوة الاخلاقية النبيلة، أن يعالج
الخلل، ويصح ما ارتكب وعد بفلور القبيح من واقع لم يؤسس سوى للخطيئة والمظلمة
الكبرى.
وغير
ذلك لن نقبل من بريطانيا بيانات وتصريحات المجاملات الدبلوماسية ودعم حل الدولتين
الذي لا تزال تعلنه الحكومة البريطانية اليوم، يبدأ من هنا، من الاعتراف بدولة
فلسطين، وهذا ما سيحقق الخطوة الاولى في الاعتذار العملي الذي نريده من بريطانيا
لننشغل بصناعة السلام الذي وحده سيطوي صفحة الوعد القبيح لحظة احقاق الحق
الفلسطيني بكل بنوده وتفاصيله، هذا هو اعتذار العمل، الذي نطالب به، لا اعتذار
الكلمات الذي لا نريده حتى لو كان في ثياب قصيدة.