جريدة القدس – الإعلان المشؤوم للرئيس الأميركي
دونالد ترامب قبل ثلاثة أسابيع والمتمثل بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والإيعاز
للجهات المسؤولة العمل على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، هذا
الإعلان غير المسؤول بدأت نتائجه تظهر على الأرض من خلال الهجمات الاستيطانية
واسعة النطاق والتي تستهدف بالدرجة الأولى تكريس احتلال القدس وفصلها نهائيا عن
محيطها الفلسطيني وضمها لدولة الاحتلال الإسرائيلي الذي يرفض السلام ويعمل على
تأبيد الاحتلال.
فهذا القرار الأرعن أعطى
الضوء الأخضر للاحتلال الإسرائيلي لمواصلة انتهاكاته وإجراءاته الرامية إلى تهويد
المدينة وأسرلة معالمها وتزوير تاريخها العربي والإسلامي، ليس فقط من خلال
الاستيطان، بل هناك أيضا انتهاكات وممارسات أخرى ترمي إلى نفس الهدف، ولكن أبرز
هذه الممارسات والسياسات هو الاستيطان السرطاني.
وفي هذا السياق اعلن
وزير الإسكان والبناء الإسرائيلي يؤاف غالانت في تصريحات للقناة الإسرائيلية
العاشرة مساء أمس الأول أن حكومته تخطط لبناء مليون وحدة استيطانية جديدة في القدس
وبقية أرجاء الضفة الغربية خلال الأعوام العشرين القادمة، وهذا يعني أن دولة
الاحتلال لا تفكر مجرد التفكير بإقامة السلام في المنطقة مستمدة ذلك من إعلان
ترامب، بل إنها تعمل ليس فقط على تهويد القدس بل وأيضا ضم أجزاء من الضفة الغربية،
إن لم نقل كلها، خاصة منطقة الأغوار التي تشكل ٦٢٪ من الضفة الغربية.
وقال الوزير الإسرائيلي
ان ما نسبته ٢٠ - ٣٠٪ من هذه الوحدات الاستيطانية ستقام في مدينة القدس على اعتبار
أنها عاصمة إسرائيل، أي أن هذا الهجمة الاستيطانية تعني تجسيدا عمليا لإعلان
الرئيس ترامب، الأرعن وغير المسؤول وغير محمود العواقب الذي قضى ويقضي على أية
عملية سلام برعاية أميركية وسيؤدي إلى تأجيج حالة العداء واستمرار الصراع لعقود
أخرى سيدفع ثمنها ليس فقط أبناء شعبنا، بل أيضا الجانب الإسرائيلي وكذلك العالم
برمته جراء هذه السياسة الأميركية غير المسؤولة والمدمرة لأسس السلام والأمن
الدوليين.
وكان وزير الاستيطان
نفسه قد أعلن قبل أيام عن عزم حكومته بناء (٣٠٠) ألف وحدة استيطانية جديدة في القدس
ومحيطها بهدف تكريس ما يسمى القدس الكبرى، الأمر الذي يؤكد أن هذه الحكومة الأكثر
يمينية وتطرفا وعنصرية تستغل إعلان ترامب لتمرير سياستها التوسعية وضم المزيد من
الأراضي إليها ... الخ من سياسات لا تمت للسلام بأية صلة.
ولم يقتصر الأمر على
وزير الإسكان الإسرائيلي، بل إن بلدية القدس أعلنت عزمها على توسيع مستوطنة جيلو
المقامة على أراضى قرية الولجة، وهذا الأمر يؤكد ما أشرنا إليه سابقا، وهو ما
يتحمل نتيجته الرئيس الأميركي ترامب وإدارته الموالية للاحتلال الإسرائيلي
والمتساوقة معه، وتدعمه في تنفيذ سياساته التي تبقي على الصراع وتؤججه ليصل تأثيره
إلى العالم قاطبة.
إنه أمام هذه الهجمة
الاستيطانية الشرسة وغيرها من الممارسات والانتهاكات التي تستهدف القدس والأرض
الفلسطينية قاطبة، فإن المطلوب فلسطينيا هو التوجه فورا لمحكمة الجنايات الدولية
لرفع قضايا على الاحتلال الإسرائيلي، على اعتبار أن الاستيطان هو من جرائم الحرب
التي يعاقب عليها القانون الدولي ومحكمة الجنايات الدولية، وعدم الرهان على أية
جهود سلمية من قبل الدول الغربية لأن هذه الدول ليس بمقدورها الضغط على دولة
الاحتلال، خاصة وأنها أفشلت المبادرة الفرنسية رغم موافقة السلطة الفلسطينية
عليها، وبالتالي فإنه من الأجدى نقل القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لتقوم
بدورها في تنفيذ قراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية وبالقدس، خاصة وان هذه
المنظمة هي التي اعترفت بدولة الاحتلال وفق شروط محددة، وعدم التزام إسرائيل بهذه
الشروط يعني أن على هذه المنظمة سحب اعترافها بها أو الضغط الفعلي والعملي عليها
لتنفيذ القرارات الدولية.