Adbox
يبدو من خلال التسريبات التي يقوم بها مسؤولون أميركيون، خاصة الذين يحيطون بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأن الرئيس ترامب قد يعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وكذلك التسريبات التي نشرت أمس حول ملامح وبعض بنود خطة السلام الأميركية بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي أطلق عليها صفقة القرن، يبدو أن جميع هذه التسريبات تستهدف الضغط على الجانب الفلسطيني للقبول بصفقة القرن التي يقوم بإعدادها طاقم السلام الأميركي الذي عينه الرئيس ترامب وقام على مدى ثمانية أشهر بزيارات للمنطقة واجتماعات مع مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين وكذلك مع قادة عرب بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان.
وهذا الهدف يبدو واضحا حيث وقع الرئيس ترامب كما ذكرت الأنباء أمس على تمديد إبقاء السفارة الأميركية في تل أبيب وعدم نقلها إلى القدس كما تسرب مؤخرا من معلومات، فالرئيس الأميركي لا يستطيع نقل السفارة في المرحلة الحالية لعدة أسباب من أبرزها أن نقلها يجعل أميركا راعية غير نزيهة للسلام في الشرق الأوسط، وتحديدا بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويكشف عن حقيقة أميركيا التي تسير خلف السياسية الإسرائيلية بطوعية تامة، بل إن تل أبيب هي التي ترسم وتخطط والإدارة الأميركية تتبنى.
كما أن نقل السفارة يؤدي إلى خلط الأوراق ويزيد من حدة التوتر في المنطقة واحتمالات اندلاع الحروب، وقيام الفلسطينيين بإعادة النظر في نهج وسياسة السلام التي يتبعونها، لصالح سياسة أخرى واستراتيجية عمل جديدة غير الرهان على السلام والدور الأميركي أو الرعاية الأميركية، وهذا ضد المصالح الأميركية في المنطقة التي سيتم على الأرجح استهدافها من قبل المنظمات العربية المتشددة.
كما أن نقل السفارة سيؤدي إلى تراجع الدور الأميركي في المنطقة العربية لصالح قوى أخرى وهو ما لا ترغبه الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب أنه من الصعب على الرئيس ترامب عدم الالتزام بما التزم به رؤساء أميركيا السابقون والذين كانوا يوقعون على تمديد إبقاء السفارة في تل أبيب انطلاقا من مصلحة الولايات المتحدة.
وما دام الرئيس ترامب يقول دائما وخاصة أثناء حملته الانتخابية بان سياسته ستكون أميركا أولا وقبل كل شيء، وهذا يعني انه لا يريد خساره تواجدها وضرب مصالحها الحيوية في منطقة الشرق الأوسط عامة وفي المنطقة العربية عامة.
وهذا الأمر ينطبق إلى حد كبير على التسريبات بشأن اعترافه يوم غد بالقدس عاصمة لإسرائيل وكذلك تسريبات خطة ترامب او صفقة القرن، خاصة وان الرئيس الأميركي يعرف جيدا ما تمثله القدس الشرقية بالنسبة ليس فقط للفلسطينيين، وإنما أيضا للعالمين العربي والإسلامي.
صحيح أن هناك ضغوطات على الإدارة الأميركية من قبل اللوبي الصهيوني وصحيح أيضا ان هذه التسريبات هدفها جس نبض الفلسطينيين والقادة العرب والدول الإسلامية، إلا انه حتى لو فرضنا أن القادة العرب والمسلمين لم يتحركوا، فإن الجماهير العربية والإسلامية وفي مقدمتها الفلسطينيين لن تستكين أو تهدأ وسيتغير وجه الشرق الأوسط بكامله وهو ما لا ترغب به الولايات المتحدة خاصة وان هناك عدة قوى عالمية من مصلحتها الحلول محل الولايات المتحدة ووضع موطىء قدم لها في الشرق الأوسط.
بقيت الإشارة إلى انه في ضوء هذه التسريبات والضغوطات وجس النبض، فإن مسؤوليته كبرى تقع على الجانب الفلسطيني خاصة وان جميع هذه الأمور هدفها القضية الفلسطينية بالدرجة الأولى وتمهيد الطريق لدولة الاحتلال لإقامة علاقات تطبيعية مع عدة دول عربية.

والمسؤولية الأولى التي تقع على الجانب الفلسطيني هي إنهاء الانقسام الأسود وتسريع خطوات المصالحة لمواجهة التحديات بصف موحد، خاصة في ضوء الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة والتي هدفها منع إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضربها بعرض الحائط بالقوانين والقرارات الدولية وكذلك الرؤية الدولية بشأن حل الدولتين.
أحدث أقدم