وفا- ليس بخافٍ على أحد
المخاطر التي تتعرض لها مدينة القدس في الآونة الأخيرة، خاصة الأنباء التي تحدثت
عن نية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة الاحتلال، ونقل
السفارة الأميركية إلى المدينة المقدسة.
وفى تعقيب مفتي الديار
المقدسة الشيخ محمد حسين حول هذا الموضوع، قال "إن مدينة القدس والمساس بها
من شأنه أن ينعكس ويؤثر على العالم الاسلامي ككل، وذلك لأن القدس ترتبط بعقيدة كل
مسلم، كونها القبلة الأولى لهم، ومنها أُسري بالرسول عليه الصلاة والسلام في حادثة
الإسراء والمعراج، والمسجد الأقصى المبارك أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال
إلا إليها، كما أنه مؤثر لكل مسيحي، لأن رسالة سيدنا عيسى عليه السلام كان لها جزء
كبير في القدس بشكل عام.
وبين "أن العبادة
في مدينة القدس تتضاعف لكل هذه المعاني الدينية، حيث تحتل القدس مكانة عالية في
نفس كل مسلم، وتشكل وجها حضاريا للحضارة العربية والاسلامية".
وأكد الشيخ حسين
"أن محاولة نقل السفارة الأميركية إلى القدس، أو الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة
الاحتلال هو مساس بمكانة القدس الدينية والتاريخية، ويقضي على أي محاولة للسلام
بين الفلسطينيين والعرب وبين الاسرائيليين، وذلك لأن من يريد التحدث عن عملية
السلام لا يجب عليه المساس بقاعدة وأساس السلام، وهي مكانة القدس، سواء بالنقل، أو
الاعتراف، ومن شأنه أيضا أن يغير واقع ومعادلة القدس بالنسبة للأمتين العربية
والاسلامية".
وأشار الى أن "الكل
سيدفع الثمن إذا ما تعرضت مدينة القدس لأي اجراء طائش، وسيخلق حالة من الفوضى وعدم
الاستقرار في المنطقة"، مؤكدا أن القيادة الفلسطينية أجرت العديد من
الاتصالات والمحادثات المختلفة، وذلك لرفض هذا القرار، اضافة إلى ضرورة أن يكون
هناك موقف ثابت، وواضح من الدول العربية، والاتحاد الأوروبي يؤدي الى مسيرة السلام
على هذه الأرض".
واعتبر أن حجر الأساس
لهذه الجهود هو الحراك الفلسطيني في كل الاتجاهات لإفشال هذه القرارات، والعدول
عنها.
بدوره، قال الخبير في
شؤون القدس والمسجد الأقصى جمال عمرو، "إن للقدس منزلة خاصة للمسلمين تاريخيا
فهي مدينة الأنبياء، وهي المدينة الوحيدة التي استضافت كل الأنبياء، وازدادت قدسية
المكان برحلة الإسراء والمعراج، والفتح الاسلامي".
وأوضح "أن مكانة
القدس في نفوس الشعوب العربية والاسلامية عالية، وهي تواقة جدا للقدس، والمسجد
الأقصى"، مبينا أن كل المؤشرات تشيرا الى أنها ستعود إلى مكانة أعلى من
مكانتها الحالية، وسيكون المسلمون أكثر حرصًا من السابق باعتبار أن المدينة مرت
بتجربة الاحتلال".
وأضاف عمرو
"بالتالي تسابق الخلفاء والحكام المسلمون بوضع بصمة للقدس وحمايتها عبر
التاريخ، لما لها من منزلة خاصة، وبقيت في الحفظ والصون منذ 1400 عام، الا أن جاءت
الأطماع الغربية منذ الحروب الصليبية على المشرق الاسلامي، وبعد 90 عاما تمكن صلاح
الدين الأيوبي من جمع شتات المسلمين واستعادة مدينة القدس، واعادتها الى مكانتها".
وتابع" الغرب لم
ينسَ، ولم يسامح المسلمين على تمكنهم من الانتصار، وبقي حاقدا، وما أن سنحت له
الفرصة بعد الحرب العالمية الأولى حتى أعطى وعد بلفور، وعليه بدأ الغرب بدعم فكرة
اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، كما دفع الغرب بالمشروع الصهيوني كرأس حربة،
وكبديل عن الحروب الصليبية في خاصرة العالمين العربي والإسلامي، وبدأت فصول النكبة
بالتدريج تظهر".
وقال إن قضية القدس هي قضية حياة أو موت، ولا تكون القدس بخير إلا إذا كانت
الأمة بخير والعكس، والقدس هي الجامعة لشتات هذه الأمة، مشددا على ضرورة الحراك من
أجل استعادة القدس، فبعد 90 عاما حرر صلاح الدين مدينة القدس، وبنفس الطريقة سيتم
تحريرها مرة أخرى.