Adbox
جريدة القدس - حديث القدس/ الخطاب الذي ألقاه الرئيس محمود عباس أمام القمة الأفريقية في أديس أبابا أمس أكد مجددا على موقف القيادة الفلسطينية الثابت إزاء الحقوق الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حق شعبنا في التحرر من الاحتلال وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني المحتل منذ عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس، كما أكد على الموقف السياسي إزاء التطورات الأخيرة خاصة ما يتعلق بإعلان ترامب المشؤوم حول القدس ودعوة الدول كافة للامتناع عن إنشاء أو نقل بعثاتها الدبلوماسية إلى القدس المحتلة، وأن الولايات المتحدة اختارت بانحيازها إلى الاحتلال الإسرائيلي استبعاد نفسها كوسيط في عملية السلام، وبذلك أكد الرئيس مجددا على النهج الثابت للقيادة الفلسطينية في كل ما يتعلق بالحقوق الوطنية، مما يؤكدا مجددا أن هذا النهج استراتيجي وليس تكتيكيا، فالحقوق المشروعة غير قابلة للمساومة وهناك خطوط حمراء لا يمكن لأي فلسطيني القبول باجتيازها.
ومما لا شك فيه أن تأكيد الرئيس على دعم الاتحاد الأفريقي لشعبنا وقضيته العادلة منذ عقود، لم يكن صدفة في الوقت الذي تروج فيه إسرائيل الشائعات حول تغيرات لصالح الاحتلال في المواقف الأفريقية، في الوقت الذي نعلم فيه جيدا مدى الضغوط الأميركية والإسرائيلية التي تتعرض لها بعض الدول الأفريقية ومدى المغريات التي تقدم لها في محاولة لدفعها إلى تغيير مواقفها المبدئية، إلاّ أن واشنطن وتل أبيب فشلتا فشلا ذريعا في إحداث اختراق جوهري في المواقف الأفريقية، وهو ما ظهر جليا في ا لتصويت الساحق لصالح فلسطين سواء في الجمعية العامة أو مجلس الأمن مؤخرا.
ومن الواضح أننا في الوقت الذي نواجه فيه هجمة غير مسبوقة أميركيا وإسرائيليا تستهدف شعبنا وقضيته، فإن هذا التحرك السياسي - الدبلوماسي المتواصل للقيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس عربيا وإسلاميا ودوليا وفي مختلف المنظمات والتكتلات الإقليمية والدولية إنما يستهدف حشد المزيد من الدعم لقضية شعبنا العادلة ومواجهة التحركات والأضاليل الإسرائيلية المعادية لشعبنا، وهو جزء من التحرك الشامل في مواجهة محاولات تصفية القضية والتصدي لكل قرار أو موقف يمس بحقوقنا المشروعة، وهو بذلك ينضم إلى التحرك الشعبي المتواصل في مواجهة هذه المؤامرات لإحداث المزيد من الضغوط على الاحتلال وحليفته الكبرى الولايات المتحدة واليمين المتطرف الذي يحكمها اليوم بقيادة ترامب.
مخاوف الاحتلال!!
تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس تحذيرات مختلفة وجهتها الأوساط الأمنية الإسرائيلية لقيادة إسرائيل السياسية أولها أن تقليص المساعدات الأميركية للسلطة الفلسطينية وللأونروا قد يضر بمصالح إسرائيل ويفاقم التوتر، وان الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة والتي أدت إلى انخفاض ملموس في عدد الشاحنات التي تحمل البضائع الإسرائيلية للقطاع يوميا قد يؤدي أيضا إلى نفس النتيجة.
التبريرات التي تطرحها الأوساط الأمنية الإسرائيلية لا تنبع من الحرص على الفلسطينيين أو تنطلق من مواقف إنسانية، فهذا كما يبدو آخر شيء يمكن أن يفكر به الإسرائيليون بل إن التبريرات التي يقدمونها تتعلق بما أسموه التخوف من موقف التنسيق الأمني كليا مع الجانب الفلسطيني من جهة، والتخوف من انفجار الأوضاع في وجه إسرائيل واحتمال اضطرار الحكومة الإسرائيلية لتحمل تبعات هذه الأوضاع المتردية، إلى الدرجة التي يرسم فيها هؤلاء سيناريو تدفق الآلاف من أبناء القطاع نحو إسرائيل بسبب الضائقة الاقتصادية وهو تصور غريب عجيب في الحقيقة.
إن ما يجب أن يقال هنا إن المبررات التي تطرحها الأوساط الأمنية الإسرائيلية تؤكد مصداقية المواقف التي طرحها الرئيس عباس والمجلس المركزي الفلسطيني في اجتماعه الأخير حول عدم معقولية استمرار الاحتلال دون كلفة وحول وقف التنسيق الأمني، لأن هذه المواقف هي التي تؤلم الاحتلال حقا، إضافة إلى قدرة الفلسطينيين على منع الاحتلال من الاستمرار في اعتبار الأسواق الفلسطينية سوقا مفتوحة لمنتجاته.

وبذلك، وإذا كانت إسرائيل فعلا حريصة على عدم تفجر الأوضاع في وجهها، فان الطريق الوحيدة المختصرة أمامها تكمن في الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء احتلالها غير المشروع والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس، وعندها يمكن خلق أجواء الاستقرار والسلام والأمن في المنطقة.
أحدث أقدم