جريدة
القدس - حديث القدس/ تكتسب القمة الفلسطينية الروسية المقررة اليوم في موسكو بين
الرئيسين محمود عباس وفلاديمير بوتين، أهمية خاصة بعد أن فقدت الولايات المتحدة
الأميركية، بسبب انحيازها السافر لإسرائيل، أهليتها للعب دور الوسيط في عملية
السلام بالمنطقة، وفي الوقت الذي تعاظم فيه الدور الروسي في الشرق الأوسط، فيما
تسعى القيادة الفلسطينية من خلال الجهود المتواصلة والجولات الإقليمية والدولية
التي يقوم بها الرئيس عباس لإيجاد آلية جديدة خاصة بعملية السلام، تنهي الاحتكار
الأميركي الذي استمر لسنوات طويلة دون أن يسفر عن أي نتيجة إيجابية باتجاه حل
القضية الفلسطينية حلا عادلا، بل إن عملية السلام وصلت الى طريق مسدود بعد أن
أزالت الإدارة الأميركية كل الأقنعة عن وجهها وأثبتت أن مواقفها السياسية مناهضة
للشعب الفلسطيني وحقوقه وللشرعية الدولية.
ومما
لا شك فيه ان التحركات السياسية الدبلوماسية التي تقوم بها القيادة الفلسطينية،
والتي تشمل إضافة إلى العالمين العربي والإسلامي الاتحاد الأوروبي، والاتحاد
الأفريقي ودول عدم الانحياز إضافة إلى روسيا والصين والهند واليابان، تأتي لتؤكد
أولا الحرص على التصدي لكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية وفرض إملاءات اليمين الإسرائيلي
المتطرف مدعوما بموقف الإدارة الأميركية المعادي لشعبنا وحقوقه، كما تأتي أيضاً
لتؤكد حرص الجانب الفلسطيني على إرساء سلام عادل وشامل على أساس مقررات الشرعية
الدولية وبما يحقق الحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني التي يدعمها المجتمع
الدولي.
ومن
الواضح أن الولايات المتحدة الأميركية تخطىء خطأ فادحا إذا ما اعتقدت أن بإمكانها
فرض حل للقضية الفلسطينية بقرار أميركي - إسرائيلي وكما يتجاوز الرقم الفلسطيني
الصعب في معادلة الشرق الأوسط، لأنها بذلك تكون مصرّة على تجربة ما ثبت فشله خلال
العقود السابقة ومتجاهلة أن إسرائيل نفسها وبعد فشل كل المحاولات السابقة اضطرت
للاعتراف بمنطقة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، وأجمع
المجتمع الدولي قاطبة بما في ذلك الولايات المتحدة على أن صنع السلام غير ممكن دون
موافقة ومشاركة الطرف الأساسي صاحب القضية وهو الطرف الفلسطيني.
ومن
الواضح أيضا أن القيادة الفلسطينية تستند في تحركها بحثا عن آلية عادلة وبحثا عن
سلام عادل وشامل، على الشعب الفلسطيني المتمسك بحقوقه والمصمم على إنهاء هذا
الاحتلال غير الشرعي، وذلك جاءت قرارات القيادة الفلسطينية التي عبر عنها المجلس المركزي
الفلسطيني في اجتماعه الأخير لتدعم المقاومة الشعبية السلمية من جهة وتوجيه
الحكومة لإعداد الخطط اللازمة لفك الارتباط مع الاحتلال الإسرائيلي وهو تأكيد جديد
بأن الشعب الفلسطيني ماض في نضاله العادل نحو إنهاء الاحتلال وإقامة دولته
المستقلة.
وإذا
كان ترامب ما زال يصر على أن باستطاعته إزالة قضايا القدس واللاجئين والاستيطان
وشطب فكرة حل الدولتين عن طاولة المفاوضات، فان من الواضح أن مثل هذا النهج لن
يقود إلى السلام وإنما إلى تأجيج الصراع. ولهذا كان لا بد من البحث عن آلية دولية
جديدة مدعومة من أوروبا وروسيا والصين والهند وغيرها كبديل منطقي عن التفرد
الأميركي الظالم والمنحاز للاحتلال.
وفي
المحصلة، فان هذه الجهود المتواصلة للقيادة الفلسطينية وتحركها السياسي المكثف مع
مختلف القوى الدولية الفاعلة إنما يشكل أيضا ردا واضحا على هذا الانحياز الأميركي
السافر وإحباطا لكل المخططات التي تستهدف القضية، وهو بحد ذاته انجاز لا يقل أهميه
عن الإنجازات السياسية والدبلوماسية الأخرى المتراكمة لصالح شعبنا وقضيته.