Adbox

جريدة القدس - حديث القدس/ بعد أن هدأت حدة التصعيد على حدود قطاع غزة مقارنة بالأيام القليلة الماضية مع كل ما ألحقته من ضحايا ودمار، وفي الوقت الذي ما زال فيه الاحتلال الإسرائيلي يطلق التهديدات ويحاول إملاء الشروط، وفيما يواصل الاحتلال حصاره لقطاع غزة وانتهاكاته الجسيمة في الضفة الغربية المحتلة وفي مقدمتها استمرار تنفيذ مخططات تهويد القدس، والتوسع الاستيطاني سواء في المدينة المقدسة أو مختلف أنحاء الضفة الغربية، وحملات الدهم والاعتقال اليومية، وتقييد حرية الحركة عبر عشرات الحواجز العسكرية ... الخ من الإجراءات والممارسات الإسرائيلية فإن السؤال الذي يطرحه كل مواطن فلسطيني هو: ألم يحن الوقت لإنهاء هذا الانقسام المأساوي ليعود الكل الوطني موحدا، باستراتيجية واحدة وصوت واحد لمواجهة كل هذه التحديات التي يفرضها الاحتلال وحلفاؤه وخاصة الولايات المتحدة الأميركية تحت إدارة الرئيس ترامب التي أعلنت جهارا عداءها السافر للحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا وداست كل القرارات والقوانين الدولية وانحازت بشكل مطلق للاحتلال غير الشرعي؟
كما أن السؤال الآخر الذي يطرح هو: إذا كان ممكنا التوصل مع الاحتلال إلى تهدئة أو هدنة ووقف التصعيد، أليس من الأجدر التوصل إلى اتفاق بين أبناء الشعب الواحد والخندق الواحد والصف الوطني الواحد، لتطبيق اتفاقات المصالحة وإنهاء هذا الانقسام الذي ثبت انه لا يخدم شعبنا وقضيته، بل يخدم الاحتلال الذي اتضح أنه معني بتكريس الانقسام؟!
مرة أخرى نقول إن شعبنا الذي عبر عن وحدته الطبيعية عبر تصديه للاحتلال وإجراءاته، سواء في القدس دفاعا عن الأقصى والقيامة أو على حدود قطاع غزة أو عبر المسيرات الأسبوعية في مختلف أنحاء الضفة الغربية، هذا الشعب العظيم يستحق أن تحترم إرادته وان تستجيب القوى السياسية التي ترفع شعار تمثيله والحرص على مصالحه وقضيته، تستجيب لإرادته ومطلبه المتكرر بإنهاء هذا الانقسام الذي أساء للشعب وزاد معاناته وأساء للقضية ومكّن الاحتلال من الإمعان في عدوانه.
هذا الشعب هو صاحب الحق والسيادة ومن حقه المساهمة في رسم مستقبله ومصيره عبر نظام سياسي ديمقراطي يستمد قوته وشرعيته من الناخب صاحب حق الاقتراع، ولا يعقل أن يتواصل حرمان هذا الشعب من حقه في ممارسة هذا الحق في الوقت الذي يفاخر فيه الجميع بالديمقراطية والتعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان، ولذلك فإن على كل أولئك الذين يصرون على استمرار هذا الانقسام تحت ذرائع ومبررات واهية أن يدركوا انهم بذلك لا يمثلون إلا أنفسهم، فلا يعقل أن يتراجع النظام السياسي الفلسطيني سنوات طويلة للوراء بسبب اعتبارات أنانية ضيقة، تنظيمية أو حزبية أو شخصية.
إن ما يجب أن يقال هنا إن من لا يدرك حجم التحديات الماثلة أمام شعبنا وقضيته التي يفرضها الاحتلال وحلفاؤه ويصر على تجاهل إرادة الشعب، لا يمكن أن يكون جديرا بالتحدث باسمه، فالإصرار على الانقسام وعلى تجاهل إرادة الشعب نقيض للمصلحة الوطنية العليا ويصب بالمحصلة في خدمة الاحتلال.
وحتى لا يتواصل وقوعنا في فخ الاحتلال وبعض القوى الإقليمية التي سعت وتسعى للتدخل في ساحتنا الداخلية وتأجيج الخلافات خدمة لمصالحها، فإن ما يجب إدراكه هو أن استمرار الوضع على ما هو عليه يعني استمرار الانزلاق نحو المنحدر بعيدا عن الجهد الحقيقي المطلوب لاستعادة الوحدة وبعيدا عن الفعل الحقيقي المطلوب لمواجهة الاحتلال وبعيدا عن الطريق الصحيح نحو انتزاع حقوقنا الوطنية المشروعة.
وأخيرا نقول، إن من العار أن يتواصل هذا الانقسام في الوقت الذي يسطر فيه شعبنا وحدته الحقيقية، وفي الوقت الذي يستهدف فيه هذا الاحتلال كل ما هو فلسطيني، وفي الوقت الذي يقدم فيه شعبنا يوميا التضحيات من أجل حريته واستقلاله ومن أجل دولة العدل والقانون، دولة الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان.
أحدث أقدم