Adbox
جريدة القدس - حديث القدس/ استقالة وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، وما أسمي في إسرائيل محاولات الابتزاز الجارية داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، الذي بات في مهب الريح بعد العدوان الإسرائيلي الفاشل على قطاع غزة، والمظاهرات الحاشدة المتواصلة منذ ثلاثة أيام المطالبة برحيل نتنياهو، والتي نظمها الإسرائيليون في بلدات غلاف غزة، وبدء الحديث عن انتخابات مبكرة في إسرائيل، كلها تطورات متسارعة تسلط الضوء من جهة على عدة أمور جوهرية يجدر الالتفات إليها، ومن الجهة الأخرى تؤكد أن الأمن والاستقرار في إسرائيل مرتبط بالأمن والاستقرار في فلسطين.
أولى دلالات ما يجري في إسرائيل أن قسما كبيرا من مكونات الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، بما في ذلك حزب ليبرمان الذي اعلن استقالته وكذا حزب نفتالي بينيت، وزير المعارف المتشدد «البيت اليهودي»، وجزء كبير من الإسرائيليين، خاصة في محيط قطاع غزة، لا زالوا يفكرون بعقلية الاحتلال والتطرف والقمع، ويعتقدون واهمين أن توجيه مزيد من الضربات للشعب الفلسطيني يمكن أن يوفر لهم الأمن والاستقرار، متجاهلين دروس عقود من الصراع التي أكدت وتؤكد أن الشعب الفلسطيني لم ولن يركع، وإنه ماضٍ بإصرار وثبات نحو انتزاع حقوقه المشروعة غير عابئ بكل وسائل القمع الوحشية لإخماد تطلعه للحرية والاستقلال.
كما أن هذه التطورات تؤكد أن الصراع بين أقطاب الائتلاف الإسرائيلي الحاكم بات صراعا على صوت الناخب اليميني الإسرائيلي، وبالتالي فإن المنافسة هي حول من يظهر خطاً متشددا أكثر في قتل وقمع الشعب الفلسطيني، متجاهلين أن حياة الشعب الفلسطيني ودماء أبنائه وحقوقه ليست مشاعات يتكالب عليها كل من يطمع في الوصول إلى كرسي الحكم في إسرائيل وكل من يقتل ويدمر أكثر، ومتجاهلين أن الشعب الفلسطيني بقواه المناضلة قادر على الدفاع عن وجوده وحقوقه والتصدي لأطماع اليمين الإسرائيلي بمتطرفيه ومستوطنيه وائتلافه الحاكم.
إن ما يجب أن يقال هنا إن على قادة هذا الاحتلال أن يدركوا أن أمن واستقرار إسرائيل لا يمكن أن يبنى على جثث أطفال وشباب فلسطين ولا على أنقاض الدمار الذي تحدثه الآلة الحربية الإسرائيلية، وان هذا الأمن وهذا الاستقرار مرتبط بأمن واستقرار فلسطين وحقوق شعبها.
ولهذا نقول مجددا لهذا الاحتلال إن الطريق الأقصر للخروج من دوامة العنف وسفك الدماء والدمار والحرب هو أن يكف هذا الاحتلال عن وهم تصفية القضية الفلسطينية والتنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأن يدرك أن استقرار وأمن المنطقة مرتبط باستقرار وأمن جميع شعوبها، بما فيها الشعب الفلسطيني، وأن محاولة القفز عن الشعب الفلسطيني واستمرار السير بناء على أطماع التوسع والاستيطان ونفي وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه، لن يقود سوى إلى تأجيج الصراع والدخول في دوامات جديدة من العنف مع نتائجها الكارثية على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
كان الأجدر بقيادات هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة أن يدرسوا تاريخ الصراع وكل محطات العدوان الإسرائيلي، سواء على الضفة الغربية أو قطاع غزة أو الشتات، وان يستخلصوا العبر من الفشل الإسرائيلي المتتالي في تحقيق أهداف العدوان، وأن يدركوا أن الشعب الفلسطيني شعب نابض بالحياة يتوق إلى الحرية والعيش بكرامة فوق ترابه الوطني مدعوما بحقوقه الطبيعية وبكل أحرار العالم وبقرارات الشرعية الدولية، وبالتالي فإن أساليب القمع والعدوان الجديدة القديمة لن تجدي نفعا بل إنها سترتد أيضا على إسرائيل نفسها كما هو حاصل اليوم وكما حصل من قبل.
الطريق الأقصر والأفضل لكلا الشعبين، أن تعترف إسرائيل بدولة فلسطين وبالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتبدأ مفاوضات جادة لإنهاء احتلالها غير المشروع حتى يمكن لهذا الجيل والأجيال القادمة العيش بأمن وسلام واستقرار في فلسطين المستقلة على كامل الأراضي المحتلة منذ عام ٦٧ وعاصمتها القدس.
أما دون ذلك فهذا يعني استمرار الصراع بكل تداعياته.
أحدث أقدم