Adbox
مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"/ في يوم الأربعاء الموافق 5.12.18 وبعد انتهاء الدوام الدراسي - عند السّاعة 13:30 خرج الطلّاب من مدارس وسط البلد في مدينة الخليل ورشقوا الحجارة نحو عناصر شرطة حرس الحدود الذين كانوا يقفون قرب بوّابة حديديّة على بعد نحو عشرة أمتار من حاجز الصيدليّة المجاور.
يظهر في توثيق فيديو التقطه متطوّعو ISM أفراد من شرطة حرس الحدود وهم يمسكون بأربعة طلّاب ويجرّونهم إلى حاجز الصيدليّة - اثنان منهم تحت سن 12 (عمر المسؤولية الجنائيّة). احتُجز ثلاثة منهم عند الحاجز لمدّة ساعة تقريبًا وحيدين دون أيّة مرافقة حيث استجوبهم عناصر الشرطة عمّا إذا كانوا قد رشقوا الحجارة وأجبروا بعضهم على الإدلاء بأسماء أطفال آخرين. لاحقًا تمّ تسليمهم إلى ذويهم الذين كانوا قد أتوا لاحقًا.
امّا الطفل الرّابع - عبد الجليل مرّار البالغ من العمر13 عامًا والذي كان قد احتُجز هو الآخر في الحاجز لمدّة تقارب السّاعة -  فقد اقتيد إلى مركز الشرطة في كريات أربع مكبّل اليدين بالأصفاد المعدنيّة. وبعد احتجازه ساعة أخرى في مركز الشرطة جرى التحقيق معه في غياب والديه أو شخص بالغ آخر ينوب عنهما. خلال التحقيق عرض عليه المحقّق مقطع فيديو زعم أنّه يظهر فيه وهو يرشق الحجارة. أدلى عبد الجليل بإفادته ووقّع عليها. فقط عند السّاعة 20:00 ليلًا وبعد احتجازه في محطّة الشرطة لساعات دون طعام أو شراب أخذه عناصر الشرطة إلى عيادة عسكرية في "جفعات هحارسينا" حيث خضع لفحوصات طبية نُقل من بعدها إلى مركز شرطة "عتسيون" وهناك وُضع في غرفة اعتقال كان وحده فيها حتى الصباح ولم يقدّم له طعام أو شراب. في صباح اليوم التالي تناول عبد الجليل الطعام للمرّة الأولى منذ اعتقاله ونحو السّاعة 10:00 من صباح اليوم التالي جُلب إلى محكمة "عوفر" العسكرية مع قاصرين آخرين كانوا معتقلين في مركز الشرطة نفسه. في الظهيرة جرت محاكمته حيث أمر القاضي بالإفراج عنه بكفالة قدرها 2000 شيكل. في ساعات ما بعد الظهر وبعد أن دفع والده الكفالة اقتاده الجنود إلى البرج العسكري الواقع على مدخل مخيّم العروب للّاجئين. ووفقاً لأقوال عبد الجليل، قام الجنود بإزالة الأصفاد عن يديه عند مدخل المخيّم ثمّ أخرجوه من الجيب العسكري وفي أثناء ذلك لكمه أحد الجنود على رأسه فوقع على الأرض ثم تركه الجنود هناك وغادروا.

مالك غيث

ليست هذه المرّة الأولى التي يحتجز فيها عناصر شرطة مدجّجين بالسّلاح أطفالًا تحت سنّ المسؤوليّة الجنائية في مخالفة للقانون ودون أن يبلغوا ذوي هؤلاء الأطفال. لقد وثّقت بتسيلم مثل هذه الممارسات في السّابق حيث برّرت قوّات الأمن ممارساتها بحجّة باطلة مفادها أنّهم "فقط" يحتجزون الأطفال ويسلّمونهم للسلطات الفلسطينيّة. قناعة السّلطات الإسرائيليّة بسلامة أدائها هذا خيرٌ من ألف شاهد على أنّها مصابة بالعمى الأخلاقيّ.
يتّضح هذا العمى أيضًا من طريقة تعامُل جميع الجهات المسؤولة مع عبد الجليل الذي لم يتجاوز سنّ الـ13: لقد تحفّظوا عليه طيلة أكثر من 24 ساعة وحيدًا - لا من يدافع عن حقوقه ولا من يشرح له ما الذي سيحدث أو حتى يقدّم له الطعام والشراب. جميع هذه الجهات متواطئة على تصوّر مشترك يوجّه السّلطات الإسرائيلية ترى من خلاله أنّ القاصرين الفلسطينيّين لا يملكون الحقّ في الكلام ولا حتى الحماية الأساسية التي يستحقونها بموجب القانون باعتبارهم أطفال - بدءًا بعناصر الشرطة الذي ألقوا القبض عليه في الشارع ثمّ أبقوه ينتظر طيلة ساعات في محطّة الشرطة مرورًا بمن زجّوا به في غرفة الاعتقال وحيدًا طوال اللّيل والقاضي العسكريّ الذي نظر في قضيّته، وصولًا إلى إخلاء سبيله بطريقة عنيفة حيث ضُرب وتُرك في مكان بعيد عن منزله. 
فيما يلي أجزاء من إفادات سجلها باحث بتسيلم الميدانيّ موسى أبو هشهش، وصف فيها القاصرون اعتقالهم:
عبد الجليل (13 عامًا) طالب في الصفّ الثامن يقيم في حيّ الكسّارة، أدلى بإفادته في 12.12.18 قائلًا:
أنا طالب في الصف الثامن في مدرسة "الخليل الأساسيّة" وتقع وسط البلد في مدينة الخليل. في يوم الأربعاء الموافق 5.12.18 غادرت المدرسة عند السّاعة 13:30 وذهبت إلى مدرسة "الهاجرية للبنين" لاصطحاب شقيقي محمد (12 عامًا) والذي كان قد أصيب بحروق قبل بضعة أشهر ويحتاج إلى مساعدتي. في الطريق وقبل وصولي إلى المدرسة رأيت ثلاثة من عناصر شرطة حرس الحدود يقفون عند البوّابة الحديدية في شارع السهلة حيث تقع المدرسة.
مع مغادرة الطلاب المدرسة ابتدأ رشق الحجارة نحو عناصر الشرطة الثلاثة. فجأة أخذ ثلاثة أو أربعة من عناصر الشرطة في مطاردتنا. لفّ أحدهم ذراعه حول رقبتي واقتادني نحو الحاجز. في هذه الأثناء رأيت شرطيين يعتقلان طفلين آخريْن أحدهما أعرفه وهو طالب في مدرستي يدعى مالك غيث وهو أصغر مني. لا أعرف الطفل الثاني ولكن علمت لاحقًا أنه طالب في مدرسة "الهاجرية للبنين".
اقتادنا عناصر الشرطة إلى حاجز الصيدليّة فرادى وسلمونا إلى عناصر شرطة آخرين كانوا هناك. استجوبني أحد عناصر الشرطة داخل غرفة في الحاجز. أراد منّي أن أعترف بأنني رشقت الحجارة عند البوّابة نحو عناصر الشرطة الثلاثة وقد أمسك المحقّق رأسي وخبطه بالحائط عدّة مرّات ليُجبرني على الاعتراف بذلك لكنني لم أعترف. في هذه الأثناء أخلت شرطة الحاجز سبيل مالك والطفل الآخر.
مكثت في الحاجز لمدّة ساعة تقريبًا ثم قيّد شرطيّ يديّ وأخذني في سيارة جيب عسكريّة تابعة لشرطة حرس الحدود إلى مركز الشرطة في كريات أربع. انتظرت هناك لمدّة ساعة تقريبًا وبعد ذلك حقّق معي شرطيّ بطريقة هادئة. لم أعترف في البداية ولكنّني اضطررت للاعتراف بعد أن عرض لي الشرطيّ شريط فيديو يُظهر أنّني كنت من ضمن من رشقوا الحجارة. وقّعت على افادتي من ثم صوّروني وأخذوا بصماتي.
انتظرت في مركز الشرطة حتى السّاعة 20:00 تقريبًا ويداي مقيّدتان. ثم اقتادوني إلى سيارة جيب عسكرية تابعة لحرس الحدود وأخذوني إلى العيادة في "جفعات هحارسينا" حيث سألني طبيب عسكريّ عن صحتي وفحصني. بعد ذلك اقتادوني في سيارة جيب عسكرية إلى مركز شرطة "عتسيون". وضعني السجّانون في غرفة وكنت وحيدًا هناك. حتى تلك اللحظة لم يقدّم لي أحد أيّ طعام ولم أنم جيّدًا.
في اليوم التالي تناولت وجبة الإفطار وقرب السّاعة 10:00 صباحًا أخذوني في سيارة نقل المعتقلين مقيّد اليدين والرّجلين بواسطة أصفاد معدنيّة. كان هناك تسعة معتقلين آخرين. نقلونا إلى محكمة "عوفر" ووصلنا عند الظهر. ثم انعقدت جلسة محاكمتي وقرّر القاضي الإفراج عنّي بكفالة قدرها 2000 شيكل. جاء والدي متأخرًا للجلسة ودفع الكفالة.
نقلوني في سيارة إلى البرج العسكري المقابل لمخيّم العروب للّاجئين. كان هناك جنود في السيارة وعندما توقفت ازالوا الأصفاد وأزالوا العصبة عن عينيّ ثم أمروني بالخروج. عندما نزلت لكمني أحدهم بقوّة على رأسي فوقعت على الأرض. كدت أفقد الوعي لكني استجمعت قواي بسرعة واتّجهت إلى الدكّان المقابل للبرج. اتصل صاحب الدكّان بوالدي فجاء في سيارة أحد أصدقائه واصطحبني إلى المنزل. وقوعي على الأرض سبّب لي خدوشًا طفيفة في رأسي وأوجاعًا لازمتني عدّة أيّام.
عبد الجليل

مالك غيث (11 عامًا) طالب في الصفّ السّادس يقيم في حيّ جبل جوهر، أدلى بإفادته في 12.12.18 قائلًا:
أنا طالب في الصفّ السّادس في المدرسة الابتدائية في الخليل - "مدرسة الخليل الأساسيّة". في يوم الأربعاء الموافق 5.12.18 نحو السّاعة 13:30 ظهراً غادرت المدرسة وكنت أنوي العودة إلى المنزل برفقة ابن عمّي (يوسف غيث البالغ من العمر 12 عامًا) الذي يدرس في مدرسة "الهاجرية للبنين".
 رأيت الأطفال يرشقون الحجارة نحو ثلاثة من عناصر شرطة حرس الحدود بالقرب من البوّابة الحديدية في شارع السهلة. كما ورأيت في الموقع عبد الجليل الذي يدرس في مدرستي. كان هناك عدد قليل من الأطفال. فجأة رأينا خلفنا أربعة عناصر شرطة يحاولون الإمساك بنا. حاولت الفرار ثمّ أمسك بي أحد عناصر الشرطة ودفعني فوقعت على الأرض. أمسك الشرطيّ بي ولفّ يده حول رقبتي. في تلك الأثناء رأيت شرطيًا آخر يهاجم عبد الجليل.
اقتادني الشرطي إلى حاجز الصيدليّة واقتاد شرطيّان عبد الجليل. وشرطي آخر اقتاد طالبًا من طلّاب مدرسة "الهاجرية للبنين" لا أعرف اسمه.
أثناء وجودي في الحاجز سألني الضابط عن اسمي وسنّي وأراد أن يعرف اسمي والديّ. كما وسألني فيما إذا كنت ممّن رشقوا الحجارة وأنكرت ذلك. سأل أيضًا عن اثنين من أصدقائي إذا كان قد رشقا الحجارة. أجبته أنني لم أرهما يرشقان الحجارة. بعد مضيّ ساعة قرّر الضابط أن يسمح لي بالذهاب. عندما غادرت رأيت أبي وعمّي ينتظرانني.

مالك غيث

فارس الرّجبي (58 عامًا) والد الطفل أمير الرّجبي يقيم في حيّ جبل جوهر، أدلى بإفادته في 26.12.18 قائلًا:
في 5.11.18 نحو السّاعة 13:30 كنت في المنزل وجاء طالب من مدرسة ابني وأخبرني أنّ الجيش قبض على أمير وأخذه إلى أحد الحواجز. توجّهت على الفور إلى حاجز 160 وسألت عن ابني لكنّه لم يكن هناك. ذهبت للبحث عنه في حاجز الصيدليّة فاتّضح أنه كان هناك.
رأيت أحد معلّمي أمير يتحدّث مع عناصر شرطة حرس الحدود - يقول لهم إنّ أمير طفل صغير ويحاول إقناعهم بإخلاء سبيله. أنا أيضًا تحدّثت إلى أحد عناصر الشرطة فشرحت له أنني والد أمير وأنه طفل صغير وناشدته أن يخلي سبيله.
في البداية لم أرَ أمير. تجمّع حولي ثلاثة أو أربعة من عناصر شرطة حرس الحدود وأمرني أحدهم بالانتظار. كنت قلقًا جدًّا وخشيت أن يُرسلوا أمير إلى مركز الشرطة ومن ثمّ يعتقلوه وعندها سوف أضطرّ إلى دفع كفالة ماليّة لكي يخلوا سبيله.
بعد نحو نصف السّاعة اقترب منّي أحد الضبّاط وقال إنّه سوف يطلق سراح أمير وأنّ من واجبي أن أشرح له أنّه ممنوعٌ إلقاء الحجارة. كان أمير خائفًا لكنّه هدأ روعه عندما رآني. مددت له يدي فأمسكها وغادرنا الحاجز معًا متّجهين إلى المنزل.

أحدث أقدم