جريدة
القدس - حديث القدس/ المقال الذي نشره امس ديفيد فريدمان السفير الأميركي لدى دولة
الاحتلال والذي هو صهيوني متطرف من قمة رأسه حتى اخمص قدميه بمناسبة مرور عام على
نقل سفارة بلاده من تل ابيب الى القدس، والذي حاول من خلاله ربط تاريخ المدينة
باليهود منذ نحو ٣ آلاف عام، هذا الادعاء هو تزوير واضح للتاريخ وللحقائق
التاريخية في محاولة بائسة لتبرر قرار الإدارة الأميركية المتصهينة اكثر من
الصهيونية نفسها، رغم ان هذا القرار هو ضد القرارات الدولية وخاصة قرارات مجلس
الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعتبر القدس الشرقية مدينة محتلة وعلى
الاحتلال الإسرائيلي الانسحاب منها.
فحتى
التوراة والتي يعتبرها اليهود كتابا سماويا جاء فيها أن النبي موسى عليه السلام
وكليم الله، عندما خرج من مصر وجاء الى فلسطين كان سكانها الكنعانيون يعيشون فيها
وشعبنا الفلسطيني هو امتداد للكنعانيين الذين عاشوا في فلسطين منذ ما قبل ثلاثة
الآف عام الأمر الذي يؤكد أن محاولات امريكا ودولة الاحتلال تزوير وشطب تاريخ
شعبنا في فلسطين عامة والقدس خاصة هو أمر تدحضه كل الوقائع وتكشف زيف محاولاتهم
المحمومة.
كما
ادعى في مقاله المسموم والذي ترشح فيه العنصرية المقيتة ان المدينة منذ أن أصبحت
تحت الحكم الإسرائيلي عام ١٩٦٧م أصبحت مدينة حرة ومفتوحة للمؤمنين من الديانات
الإبراهيمية الثلاث وقد لاحظ الكثيرون في الولايات المتحدة هذا التغيير. إن هذا
الإسفاف الذي يدعيه فريدمان تكذبه الوقائع على الأرض، فقوات الاحتلال تنتشر في
المدينة بالآلاف، وتقمع الفلسطينيين وتقيم حول المدينة الجدار العنصري العازل
وتمنع مواطني الضفة والقطاع من الوصول الى المدينة وتعمل ليل نهار من أجل تقسيم
المسجد الأقصى الذي هو خالص للمسلمين، مكانيا بعد أن استطاعت تقسيمه زمانيا، وتحرم
شعبنا خارج جدار الفصل من الصلاة في أحد أقدس مقدساتهم الدينية، كما أنها تبعد
العديد من المقدسيين عن المسجد وتحرمهم من الصلاة فيه الى جانب الانتهاكات الأخرى
بحق المقدسيين وبقية أبناء شعبنا في الاراضي المحتلة.
فأين
هذه المدينة الحرة والمفتوحة للمؤمنين من الديانات الثلاث يا سفير فريدمان أشك
بمحاولاتك هذه أنك تستطيع إيهام العالم بذلك، فالعالم مع تطور وسائل الاتصالات والتكنولوجيا
أصبح قرية صغيرة، لا يمكن لاحد التزوير، لان الحقائق تبقى أقوى من هذا التزوير
والتزييف.
إن
جميع ادعاءاتك في مقالك المطول والمسموم لا يمكنه إن ينطلي على أصغر طفل فلسطيني،
فالقدس ستبقى فلسطينية وعربية وإسلامية وكذلك المسجد الأقصى طال الزمن أم قصر.
ويبدو
انك لم تتعلم من التاريخ فقد احتل القدس الكثير من الغزاة وحاولوا البقاء فيها
وشردوا أهلها إلا انهم اضطروا في النهاية الى مغادرتها بعد الهزائم التي لحقت بهم.
صحيح
أن الظروف اليوم مجافية لشعبنا وامتنا، إلا أن هذه الظروف لن تبقى على ما هي عليه
بل ستتغير، فحركة التاريخ والشعوب تسير إلى الأمام، وشعبنا الفلسطيني ومن خلفه
الأمتين العربية والإسلامية، سيخلقون الظروف التي تحقق الانتصار وتدحض كل الخرافات
والخزعبلات من أمثال ما يدعيه ويزعمه فريدمان.
وكما
طرد شعبنا وامتنا الغزاة السابقين، فسيطردون الاحتلال الغاشم الذي اعتقد ويعتقد
بان بقوته وبمساندة أميركا يمكنه تزوير الحقائق التاريخية الثابتة.