Adbox
جريدة القدس - حديث القدس / مرة أخرى تصر هذه الإدارة الأميركية على الإمعان في عدائها للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة حيث أحبطت صدور مجرد بيان عن مجلس الأمن الدولي يدين قيام الاحتلال الإسرائيلي بهدم منازل الفلسطينيين في واد الحمص بصور باهر، بعد أن قدمت كل من الكويت واندونيسيا وجنوب افريقيا مسودة بيان الى مجلس الأمن ثم عدلت الصيغة على أمل أن توافق عليها الولايات المتحدة، إلا أن واشنطن أبلغت أعضاء مجلس الأمن أنها لا يمكنها تأييد نص البيان لا بصيغته الأولى ولا الثانية، وهو ما يؤكد مجدداً ان الولايات المتحدة اختارت مواجهة الشرعية الدولية والمجتمع الدولي وفضلت الانحياز المطلق للاحتلال الاسرائيلي وانتهاكاته الجسيمة، والعداء السافر للشعب الفلسطيني.
إن ما يجب أن يقال هنا أن جريمة هدم عشرات الشقق السكنية في واد الحمص ليست الانتهاك الإسرائيلي الوحيد في مجال هدم المنازل فقد سبقها سلسلة طويلة من عمليات الهدم المتواصلة في مختلف أنحاء الأراضي المحتلة، حيث قامت قوات الاحتلال بهدم مغسلة سيارات ومنجرة غرب سلفيت، كما هدمت آبار مياه في الخليل وجرفت أراض زراعية، ليضاف ذلك الى سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية سواء عمليات الدهم والقتل والاعتقال، أو تقييد حرية حركة الفلسطينيين، أو الاستمرار في البناء الاستعماري بالاراضي المحتلة أو تهويد القدس وحصار غزة ... الخ من الممارسات التي تتناقض مع القانون الدولي واتفاقيات جنيف وإعلانات الحقوق، التي يبرر أن هذه الإدارة الأميركية أدارت لها ظهرها بل وبدأت بمحاربتها، وهو ما عبر عنه المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات أمام مجلس الأمن الليلة عندما هاجم الأجماع الدولي وعندما اعتبر أن هذا الاجتماع لا يمكن ان يحقق السلام، بل ومهاجمته للأمم المتحدة نفسها.
كما أن ما يجب أن يقال لغرينبلات، الذي يبدو انه يؤمن بشريعة الغاب بعيداً عن أية مرجعية دولية أو إجماع دولي أن من يدافع عن جرائم الاحتلال وانتهاكاته الجسيمة التي أدانها العالم أجمع ومن يبدي هذا القدر من العداء لشعب يناضل من اجل حريته وكرامته والتحرر من الاحتلال لا يمكن ان يكون حريصاً على تحقيق السلام العادل والدائم ولا أن يشكل بديلاً عن المرجعيات الدولية التي ارتضاها العالم اجمع في حل نزاعاته وصراعاته. كما ان غرينبلات لا يمكن ان يتستر وراء مهاجمة الأمم المتحدة وعجزها عن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو يدرك ان السبب الرئيسي لذلك هو الفيتو الاميركي الذي طالما استخدمته الولايات المتحدة للدفاع عن انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي، وكذلك تنصل الولايات المتحدة نفسها حتى من الحلول التي ارتضاها العالم اجمع للقضية الفلسطينية، أي حل الدولتين الذي تبنته اللجنة الرباعية الدولية والذي كانت أميركا نفسها طرفاً فيها.
المسؤول عن غياب العدل والسلام في هذه المنطقة هي الولايات المتحدة الأميركية وليس الأمم المتحدة أو الإجماع الدولي الذي يعبر عن ضمير شعوب العالم قاطبة، فأميركا ترامب وكوشنر وغرينبلات وديفيد فريدمان التي تسعى جاهدة لتصفية القضية الفلسطينية وضرب الشرعية الدولية وحليفها اليمين الاسرائيلي المتطرف الذي يسعى للتوسع والاستيطان والهيمنة ليس فقط على فلسطين بل على المنطقة بأسرها، هما المسؤولان عن غياب العدل والسلام.

وفي المحصلة من العار ان تعزل الولايات المتحدة، القوة العظمى، نفسها في خندق واحد مع هذا الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة العالم اجمع متنكرة لدستورها وللقانون الدولي وساعية الى الرجوع بالعالم الى شريعة الغاب لأن من يقود سياسة الولايات المتحدة حالياً أميركيون موالون للصهيونية داسوا كل القيم والمبادىء الإنسانية، وهو ما بدأ ينعكس سلباً على الدور المفترض لدولة عظمى في العالم.
أحدث أقدم