وفا-
يعكس قرار وزير جيش الاحتلال نفتالي بينت، الاستيلاء وضم أجزاء من الحرم
الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل، انفلات سلطات الاحتلال، وعدم التزامها بأي
اتفاق سياسي أو معاهدة دولية، وأنها ماضية في سياسة التهويد وفرض سياسة الأمر
الواقع والاستيطان والضم.
وفي
هذا الخصوص، اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات أن هذا
القرار الخطير جزء لا يتجزأ من سياسة الضم وتنفيذ عملي لها، ضمن خطة ترمب
ونتنياهو، قائلا إنه جزء من سياسة الإملاءات وفرض سياسة الأمر الواقع.
وأكد
عريقات أن القيادة ستخرج بقرارات خلال اجتماع لها السبت المقبل، للرد على هذا
القرار الخطير.
عضو
اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ قال في تغريدة له عبر تويتر، إن
توقيع بينت على قرار بمصادرة وضم أجزاء من الحرم الابراهيمي في الخليل، "يعد
إلغاء لبروتوكول الخليل وإنهاء للاتفاق الموقع بين منظمة التحرير وإسرائيل،
واستمرارا لمشروع الضم في الضفة والقدس".
من
جهته، اعتبر مدير عام التراث العالمي في وزارة السياحة والآثار أحمد رجوب، أن قرار
الاحتلال على الحرم له تأثير سلبي كبير عليه كموقع تراث عالمي وعلى القيم العالمية
الاستثنائية له، وهو يمس بسلامته وأصالته ويتسبب في أذى لا رجعة فيها.
وأشار
رجوب إلى أن إسرائيل ملزمة بالحفاظ على البلدة القديمة بما فيها الحرم الابراهيمي،
فهو قلب موقع التراث العالمي، ويخضع هذا الموضوع لاتفاقية التراث العالمي لعام
1972، المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي، التي وقعت عليها 192
دولة، لذا فهي تعد أهم اتفاقية دولية متعلقة بحماية التراث، والتي إسرائيل طرف
موقع عليها.
وشدد
على أن انسحاب إسرائيل من اليونسكو العام الماضي، لا يعني انسحابها من الاتفاقية،
وبذلك يجب أن تلتزم بالحفاظ على التراث العالمي، التي تعد البلدة القديمة والحرم
الإبراهيمي جزءا من هذا الموقع بشكل استثنائي.
وبين
رجوب، في ورقة أعدها، أن خطط الاستيلاء على البلدة القديمة والحرم الابراهيمي في
الخليل تعود الى عقود طويلة، فبعد احتلال المدينة عام 1967، استغل الاحتلال كل حدث
ومناسبة لتنفيذ خططه، وإنشاء مستوطنات غير شرعية في قلبها، وبعد مجزرة الحرم التي
ارتكبها المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين، استولى الاحتلال على ثلثي الحرم وحوله
لكنيس يهودي، واستمر تنفيذ هذا المسلسل حتى وصلت البلدة القديمة إلى ما وصلت إليه
من وضع في هذه الأيام.
وحول
القرار المتعلق بالاستيلاء على أراض حول الحرم، وإنشاء مصعد ومسارات ملاصقة له
بدعوى خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة من مستوطنين وزوار، أوضح رجوب أن هذه خطط معدة
من العام الماضي، حيث صادقت عليها حكومة الاحتلال نهاية نيسان/ ابريل الماضي، وتم
نشرها من قبل ما يسمى بمنسق وحدة أعمال حكومة الاحتلال في المناطق أمس الثلاثاء.
وذكر
أن هذا القرار يقضي بالاستيلاء على أراض وقفية في محيط الحرم الإبراهيمي، للبدء في
إجراءات الاستيلاء غير الشرعية، والتي تأتي كجزء من المشاريع الاستيطانية التي
تسعى إلى تهويده، وفرض السيطرة الكاملة عليه.
وبين
أن البلدة القديمة في الخليل بما فيها الحرم الابراهيمي الشريف سجلت عام 2017 على
قائمة التراث العالمي، والتراث المهدد بالخطر، بسبب السياسات الاستيطانية والمخاطر
التي تتعرض لها من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يعني أن الحرم الإبراهيمي
الشريف هو جزء أساسي من موقع التراث العالمي ومسؤولية الحفاظ عليه وحمايته أصبحت
مسؤولية دولية.
وحول
الالتزامات الدولية المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، قال رجوب:
"تعتبر المادة 6 من الاتفاقية المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي
والطبيعي لعام 1972 أن "كل دولة طرف في هذه الاتفاقية تتعهد بعدم اتخاذ أي تدابير
مدروسة قد تضر بشكل مباشر أو غير مباشر بالتراث الثقافي والطبيعي الواقع على أراضي
دول أطراف أخرى ف هذه الاتفاقية".
وأضاف
ان المادة 7 تنص على أن "الحماية الدولية للتراث الثقافي والطبيعي العالمي
يجب أن تُفهم على أنها تعني إنشاء نظام للتعاون والمساعدة الدوليين مصمم لدعم
الدول الأطراف في الاتفاقية فيما تبذله من جهود للحفاظ على هذا التراث وتحديد
هويته".
وتابع:
"بما أن دولة الاحتلال موقعة على هذه الاتفاقية فهي ملزمة بالحفاظ على الحرم
الإبراهيمي كجزء من التراث الإنساني، ويعتبر أي تدخل ضد التراث الفلسطيني من قبل
الاحتلال مخالفا بشكل واضح وصريح للقانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات الدولية
المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949
واتفاقية لاهاي لسنة 1954 الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح،
وكقوة احتلال ملزمة بحماية التراث الفلسطيني للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال
الإسرائيلي".
وحول
التبعيات القانونية على المستوى الوطني، أوضح رجوب أنه من ناحية قانونية يعتبر ما
اتخذه الاحتلال من قرارات بشأن الحرم الابراهيمي ومحيطه، مخالفا للقوانين الدولية
والوطنية، خاصة أن الحرم ومحيطه أراض وقفية ولا تجيز هذه القوانين الاستيلاء أو
التعدي عليها.
وقال
"بالتدقيق في القرار الأخير، يبدو أن سلطات الاحتلال تحاول الالتفاف على هذه
القوانين وتمنح مدة 60 يوما للاعتراض".
وأضاف
"بهذا الإجراء تصبح هناك معركة قانونية في محكمة الاحتلال العليا، وكالعادة
تقودها الوحدات القانونية في بلدية الخليل ولجنة الإعمار ووزارة الأوقاف، وهي
بحاجة لدعم من مؤسسات دولة فلسطين خاصة من الناحية السياسية، لأن التعدي على الحرم
الابراهيمي الشريف، يعتبر جريمة ضد الإنسانية، وممكن ملاحقة الاحتلال في المحاكم
الدولية ذات العلاقة".
وأكد
رجوب أن وزارة السياحة والآثار تتابع مع جميع الأطراف والشركاء على الصعيد الوطني،
الاعتداءات الإسرائيلية وتوثقها حسب الأصول وتسلمها لمندوبية فلسطين لدى
"اليونسكو" التي تقوم بدور مهم ومحوري من حيث التنسيق مع لجنة التراث
العالمي والمجموعة العربية، ومخاطبة مدير عام "اليونسكو"، والطلب منه
عمل كل ما يلزم لحماية التراث الفلسطيني، وإلزام دولة الاحتلال بالحفاظ عليه
وحمايته وفق الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.