Adbox

 


جريدة الأيام - لن يتمكّن الشقيقان رامي وحافظ مساعيد، من خربة يرزا في الأغوار الشمالية، من الاعتراض على قرار سلطات الاحتلال القاضي بهدم منشأتيهما الزراعيتين؛ بعد أن صدر قرار الهدم بالاستناد إلى الأمر العسكري "1797"، والذي يمكّن جيش الاحتلال من تنفيذ أوامر الهدم في غضون 96 ساعة.

ودخل هذا الأمر العسكري، الذي أقرته وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة أيليت شاكيد، حيز التنفيذ في الثلاثين من نيسان العام 2019؛ لتقليص الفجوة بين التشريعات والقوانين السارية في الأراضي المحتلة عام 1967، والقوانين الإسرائيلية المطبقة داخل الخط الأخضر.

وسلّمت سلطات الاحتلال الشقيقين مساعيد قراراً بهدم منشأتيهما بذريعة بنائهما من دون ترخيص في منطقة مصنفة على أنها عسكرية مغلقة.

وقال الناشط الحقوقي عارف دراغمة: إن سلطات الاحتلال استندت في قرار الهدم إلى الأمر العسكري "1797"، والذي يحرم الفلسطينيين من أي إمكانية للاعتراض على أوامر هدم أصدرتها ما تسمى "الإدارة المدنية" بحق مبان جديدة، وذلك يعني أن إسرائيل تستطيع منذ الآن هدم منازلهم فوراً.

ووفق مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، فإن الأمر العسكري يمنح كل مراقب من الإدارة المدنية صلاحية إصدار تعليمات بإزالة أي مبنى جديد، بما في ذلك المباني التي لم ينته العمل على إنشائها أو التي انتهى العمل على إنشائها خلال نصف السنة الأخير، فيما يستطيع أي مراقب إصدار تعليمات بهدم المباني السكنية إذا لم يتم الانتقال للسكن فيها بعد، أو إذا لم يمض بعد 30 يوماً على هذا الانتقال.

وأوضح المركز أن الأمر العسكري يمنح من يملك رخصة بناء تخص المبنى فرصة تقديم طلب لإلغاء أمر الهدم خلال 96 ساعة، وإذا لم يتم تقديم مثل هذا الطلب خلال الفترة المذكورة ولم يهدم المالك المبنى بنفسه، يحق عندئذ للمراقب إزالته عن الأرض وإزالة كل ما هو موصول به.

وأكد أن الأمر العسكري هذا يشكل في جوهره لبنة إضافية في سياسة التخطيط والبناء التي تطبقها إسرائيل في الضفة الغربية، والتي تهدف أساساً إلى منع أي تطوير فلسطيني، وسلب أراضي الفلسطينيين وتخصيص أقصى مساحة ممكنة من الأرض لاحتياجاتها هي.

وأضاف المركز: بهذه الطريقة حددت إسرائيل مساحات واسعة منذ البداية على أنها ممنوعة للبناء الفلسطيني، مصنفة إياها كأراضي دولة ومناطق إطلاق نار أو محميّات طبيعية، أما المساحات القليلة المتبقية فلا يتعاطى معها جهاز التخطيط بتاتاً؛ إذ ترفض إسرائيل كقاعدة عامة إعداد خرائط هيكلية لها.

وجاء في تقرير أصدره المركز: "حتى الآن شكل إصدار أوامر الهدم محركاً للجوء الفلسطينيين إلى الإجراءات القضائية التي قد تستمر شهوراً طويلة أو حتى سنوات، ونتائجها معلومة سلفاً في كل الحالات تقريباً، ومختلف المستشارين القضائيين ولجان الاعتراض وقضاة المحكمة العليا لا يتناولون بتاتاً سياسة إسرائيل وآثارها، وإنما يحصرون دورهم بفحص الأسئلة التقنية، حيث يبحثون في مداولاتهم هل يحق لمقدمي الالتماس المكوث في أراض مصنفة منطقة إطلاق نار، وتتجاهل سؤال صلاحية تصنيفها كذلك أصلاً، وهل لديهم رخصة بناء للمبنى الذي صدر بحقه أمر الهدم، ويتجاهلون حقيقة أن إسرائيل تتعمد عدم إعداد خرائط هيكلية للبلدات الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج)، وهل استنفذوا جميع الإجراءات قبل توجههم إلى المحكمة، أم أنهم ماطلوا أكثر مما ينبغي، وفي معظم الحالات تكون الإجابة عن هذه الأسئلة بالنفي، وبناء عليه ترفض الالتماسات".

ورأى أن المغزى الأساسي من الأمر الجديد هو إلغاء إمكانية المراجعة القضائية لأوامر الهدم وسياسة التخطيط والبناء التي تطبقها إسرائيل في الضفة الغربية، رغم أنه إجراء شكلي لا أكثر، لكن هذا لا يعني أنه ينبغي الاستخفاف بتبعات الأمر الجديد.

وتشير المعلومات المتوفرة لدى مركز القدس للمساعدة القانونية، إلى تكثيف استخدام هذا الأمر العسكري منذ شباط الماضي، وخلال فترة انتشار جائحة "كورونا".

وبحسب مدير "الحشد والمناصرة" في المركز، عبد الله حماد، فإن الأمر العسكري دخل حيز التنفيذ في الثلاثين من نيسان العام الماضي، إلا أن تطبيقه بدأ مع نهاية العام الماضي وبشكل بطيء جداً.

وقال حماد: "إن الأمر العسكري لا يعطي فرصة للمتضرر للتظلم، فالفرص المتاحة هي فرص شكلية وبالمجمل لن تؤدي إلى إلغاء أمر الهدم، وحتى في الظروف الاستثنائية للبناء، فقد يصدر أمر وقف هدم مؤقت لفترة زمنية قصيرة لا تتعدى أسبوعين. ووفقاً لهذا الأمر العسكري، فإن مصدر الإخطار هو نفسه الشخص الذي سينظر في التظلم خلال 96 ساعة، لأن المفتش في الإدارة المدنية موظف يعطي المعلومات للجنة الثانوية للتفتيش التابعة لمجلس التنظيم الأعلى حول منزل غير مرخص، وهو نفسه يملك صلاحيات قضائية بإعطاء الإخطار وإصدار الحكم النهائي خلال أربعة أيام، ليصبح قراراً تنفيذياً قضائياً وليس فقط قراراً إدارياً، وهو ما يعني عملياً ضم الاحتلال لأراض فلسطينية".

وأوضح أن هذا الأمر العسكري يستهدف تقريباً معظم المناطق المصنفة "ج"، والتي يدور الحديث عن ضمها وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، بمعنى أن الأمر العسكري المانع للبناء في هذه المناطق سيجعل منها مناطق فارغة من السكان، وبالتالي فإن عملية الضم والسيطرة عليها ستكون أسهل.

وعبّر عن خشيته من أن يمتد تطبيق الأمر العسكري إلى كل مناطق "ج"، في حال انتهاء الفترة التجريبية، أما في حال لم يقتنع الاحتلال بجدواه فقد يلجأ إلى تشديدات أكثر من أجل فعالية أكبر لهدم المباني الجديدة وإبقاء الأراضي الفلسطينية فارغة، وهو هدفه الأول.

أحدث أقدم