Adbox

 


وفا- يهجع قطيع من الأبقار تحت بعض أشجار السدر والأشجار الضخمة النابتة بالقرب من نبع عين الحلوة في الأغوار الشمالية، في واحدة من أكثر عادات الرعي منذ عشرات السنين ثبوتا. غير أن لهذا القطيع مستقبلا مجهولا بعدما أعلن الاحتلال عن استيلائه على أكثر من 1600 دونم بحجة أنها "محميات طبيعية".

على امتداد السنوات الماضية، كان قدري عليان دراغمة يترك أبقاره تتفيأ ظلال الشجرات الضخمة  نهارا قرب النبع، لكن أصبح على الرجل من سكان عين الحلوة، البحث عن مكان آخر لتَستظل فيه أبقاره التي تكابد حرّ الصيف ولهيبه الذي تقترب حرارته من أربعين درجة مئوية.

وقدري دراغمة، سليل عائلة تمتهن تربية الماشية منذ سنوات، يورد أبقاره  نبع عين الحلوة قبل أن يتركها تَقيل في ظل بعض الأشجار وارفة الظلال.

وعين الحلوة، نبع ماء عذب ظل يستفيد من الفلسطينيون طيلة سنوات، يشق طريقه على خجل نحو وادي الأردن، تقع عند سفح جبل أقام المستوطنون على قمته مستوطنة "مسكيوت".

وبحسب الإعلان الأخير، فإن النبع والأشجار الضخمة التي تمثل مَعلَما من معالم الأغوار، أصبحت ضمن حدود المحمية الطبيعية.

في شهر تشرين الثاني/ اكتوبر الماضي، استولى الاحتلال على أكثر من 11 ألف دونم من الأغوار الفلسطينية لصالح "المحميات الطبيعية"، تضم 3 محميات طبيعية تابعة للاحتلال الإسرائيلي في الأغوار الفلسطينية. وتقع هذه الأراضي في دير حجلة بأريحا، والأخرى جنوب الجفتلك قرب مستوطنة "مسواه" المقامة على أراضي المواطنين، والثالثة شرق عين الحلوة والفارسية في الأغوار الشمالية في المنطقة الواقعة بين مستوطنتي "مسكيوت، وروتم" المقامتين على أراضي المواطنين في الأغوار.

يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات إن التواجد في أراضي المحميات الطبيعية يصبح  "جريمة" يعاقب عليها القانون الإسرائيلي من خلال فرض غرامات مالية ضد الفلسطينيين، فيما أفاد مواطنون يقطنون الأغوار الشمالية لمراسل "وفا"، إن المساحات التي أعلن عنها الاحتلال العام الماضي كمحميات طبيعية، يستبيحها المستوطنون بأبقارهم ومواشيهم.

يكرر بشارات الكلام ذاته، عندما أخبر مراسل "وفا"، أن المستوطنين هم رأس حربة الاحتلال في الاستيلاء على الأغوار، لتفريغها من سكانها الأصليين.\

عند انتهاء فصل الربيع، تجف الأعشاب في جبال الأغوار الشمالية، ويصبح رعاة الماشية في الشريط الغائر يجوبون الجبال القريبة من خيامهم بحثا عن الطعام لمواشيهم، لكنهم باتوا يفقدون الآن عشرات الآلاف من الدونمات التي تستخدم كمراعٍ بحجة أنها "محميات طبيعية".

مساء الأمس، أعلن الاحتلال عن مخطط للاستيلاء على مساحات من أراضي الأغوار لصالح المحميات الطبيعية، وهي بالمجمل أراضٍ رعوية تبدأ من عين الحلوة القريبة من مستوطنة "مسكيوت" مرورا بــ"أم الجمال"، حتى الفارسية وهي شريط من المراعي.

ومع الإعلان الجديد للمحميات في الأغوار الشمالية، طرأت بعض التعديلات على حدود المحمية الواقعة بين عين الحلوة والفارسية، فقد أخبر بشارات مراسل "وفا"، أنه ضمن هذا الإعلان فقد أصبح نبع عين الحلوة ضمن حدود المحمية، في مقابل ذلك أصبح كرم من الزيتون التابع لمستوطنة "روتم" خارج حدودها.

في الواقع، لا يبرح المستوطنون النبع، وقد عملوا في وقت سابق من هذا العام على وضع بعض المقاعد المتحركة "ألعاب للأطفال" وأضافوا بعض التعديلات على محيط النبع، علاوة على أن مواشيهم تستبيح معظم جبال الأغوار.

يقول بشارات: "أصبح الآن في الأغوار الشمالية خمس محميات طبيعية أعلن عنها الاحتلال منذ احتلاله الضفة الغربية". ويستولي الاحتلال من خلال هذه المحميات على أكثر من 76 ألف دونم.

وأضاف: "هناك جهد إسرائيلي لضم الأغوار دون ضجيج (..)، إنهم يعملون بصمت واضح"، فيما يقول دراغمة: "وجدنا أوراقا مبثوثة في محيط النبع تحظر علينا التواجد عنده؛ بحجة أنها محميات طبيعية.. لم تبق لنا حياة، حرمونا من الماء والمرعى".

أحدث أقدم