Adbox



وفا- على بعد عشرات الأمتار غرب الحرم الابراهيمي الشريف في البلدة القديمة وسط مدينة الخليل، تقع حارة بني دار التي تتعرض باستمرار لاعتداءات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، ومحاولات تهويدها والاستيلاء عليها.

ما يميز "بني دار" هو قصورها التاريخية وقبابها وأقواسها الإسلامية وقناطرها وأزقتها المزخرفة ونوافذها الملونة التي تشهد على أصالة العمارة والفن الإسلامي العريق، ما جعلها محط أطماع الاحتلال والمستوطنين.

في هذه الحارة تقطن المسنة أم صالح جابر برفقة زوجها المسن المقعد أبو صالح (65 عاما) وتسعة من أبنائها، تقول لــ"وفا"، "بيتنا ملاصق لبيوت فلسطينية استولى عليها مستوطنون بقوة السلاح وهم يواصلون اعتداءاتهم علينا وعلى السكان القاطنين بمحاذاتنا يوميا".

وتضيف "نصب الاحتلال عشرات كاميرات المراقبة في كل زاوية من الزوايا المحيطة بنا، لتصبح بيوتنا وتحركاتنا مرصودة ومكشوفة، وفيها انتهاك لخصوصياتنا، ومتابعة بشكل محكم من قبلهم على الدوام".

وتوضح جابر "المستوطنون يعمدون دوما إلى تحويل مياههم العادمة صوب منازلنا حتى أصبحت حياتنا جحيما لا يطاق، كما أن صراخهم لا يتوقف ليل نهار من داخل البيوت التي استولوا عليها بالقوة، علاوة على قيامهم بالاحتفالات الصاخبة على أسطح المنازل وفي محيطها، لإرغامنا على الرحيل".

ورغم المعاناة التي تتعرض لها عائلة جابر إلا أنها تؤكد تمسكها وتصميمها على البقاء في بيوتها، "لن نبرح مكاننا لينعم بها هؤلاء به" قالت أم صالح.

وتضيف "في الأعياد اليهودية تتضاعف اعتداءاتهم علينا وعلى جيراننا، وذلك لأن أعدادهم تتضاعف ويساندهم في ذلك المستوطنون من المستوطنات المقامة على جبل الخليل ومن خارج المحافظة".

وعن واقع حياتهم اليومية المريرة توضح المسنة أم صالح، ان أسماءهم مسجلة لدى الحواجز العسكرية الإسرائيلية المنتشرة على مداخل الخليل العتيقة، كي تسمح لهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالدخول وإدخال مستلزمات حياتهم اليومية الأساسية من مأكل ومشرب وملبس وغيرها، بعد تفتيشهم بشكل دقيق وتعسفي مذل.

تطالب جابر أحرار العالم بحمايتهم من محاولات التهجير القسري عبر تضييق الخناق عليهم من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين المتطرفين، وتعزيز صمودهم في بيوتهم وحاراتهم.

 

وبحسب متولي وقف الصحابي الجليل تميم بن أوس الداري أحمد سعيد التميمي، فإن حارة بني دار التي يعمل الاحتلال على تهويدها تمتاز بتاريخها الممتد الى ما يقارب (6 آلاف عام) بمنازلها الشاهقة وأدراجها الدوارة، مقارنة بالمنازل الأخرى التي بنيت في الحارات والأحياء الأخرى المحيطة بالحرم الابراهيمي.

وبقيت هذه الحارة صامدة في وجه الغزاة الطامعين، ولا زالت صامدة رغم اعتداءات الاحتلال وأطماع المستوطنين المتواصلة للاستيلاء عليها.

يقول التميمي لـ"وفا"، "على مدار التاريخ كانت البلدة القديمة بشكل عام، وحارة بني دار خاصة، مزارا للسياح والرحالة الذين مروا بها، ومكثوا فيها، وكتبوا عنها الكثير، ونقلوا الى بلادهم الفنون المعمارية التي شيدت بها، وتميزت بدقة زخارفها".

وفي إطار حماية البلدة القديمة وحارة بني دار من أطماع الاحتلال ومستوطنيه، أشار التميمي الى ان منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" اعتبرت البلدة القديمة والتي تضم في جنباتها حارة بني دار والحرم الابراهيمي وغيرها "منطقة محمية" بصفتها موقعا "يتمتع بقيمة عالمية استثنائية" وأدرجتها على لائحتين هما "لائحة التراث العالمي، ولائحة "التراث المهدد".

أما الباحث مؤلف كتاب الحارات العتيقة في مدينة الخليل العريقة نضال كاتبة بدر فيشير لـ"وفا"، الى ان الحارة سميت حارة بني دار نسبة الى الداريين الذين سكنوها ويتصل نسبهم بقبيلة (لخم الدارية) وهي قبيلة الصحابي تميم بن أوس الداري، وهم سكان الخليل الأصليون، وورد اسمها في كتاب الأنس الجليل تحت اسم (حارة الداريين او الدارية) وهي من أحسن الحارات شكلا ومساحة وبناء، وكان لها باب يغلق في فترات محددة حيث يقع ضمن نسيجها البنائي (خان الخليل)، وله باب يعرف حتى يومنا هذا بباب الخان.

وبحسب الباحث، فإن من أهم معالم حارة بني دار وأسواقها: خان الخليل، وبركة السلطان، وحمام إبراهيم الخليل، والبركة، وحاكورة الكيال، وجزء من سوق الخضار التاريخي، والتكية، ودائرة الأوقاف، والسوق الشعبية القديمة وما فيها من الصناعات التقليدية.

أحدث أقدم