Adbox

 


وفا- منذ عام 1967 بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي باستخدام قانون الاعتقال الإداري، والذي ورثته عن الانتداب البريطاني كأداة لقمع شعبنا، بشكل يخالف معايير حقوق الإنسان، وما زالت تستخدمه حتى يومنا هذا، الأمر الذي يدفع بالأسرى لخوض إضرابات طويلة رفضا لهذا الاعتقال.

وتعتمد إجراءات الاعتقال الإداري التي يطبقها الاحتلال الإسرائيلي على المادة 111 من أنظمة الدفاع لحالة الطوارئ التي فرضتها السلطات البريطانية في أيلول/ سبتمبر من العام 1945، حيث أصدر العديد من الأوامر العسكرية الإضافية للتغطية على هذه السياسة.

وحاليا، يواصل سبعة أسرى إضرابهم المفتوح عن الطعام ضد هذا الاعتقال، أقدمهم كايد الفسفوس المضرب منذ 101 يوم، ومقداد القواسمة منذ (94 يوما)، وعلاء الأعرج منذ (77 يوما)، وهشام أبو هواش منذ (68 يوما)، وشادي أبو عكر الذي يخوض إضرابه لليوم (60 يوما)، وعياد الهريمي منذ (31 يوما)، وآخرهم الأسير رأفت أبو ربيع المضرب منذ نحو أسبوع.

مصطفى بشارات من بلدة طمون جنوب شرق طوباس، هو من الذين اعتقلوا إداريا بداية انتفاضة الأقصى التي اندلعت أحداثها عام 2000، حيث أمضى ثلاثة أعوام متتالية في سجون الاحتلال، امتدت بين عامي 2002 و2005.

 

يروي بشارات في حديثه لـ"وفا" ما يعانيه المعتقل الإداري من ضغوطات نفسية وأوضاع قاسية، فبالرغم من مرور سنوات طويلة على تجربته في الاعتقال، إلا أن تفاصيلها ما زالت محفورة في ذاكرته.

يقول بشارات: "يعيش الأسير الإداري حالة قلق وترقب دائم، فهو معتقل بموجب ملف سري ودون أية تهمة ولا يعرف متى سيتم إطلاق سراحه، ويبقى مصيره مجهولا".

ويضيف "يتعرض الأسير الإداري في التحقيق لضغوطات كبيرة، يمارسها المحقق لإجباره على الاعتراف بتهم لم يرتكبها ولإثبات أية تهمة عليه، وأحيانا يتم عرض صفقات عليه للاعتراف بتهمة مقابل تحديد فترة اعتقاله، وبالتالي يبقى في ضغط نفسي ويقع بين خيارين مريرين وهما الاعتراف بتهمة لم يرتكبها، أو تمديد اعتقاله لفترات طويلة كإجراء عقابي، وبالتالي يفتقد لمحاكمة عادلة".

يشير المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه، إلى أن الاعتقال الإداري من أكثر الأمور التعسفية التي يمارسها الاحتلال بحق أبناء شعبنا، ويستخدمها كسياسة عقاب جماعي في مخالفة للقوانين والنصوص الدولية التي تضع ضوابط شديدة لهذا الاعتقال.

ويضيف: أن أهم المعايير الدولية لاستخدام الاعتقال الإداري أن يكون استثنائيا، ولمدة قصيرة ومحدودة، ووجود ضرورة أمنية ملحّة لذلك، كما أن الأعراف الدولية تنص على أن هذا الاعتقال يجب أن يمارس من جهة عليا، ولكن ما يقوم به الاحتلال مخالف لكل ذلك، للحد الذي جعل من إصدار الأوامر الإدارية أمرا سهلا بيد ضباط المخابرات دون وضع قيود.

وبحسب عبد ربه، فإن الطريقة التي يستخدم بها الاحتلال هذا الاعتقال تتناقض مع مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، لأنه ينتهك حق المعتقل في المحاكمة العادلة، بحيث لا يقدم خلالها أية لوائح اتهام ولا يكون للقاضي دور فيها، وبالتالي يبنى الاعتقال على ملف سري، وبناء على ذلك يقوم ضابط المخابرات بإصدار الأمر الإداري أو تجديده.

وفسر عبد ربه تمسك الاحتلال الإسرائيلي بهذا الاعتقال، لأنه يسهل اعتقال أعداد كبيرة من المواطنين دون تهم، حيث كثف من استخدامه خلال الانتفاضات والهبات الشعبية، وهو ما شهدناه أيضا خلال العام الحالي خلال أحداث القدس بما فيها حي الشيخ جراح.

وأكد أنه على مدار سنوات الاحتلال، تم إصدار أكثر من 57 ألف أمر اعتقال إداري، أكثرها خلال انتفاضتي الحجارة والأقصى، موضحا أن 60% من المعتقلين إداريا يتم تجديد اعتقالهم مرة واحدة على الأقل.

وفقا لتقرير أعده مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، "يجري الاعتقال الإداري دون محاكمة استنادًا إلى أمر يصدره قائد المنطقة وباعتماد أدلّة وبيّنات سرّية - لا يطّلع عليها حتّى المعتقل نفسه، هذا الإجراء يجعل المعتقل في وضع لا يحتمل إذ يقف عاجزا في مواجهة ادعاءات لا يعرفها وبالتالي لا يملك طريقة لتفنيدها ودحضها بلا لائحة اتهام ولا محاكمة وبالتالي دون إدانة ودون أن يعرف متى سيتمّ إطلاق سراحه".

وتوضح المؤسسة أن إسرائيل "تستخدم إجراء الاعتقال الإداري على نحوٍ جارف دون أن تردعها أحكام القانون الدولي: تستخدم إسرائيل إجراء الاعتقال الإداري بشكل روتيني بحيث اعتقلت على مر السنين آلاف الفلسطينيين لفترات طويلة تراوحت بين بضعة أشهر وبضعة سنين، دون أن تقدّمهم للمحاكمة ودون أن تواجههم بالتهم المنسوبة إليهم ودون أن تسمح لهم أو لمحاميهم بالاطلاع على الأدلة. ضمن ذلك اعتقلت إسرائيل أيضًا قاصرين لم يتجاوزوا سنّ الثامنة عشرة".

كما يشير التقرير إلى أن: "إسرائيل تسجن باستمرار معتقليها الإداريين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وهو انتهاك للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تقضي باعتقال الأشخاص الذين يخضعون تحت سلطة الاحتلال في سجون داخل الأرض المحتلة"".

وتوضح ورقة حقائق نشرتها مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان عن الاعتقال الإداري، أن هذا الاعتقال إجراء مرتبط بالوضع السياسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو عقاب وإجراء سياسي يعبر عن سياسة حكومية رسمية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي باستخدامها إياه كعقاب جماعي ضد الفلسطينيين، وأن الشكل الذي تستخدمه فيه محظور في القانون الدولي.

وتشير المؤسسة إلى أهم المبادئ والقوانين والحقوق التي ينتهكها الاحتلال خلال تنفيذه الاعتقال الإداري، هي أن محاكم الاحتلال تستند على مواد سرية وهو يخالف ما تنص عليه المادة ة 9(2) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" على أنه "يجب إبلاغ كل شخص يقبض عليه بأسباب القبض عليه لدى وقوعه، ويجب إبلاغه على وجه السرعة بأية تهمة تُوجَّه إليه".

كما ينتهك الاعتقال الإداري حق المعتقل في عدم التعرض للقبض عليه أو اعتقاله تعسفياً، حيث تنص المادة 9(1) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" على أنه "لا يجوز القبض على أحد أو اعتقاله تعسفاً"، وأنه "لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه".

ويضاف لذلك أنه يتم محاكمة الفلسطينيين في محاكم عسكرية إسرائيلية لا تراعي أصول المحاكمة العادلة المنصوص عليها قانونيا ودوليا، ونظراً لأن الاعتقال الإداري يتم دون محاكمة فعلية، فتكون مراجعة ملفاته في محكمة رقابة قضائية من قبل قاض عسكري وليس لجنة، وتقع جلسات مراجعة الاعتقال الإداري تحت مصنف الجلسات غير العلنية بينما تكفل المادة 14(1) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الحق في المحاكمة العلنية.

 

وتشير المعطيات الواردة لدى المؤسسة أن سلطات الاحتلال أصدرت منذ العام 1967 ما يزيد عن 50 ألف أمر اعتقال إداري، 24 ألفا منها صدرت ما بين العامين 2000 و2014.

وأثناء انتفاضة الحجارة، وصل عدد المعتقلين إداريا في العام 1989 إلى ما يزيد على 1700 معتقل، وفي العام 2003 إبان انتفاضة الأقصى بلغ عددهم 1140 معتقلا.

ومنذ الهبّة الشعبية عام 2015 حتى نهاية العام 2018 أصدرت سلطات الاحتلال 5068 أمر اعتقال إداري بين أمر جديد وتجديد لأمر."

أحدث أقدم