Adbox

 


"الأيام" كل ما تخشاه العائلات البدوية في مناطق متفرقة من الأغوار الشمالية، أن تكون عمليات إجلاء العشرات منها عن مساكنها البدائية من قبل قوات الاحتلال بذريعة إجراء مناورات عسكرية بالذخيرة الحية، بمثابة مقدمة لاجتثاثها من أماكن سكناها في إطار مخطط إسرائيلي قديم جديد يهدف إلى اجتثاث الوجود الفلسطيني من سفوح فلسطين الشرقية لصالح الاستيطان.

وكانت حركة آليات الاحتلال العسكرية الثقيلة في سهول عدة تجمعات بدوية بالأغوار الشمالية، تنذر بأيام صعبة ستحل على تلك التجمعات التي تعيش على صفيح ساخن، من وجهة نظر العائلات البدوية التي تعيش فيها منذ القدم، بذريعة إجراء تدريبات عسكرية تشارك فيها الدبابات وناقلات الجند المدرعة والمجنزرات، إلى جانب الجرافات الضخمة.

وأشار الناشط الحقوقي عارف دراغمة، إلى أجواء من الرعب والخوف الشديد تسيطر على العائلات البدوية ومربي الثروة الحيوانية الذين أصبحوا يخشون التوجه إلى المراعي الخضراء بسبب تلك التدريبات.

وذكر أن الجرافات العسكرية وصلت الليل بالنهار وهي تقوم بشق طرق وعمل خنادق في مناطق عديدة بالأغوار، بعد أن حولت قوات الاحتلال حياة القاطنين في التجمعات السكانية القريبة من مناطق إطلاق النار والمناورات العسكرية، إلى جحيم لا يطاق، كما أكد دراغمة، الذي قال، إنه لم يعد هناك فرق يذكر بين الليل والنهار بالنسبة للقاطنين في تلك التجمعات، حيث تقض التدريبات العسكرية التي يجريها جيش الاحتلال على مدار الساعة، مضاجع العائلات التي تعيش أصلا هناك في ظل ظروف قاسية.

وأشار دراغمة إلى أن آليات الاحتلال الثقيلة تتعمّد تخريب أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الزراعية في السهول، حيث تقوم الدبابات وناقلات الجند المدرعة، بحركات دائرية الهدف منها وأد المحاصيل الزراعية وهي في مراحل نموها الأولى تحت الجنازير التي تحرث الأرض وتدمر كل شيء تحت وفي طريقها.

وأكد أن جيش الاحتلال يحول مساكن المواطنين إلى ساحة حرب ومناطق للرماية وإطلاق النار الكثيف على مدار الساعة، في وقت تواجه فيه عشرات العائلات خطر التشريد والترحيل لأيام عدة إلى حين انتهاء هذه التدريبات التي أسفرت عن تدمير مئات الدونمات الزراعية والأراضي الرعوية.

ولفت إلى أن "مئات الدونمات المزروعة بمحاصيل البيقيا والقمح والشعير والخضراوات، تم تدميرها تحت جنازير الدبابات في خربة ابزيق ومنطقة الشك بالفارسية وقاعون ومناطق عدة أخرى في الأغوار الشمالية، فيما أغلقت التدريبات المراعي أمام عشرات الرعاة، وسط تخوف من وجود مخلفات ألغام في أماكن لا يمكن مشاهدتها".

وبالتوازي مع الدمار الذي ألحقه جيش الاحتلال بالأراضي الزراعية، قال دراغمة لـ"الأيام"، عمد الاحتلال إلى إخلاء مساكن عشرات العائلات ليلاً وتشريدها في العراء، وسط تخوف العائلات من القذائف التي يطلقها جيش الاحتلال في المنطقة في إطار تدريبات عسكرية ومخلفات حربية شكلت خطراً حقيقياً على السكان في الأعوام السابقة وما زال كابوسها يقض مضاجع الأهالي يومياً في الأغوار.

واعتبر دراغمة التدريبات العسكرية التي ينفذها الاحتلال في الأغوار وسيلة ابتكرها لضرب الوجود الفلسطيني هناك، حيث يختار الاحتلال الأوقات الحساسة من كل عام لتنفيذ تلك التدريبات التي تتم بشكل منظم كان ولا يزال لها بالغ الأثر السلبي سواء في الوقت الحاضر أو حتى على المدى البعيد، لتكون سبباً رئيساً في تدمير شرايين الحياة هناك، فالاحتلال لا يأبه بما تسببه تلك التدريبات من ويلات على المنطقة كلها.

وشرع جيش الاحتلال، مؤخراً، بتنفيذ تدريبات عسكرية في مناطق متفرقة من الأغوار تتركز في محيط الخرب البدوية في الفارسية، وأم الجمال، ويرزا، وحمصة، وحمصة الفوقا، ومكحول، والرأس الأحمر، والبرج والميتة في محافظة طوباس، إضافة إلى منطقة حوض لفجم والطويل في الأغوار الوسطى.

وحوّل المراعي هناك إلى ثكنات عسكرية، وغالبا ما يتم افتعال النيران في تلك المراعي بهدف عدم استفادة المزارع منها مرة أخرى كما حدث حديثاً من إحراق ما يزيد على 500 دونم من الأراضي الرعوية في منطقة حمصة الفوقا، وبالتالي سينعكس ذلك بشكل مباشر على المزارعين والسكان البدو عبر حرمانهم من الاستفادة من الأراضي الزراعية سواء الزراعة أو مناطق الرعي، في ظل ارتفاع كلفة شراء الأعلاف التي ترهق كاهل المزارع هناك.

وتعتبر المساكن البدوية نفسها غير بعيدة عن طائلة الاستهداف، فتعتبر تلك المنشآت حلقة من حلقات التدريب في المنطقة، ما يعرض الأهالي إلى الخطر المحدق، في ظل وجود عشرات العائلات البدوية التي تضررت من إجراء تلك التدريبات، فهناك الجريح والشهيد وهناك من أضحى يعاني من إعاقة أفقدته قدرته على العطاء والحياة.

كتب محمد بلاص

أحدث أقدم