وفا-
يتفق كتاب وأكاديميون، على أن انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية،
يوم الأحد المقبل في مدينة رام الله، يكتسب أهمية كبيرة على عدة صعد، أبرزها تفعيل
مؤسسات ودوائر المنظمة باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
كما
أن لهذه الجلسة دور هام في تحديد معالم السياسة الفلسطينية للمرحلة المقبلة، في ظل
انعدام آفاق إعادة إطلاق عملية السلام، واستمرار إسرائيل في انتهاكاتها وسياساتها
الاستيطانية بغطاء أميركي.
ومن
شأن هذه الجلسة أيضا أن تشكل نقطة انطلاق نحو الحوار الوطني الشامل، والتحضير لعقد
اجتماع على مستوى المجلس الوطني الفلسطيني.
واعتبر
الكاتب والمحلل السياسي عمر الغول، أن انعقاد الدورة الحالية للمجلس المركزي
لمنظمة التحرير هو حاجة تنظيمية وفق الآليات المتبعة والمعتمدة، وبما تمليه
اللائحة الداخلية الناظمة لعمل المجلس.
وقال:
"تأخر عقد هذه الدورة ثلاث سنوات، شهدت أحداثا كبيرة وهامة، والآن تزداد
خطورة هذه التطورات، الأمر الذي يستدعي عقدها لبحث كافة التطورات بعد أن تغولت
دولة الاستعمار الإسرائيلية وحكوماتها المتعاقبة بإدارة الظهر الكاملة لخيار
السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، وعدم الاستجابة لأي
توجهات دولية ورفضها من حيث المبدأ أيضا حتى عقد اللجنة الرباعية الدولية".
وأوضح
أن الموقف الإسرائيلي آنف الذكر، تتناغم معه الولايات المتحدة الأميركية، رغم
الوعود التي قطعتها إدارتها الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن حول استعادة العلاقات
مع القيادة الفلسطينية، من حيث ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية والتمويل
والمساعدات، ووقف الاستيطان والدفع بخيار حل الدولتين، وحول إخراج منظمة التحرير
الفلسطينية من قوائم "الإرهاب" المعتمدة في المؤسسات الأميركية إلى آخر
ما هنالك من النقاط هناك ست نقاط لم تلتزم ولم تف بها الإدارة الأميركية.
وبحسب
الغول، يحتم على القيادة الفلسطينية ممثلة بهيئاتها التنفيذية والتشريعية اتخاذ
الإجراءات المناسبة للرد على سياسات إسرائيل والتماهي الأميركي، والأهم من ذلك أن
هناك سلسلة من القرارات التي تبناها المجلسان الوطني والمركزي وبحاجة إلى تفعيل
حتى ترى النور.
وتابع:
"نحن نريد الآن خطوات عملية، وأن ندفع كمجلس مركزي القيادة لترجمة هذه
الخطوات، أو وضع آلية لترجمة هذه القرارات على الأرض ضمن جدول زمني محدد وواضح
المعالم حتى تدرك إسرائيل أولا ومن ثم الولايات المتحدة الأميركية والعالم أهمية
ما تتخذه القيادة الفلسطينية من توجهات، وأن تأخذها على محمل الجد".
وبالإضافة
إلى ما سبق، فإن انعقاد دورة المجلس المركزي تمثل فرصة للوقوف أمام التحولات في
المشهد العربي والدولي، لتحديد الرؤى منها بما يخدم التوجهات الفلسطينية والمصالح
الوطنية العليا للشعب، كما يقول الغول.
وأشار
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أسامة شعث، إلى أن أهمية انعقاد المجلس
المركزي الفلسطيني، تأتي في ظل الحاجة الملحة لترتيب البيت الفلسطيني بالدرجة
الأولى، ويتربع على قمة ذلك مطلب عقد انتخابات عاجلة لبرلمان الدولة الفلسطينية،
والمتمثل بالمجلس الوطني الفلسطيني.
وقال:
"نحن بأمس الحاجة لوضع برنامج زمني تستثمر خلاله كافة الجهود للوصول إلى كافة
الطموحات والقرارات المأمولة من المجلس المركزي، وأهمها انتخابات المجلس الوطني
والانتخابات التشريعية، وإعادة بناء كل مؤسسات منظمة التحرير، وعقد انتخابات
النقابات والاتحادات الوطنية الفلسطينية، إضافة لتشكيل الجاليات في العالم".
ويرى
شعث، أن انعقاد المجلس المركزي ضرورة لتفعيل اللجنة السياسية الفلسطينية التابعة
لمنظمة التحرير الفلسطينية والمجلسين الوطني والمركزي، باعتبارها المسؤولة عن
بلورة البرنامج السياسي الفلسطيني للمرحلة المقبلة.
وأردف:
"منذ العام 1988، أقرت اللجنة السياسية البرنامج السياسي بالاعتراف بحل
الدولتين والدخول في عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الأراضي
المحتلة عام 1967 ومن ثم انطلقت عملية السلام في مدريد ثم في أوسلو، ولعدم الوصول
إلى هذا الهدف، أصبح لزاماً انعقاد المجلس المركزي لإعادة تشكيل اللجنة السياسية
الفلسطينية لتكون مهمتها بلورة برنامج سياسي كفاحي لشعبنا الفلسطيني".
ومحددات
هذا البرنامج بحسب شعث، تكون حول إمكانية بناء النظام السياسي الفلسطيني، وكيف
يمكن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وكيف يمكن حل الصراع العربي الإسرائيلي بشكل
نهائي، فهل نريد حلاً قائما على حل الدولتين من خلال المفاوضات أو عبر القانون
الدولي والملاحقة القضائية للاحتلال الإسرائيلي، أم قائم على العلاقات الدولية
استكمالا للحراك الدولي الذي كان يقوده وما زال الرئيس محمود عباس والقيادة
الفلسطينية.
وتحدث
أسامة شعث أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عن ضرورة أن يقوم المجلس
المركزي ممثل المجلس الوطني بمسؤولياته بلعب دور رقابي، في ظل عدم وجود مجلس
تشريعي.
من
جانبه، أكد أمين سر هيئة العمل الوطنيّ في قطاع غزّة محمود الزّق أن اجتماع المجلس
المركزي لمنظمة التحرير يأتي تلبية لضرورة تنظيمية تتعلق بترتيب الأوضاع في الأداة
النضالية الأولى للشعب الفلسطيني وهي منظمة التحرير.
وقال:
الاجتماع يستجيب لضرورات متعلقة بالواقع المؤسساتي الراهن، بخصوص تعبئة الفراغات
التي حدثت في بعض المناصب، كأمانة سر اللجنة التنفيذية وبعض الشواغر في عضوية
اللجنة، ورئاسة المجلس الوطني، وهذا يكتسب أهمية خاصة من حيث تفعيل الأداة
التنظيمية الأولى وهي منظمة التحرير الفلسطينية ولجنتها التنفيذية".
وأشار
إلى أن الواقع السياسي يفرض ذاته على هذا الاجتماع، نظراً لخطورة مخططات الحكومة
الإسرائيلية التي تعبر دون مواربة عن رفضها الحديث في الشأن السياسي مع قيادة
الشعب الفلسطيني.
وأضاف
الزق في هذا السياق: "نحن أمام حكومة إسرائيلية ببرنامج واضح، يهدف لإفشال
فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة بالإجراءات التي تمارسها على الأرض، من حيث تقطيع
الأوصال وإقامة المستوطنات، في انتظار الأخطر والمتمثل بترسيم واقع ضم غور الأردن
وقطع بما يعتبر ضربة قاضية لفكرة الدولة الفلسطينية".
وأوضح
أن ذلك الهدف يفتح المجال لخيارات فلسطينية جديدة، تتطلب خوض نضالا فاعل بأداة
متماسكة تحدد الهدف وتشرف على تنفيذه، مؤكداً أن المطلوب من المجلس المركزي تشكيل
قيادة وطنية موحدة تقود نضالا شعبيا للتصدي لمخططات حكومة الاحتلال الإسرائيلي
الحالية بعد أن أغلقت كل الأبواب أمام تسوية سياسية تلبي الحد الأدنى من حقوق
الشعب الفلسطيني.
وشدد
في هذا الإطار على ضرورة التصدي بكل حزم للانقسام الذي صنع وموّل لإفشال فكرة
الدولة الفلسطينية، فدون وحدة الشعب وقواه السياسية لا يمكن أن ممارسة النضال
الفاعل والمؤثر.
وأعرب
أمين سر هيئة العمل الوطنيّ في قطاع غزّة عن أسفه الشديد من عدم مشاركة كافة القوى
والفصائل في الدورة الحالية للمجلس المركزي لمنظمة التحرير، وقال: "كنا نأمل
أن يشارك الجميع في هذه الدورة، ولكن حتى هذه اللحظة الصورة قاتمة وسوداء من حيث
مشاركة القوى والفصائل وهذا نهج مرفوض بالمطلق، فإذا كان متاحاً لك أن تعبر عن
وجهة نظرك بكل وضوح وصراحة في أروقة المجلس، لماذا تقاطع؟".
أما
الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، فاعتبر أن الميزة لانعقاد المجلس وحضوره هو
تثبيت مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، لأنه لحق بهذه المنظمة كثير من التآكل وما
بني على ذلك من تصريحات ومواقف بشأن
شرعيتها وضرورة ترميمها.
وقال:
"الميزة الكبرى لانعقاد هذا المجلس هو لتأكيد وترميم وتثبيت منظمة التحرير
الفلسطينية، والمجلس المركزي هو مؤسسة تشكل ركيزة كبيرة وهامة في مؤسسات المنظمة،
باعتبار ان هذا المجلس وسيط ما بين اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني، وفي لحظة
يتحول فيه الى البرلمان الفلسطيني الذي يعبر عن رؤى الشعب، بالتالي حضوره هو تثبيت
لهذا المفهوم ولمنظمة التحرير الفلسطينية".
وانعقاد
المجلس المركزي حسب عوض، سيعود بإجابات على أسئلة كثيرة، ويضع لبنة أولى على طريق
الخروج من المأزق السياسي الراهن، ويعبئ الفراغات الواقعة في بنى منظمة التحرير،
لبدء مرحلة جديدة تنطلق من الأزمة التي نشهدها على كل المستويات بوضع حلول وآليات
تنفيذ.
وأضاف
أنه وفي اللحظة التي يتم فيها الكلام عن تآكل شرعية منظمة التحرير الفلسطينية عند
الحوار بأي شكل من الأشكال، فهذا يعني ضرورة اللجوء إلى الحوار ولا داعي
للانشقاقات والتوترات، ويكفينا ما فينا.
لكن
بنفس الوقت، فإن المجلس المركزي وحتى يصبح ممثلا للفلسطينيين، عليه أن يقرأ الواقع
والشارع، وهذا ينعكس على أهمية ترميم وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، حتى تعبر
عن كامل الفلسطينيين، حسب الكاتب أحمد رفيق عوض.
ويختتم:
"المجلس المركزي بهذا الانعقاد عليه مسؤولية أن تلقى نتائجه القبول لدى الشعب
الفلسطيني، حتى المعارضين الذين قد تكون لهم وجهات نظر صحيحة، لذلك مخرجات هذا
المجلس يجب أن تكون أيضا تمثل معظم الفلسطينيين وآمالهم وأحلامهم".