Adbox

 


وفا- من تحت مركبات المستوطنين، يمر أهالي قرى شمال غرب القدس عبر نفق عسكري غير آمن طوله نحو كيلومترين، وعرضه 9 أمتار يتكون من مسلكين يفضيان الى العالم الخارجي داخل وطنهم، بعد أن عزلهم الاحتلال الإسرائيلي عام 2002، عن عاصمتهم المحتلة/ القدس، بجدار ضم وفصل عنصري.

يصل النفق العسكري الذي يطلق عليه المواطنون بـ"نفق الموت"، بين بلدتي الجيب، وبدو، ويقع أعلاه شارع يرمز له الإسرائيليون بالرقم "443"، ويسمونه شارع "موديعين- تل أبيب"، وهو شارع (اللطرون القديم)، ويربط مستوطنات "جفعات زئيف"، و"جفعون"، و"جفعون هحدشاه" مع مستوطنتي "هار شموئيل" و"راموت الون". كما أنه الطريق الأوحد والوحيد الواصل بين مدينة رام الله وقرى شمال غرب القدس، حيث استولت سلطات الاحتلال على مئات الدونمات من أراضي قرى الجيب وبدو والنبي صموئيل لإنشائه.

قرى شمال غرب القدس الأربع عشرة الواقعة قبل النفق وبعده، محاصرة جميعها بين مستعمرات من الشرق والغرب، وحركة مواطنيها تتم عبر بوابات حديدية مزودة بكاميرات مراقبة ويحرسها جنود يساهمون على مدار الساعة، بقوة السلاح، على فصل العاصمة القدس عن محيطها، وتشظية التجمعات السكانية والقرى الفلسطينية.

يقول نائب محافظ القدس عبد الله صيام، إن النفق يحاصر 9 قرى وبلدات مقدسية، وهي: بيت سوريك، وبيت إكسا، وبدو، وبيت إجزا، وبيت دقو، والنبي صمويل، والقبيبة، وبيت عنان، وقطنة، و"خربة أم اللحم" من أراضي قطنة.

ويضيف وكيل وزارة شؤون القدس سعيد يقين، إن الاحتلال لجأ إلى بناء أكثر من خمسين جسرا ونفقا، عقب تقطيع أوصال الضفة الغربية والقدس بجدار الفصل والضم العنصري، والسيطرة على النسبة العظمى من المناطق المسماة (ج)، وهو ما فكك المجتمعات والتجمعات الفلسطينية وفرض السيطرة عليها، وخلق تواصل جغرافي بين المستوطنات.

وقال: قسمت منطقة شمال غرب القدس إلى عدة "كنتونات"، أحدها "كنتون" يتمثل ببلدات الجيب، والجديرة، وبيرنبالا، ورافات، إضافة إلى القرى الواقعة قبل النفق، التي عزلت عن مدينتي القدس ورام الله، عدا عن بلدتي الجيب وبيت حنينا اللتين قسمتا لـ"كنتونين" اثنين، واحد داخل الجدار وآخر خارجه، وهناك قرى عزلت بشكل كلي، وهي: النبي صموئيل، وبيت اكسا، وحي الخلايلة.

ويشير مدير مكتب محافظة القدس في قرى شمال غرب المحافظة محمد خالد طري، إلى أن قوات الاحتلال تنصب حاجزا على مدخل النفق اسبوعيا بشكل مفاجئ، ما يسبب أزمة مرورية خانقة، ويعطل أعمال المواطنين، ويشكل مصيدة للاعتقال، وهذا جزء من سياسة الاحتلال بمحاصرة تلك القرى، وتوسيع مستوطناته على حساب أراضيها، والتضييق على المواطنين واستهدافهم، نظرا لموقعها الاستراتيجي في شمال غرب القدس.

ووفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، استولى الاحتلال على الكثير من أراضي القرى المجاورة لإنشاء النفق، وعلى أكثر من 1500 شجرة زيتون محاذية له، ما أدى إلى حرمان المواطنين من العمل في أراضيهم، وألحق كارثة اقتصادية بهم.

كما تسبب النفق بالعديد من الحوادث المرورية كونه لا يخضع لشروط السلامة، وعن هذا يقول صيام: إن المسؤول عن عملية صيانة النفق هو الاحتلال، الذي يتعمد المماطلة والإهمال في تأهيله، ورغم ذلك تبادر البلديات لتخفيف الضرر من خلال إرسال عمالها لتنظيف مصارف المياه الموجودة داخله.

 

وفي الحديث عن المشاكل التي يعاني منها النفق، يقول رئيس بلدية بدو، سالم أبو عيد، هناك مشكلة في تصريف المياه، بفعل تراكم الأوساخ والمخلفات، وعند هطول الأمطار بغزارة يصبح أشبه ببحيرة، والحلول المتاحة أمام البلدية فقط تنظيف المصارف والعبارات في النفق للتخفيف من تجمع المياه داخله، لأن سلطات الاحتلال تمنع إجراء أي صيانة داخل النفق دون موافقتها، وتوقف أي اعمال بسيطة تقوم البلديات بالمبادرة بها.

وفي السياق، تقول مهندسة بلدية بدو إسلام أبو عيد، "بما أن التصميم احتلالي فمن الطبيعي ألا يخضع لمواصفات ومعايير النفق الصحيحة، مضيفة أن مسافة النفق المعتم طويلة، وتسبب في انعدام الرؤية".

ومن ناحية التصريف، تقول إسلام، لا يوجد في الجدران على جانبي النفق أي فتحات للتصريف، التي من الضروري وجودها في أي جدار هندسي، لتصريف مياه الأمطار، ولمنع انقلاب الجدار، ما يضطر أحد العمال على تصريفها يدويا.

وعلى ذلك، تطالب بأن تضغط الجهات المعنية على الاحتلال من أجل إجراء صيانة دورية للنفق، خاصة قبل حلول فصل الشتاء من كل عام، منوهة إلى أن الاحتلال يمنع حتى دخول مختصين وعمال من البوابة لتركيب الإنارة.

على هذا النحو، يظل أكثر من (55 ألف نسمة) هم سكان قرى شمال غرب القدس، رهينة الممارسات والإجراءات الإسرائيلية التي تتجلى في "الأبارتهايد" والعنصرية في أحدث وأبشع صورها.

أحدث أقدم