Adbox

 

وفا- لم يعد المواطن محمد دراغمة من منطقة عين الحلوة بالأغوار الشمالية يجد سبيلا لرعي مواشيه، بعد قيام ما تسمى "سلطة الطبيعة الإسرائيلية"، قبل حوالي أسبوعين، بوضع لافتة على مدخل منطقة بيوض التابعة لعين الحلوة تفيد بتصنيفها على أنها محمية طبيعية، لتضاف لآلاف الدونمات التي أغلقها الاحتلال سابقا أمام الرعاة في الأغوار تحت هذا المسمى.

يقول دراغمة في حديثه لـ"وفا"، إن الاحتلال مع إغلاقه هذه المنطقة يقطع عليهم آخر سبلهم إلى المراعي، حيث تعتبر هذه المنطقة المدخل الرئيس والأساسي لما تبقى من مساحات رعوية ضئيلة، وإغلاقها يعني استحالة العيش في المنطقة في ظل انعدام المرعى والمأكل لمواشيهم التي تعد مصدر رزقهم الوحيد.

ويؤكد أن سلطات الاحتلال خلال السنوات الأخيرة أغلقت آلاف الدونمات من الأراضي الرعوية بحجج مختلفة، وهو ما قلص وصولهم للمراعي وأدى لتراجع أعداد الثروة الحيوانية في المنطقة بشكل كبير، ويضاف لذلك استيلاء المستوطنين قبل عام على نبع عين الحلوة الذي يعد مصدر السقي الأساسي للمواشي في المنطقة، كل ذلك يؤكد أن الاحتلال يسعى للتضييق على المواطنين ودفعهم للرحيل.

يضيف دراغمة: أملك أنا وأقاربي أربعة قطعان من الأغنام لم نعد نستطيع توفير المأكل لها بسبب إغلاق المزيد من مساحات الرعي، ولا نعلم إلى ماذا سيؤول حالها.

وفي هذا السياق، أوضح الناشط الحقوقي عارف دراغمة أن المنطقة التي وضعت عليها اليافطة كانت سلطات الاحتلال صنفتها خلال العامين الماضيين على أنها محمية طبيعية، وهي واحدة من 10 محميات جديدة كان قد أعلن عنها نفتالي بينيت خلال العام 2020، الذي كان وزيرا لجيش الاحتلال آنذاك.

لا تقل المساحة التي تم تصنيفها على أنها محمية طبيعية ووضعت لافتة على مدخلها عن 30 ألف دونم، وفقا لدراغمة، حيث تمتد هذه المساحة من خربة بيوض في عين الحلوة وتصل إلى الحدود الشرقية مع الأردن.

وتستخدم سلطات الاحتلال مسمى المحميات الطبيعية من ضمن تصنيفات كثيرة لتبرير الاستيلاء على مزيد من أراضي المواطنين في الأغوار الشمالية، بالإضافة إلى منع الرعاة من الوصول للمراعي والتضييق عليهم في مصدر رزقهم الأساسي وهو الثروة الحيوانية، علما أن هذه المنطقة التي صنفت مؤخرا على أنها محمية يستبيحها المستوطنون ويرعون فيها أبقارهم باستمرار.

"هذه المساحات تقع ضمن منطقة يصنفها الاحتلال مسبقا على أنها منطقة إطلاق نار، ومن غير الطبيعي أن تكون المحمية داخل منطقة إطلاق نار"، قال دراغمة الذي أكد أن الاحتلال اعتاد على التسلسل بإجراءات معينة لوضع اليد على الأراضي بمسميات عسكرية أولا، ثم إغلاقها أمام المواطنين ومنعهم من دخولها بمسميات أخرى، ولاحقا يتم منحها للمستوطنين، كما حدث في العديد من مستوطنات الأغوار التي صنفت سابقا على أنها محميات لمنع المواطنين من دخولها وتحولت لاحقا لمستوطنات.

ويشير تقرير نشره مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) خلال العام 2018 تحت عنوان (مجريات السلب) إلى أن "إسرائيل تتبع سياسة في الأغوار منذ العام 1967 مستخدمة العديد من الوسائل - الرسميّة وغير الرسميّة - بهدف تقليص الوجود الفلسطيني في الأغوار وتعميق السيطرة الإسرائيلية على المنطقة. بذلك تمنع إسرائيل الفلسطينيين من استخدام نحو 85% من مساحة الأغوار وشمال البحر الميت وتستغلّ هذه المساحة لاحتياجاتها هي. إنّها تمنعهم من المكوث في تلك الأراضي والبناء فيها ورعي أغنامهم وفلاحة أراضيهم الزراعية".

ويضيف التقرير: "تستند إسرائيل في ممارساتها هذه إلى ذرائع قانونية مختلفة: أعلنت إسرائيل منذ العام 1967 بعد أشهر قليلة من بدء الاحتلال جميع الأراضي التي كانت مسجّلة أراضي دولة في العهد الأردني (وتشكّل نسبة 53% من مجمل مساحة منطقة الأغوار وشمال البحر الميت) كـ"مساحات مغلقة". إضافة إلى هذا التصنيف أعلن الجيش في نهاية الستينيّات وبداية السبعينيّات 45.7% من أراضي الغور كـ"مناطق إطلاق نار" ومنع الفلسطينيين من دخولها أو المكوث فيها. كذلك أعلنت إسرائيل نحو 20% من أراضي الغور كـ"محميّات طبيعيّة" و"حدائق وطنيّة" وخصّصت أراضٍ أخرى للمستوطنات التي أقيمت في الأغوار بعد الاحتلال بوقت قصير (بعض هذه الأراضي يقع تحت أكثر من تصنيف واحد من التصنيفات أعلاه)".

بدوره، يؤكد مسؤول ملف الأغوار بمحافظة طوباس معتز بشارات أن اللافتة التي وضعتها "سلطة الطبيعة الإسرائيلية" تقع إلى الشرق مما يسمى شارع 60 وفي المنطقة القريبة من نبع عين الحلوة، وذلك بهدف منع الرعاة من وصولها.

ويضيف أن هذه الخطوة تأتي من أجل التضييق على المواطنين الفلسطينيين ومحاصرتهم في التجمعات السكانية المهددة أصلا بالهدم، ومن أجل السيطرة بشكل كامل على المراعي، لأن معظم المواطنين في كافة التجمعات السكانية هم من مربي الثروة الحيوانية التي تعتبر مصدر رزقهم الأساسي والوحيد.

كما يذهب الاحتلال إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يسعى إلى ربط كافة المستوطنات الجاثمة على أراضي المواطنين في تلك المنطقة ببعضها البعض، وإنشاء مدينة كبرى ابتداء من مستوطنة "مسكيوت" مرورا بمستوطنة "روتم" ووصولا لمستوطنات "ميخولا، وجفعات سلعيت، وشدموت ميخولا، والبؤرة الاستيطانية المقامه على أراضي المواطنين في منطقه الحمة".

ويقول بشارات: "هذه مقدمة لإطباق السيطرة بشكل كامل على كافة الأراضي الواقعة بين ما يسمى شارع 60 وشارع 90، حيث تقدر المساحة الإجمالية بين هذين الشارعين بما يزيد عن 65 ألف دونم.

أحدث أقدم