Adbox

وفا- قالت وزارة الثقافة الفلسطينية، إن انتهاكات سلطات الاحتلال وأجهزتها المختلفة خلال العام المنصرم بحق الثقافة الفلسطينية من عاملين ومؤسسات ونشاطات، تواصلت، وترتكز على ترسيخ سياسات المحو والإحلال وتهويد المكان ومحاربة الرواية الفلسطينية.

وأضافت الوزارة، في تقريرها حول الانتهاكات خلال العام الماضي، "لقد شكلت الحرب على الثقافة أداة أساسية في حرب الصهوينية على شعبنا منذ بدايات القرن العشرين ومشروع سرقة البلاد وطرد أهلها وقامت تلك الحرب على سرقة الموروث الثقافي الفلسطيني وسلب ثراث شعبنا وآثاره وتزوير الحقائق والوقائع وتزييف الوعي التاريخي والجغرافي. وجوهر ذلك كان دائماً تقديم رواية مشوهة وغير حقيقة عن البلاد وعن أهلها".

وبينت الوزارة استمرار الاحتلال في كل السياسات السابقة من سرقة الآثار والموروث إلى مصادرة مطابع الصحف والمكتبات وبيوت الموسيقى والسينما والمسرح في القدس ويافا وحيفا وغيرها خلال النكبة واصلت دولة الاحتلال حربها الثقافية ضد شعبنا بشكل ممنهج ومتكامل.

وأوضحت أنه خلال العام الماضي 2022 عانى قطاع الثقافة من سياسات الاحتلال واجراءاته واعتداءاته وشملت تلك الاعتداءات الفنانين الأفراد والمؤسسات وتعددت أوجهها من اعتقال وإغلاق ومنع من الحركة وحظر نشاطات وسرقة الأثار والموورث. هذا عدا عن منع العديد من الفنانين والمثقفين من المشاركة بالفعاليات الفنية والثقافية في الخارج لاسيما في قطاع غزة، وإعاقة تنقلهم بين المدن الفلسطينية.

وتتركز الهجمة الاحتلالية ضد الثقافة الفلسطينية في مدينة القدس العاصمة، حيث تقوم سلطات الاحتلال بمحاربة الفعل الثقافي ولا تتوانى عن منع تنظيمه أو وقفه باستخدام القوة. فطوال السنوات الماضية تعرضت مؤسسات القدس للملاحقة والإغلاق والاعتداء وضرب العاملين فيها ومعاقبتهم وخلال ذلك تم إغلاق ثمانية وعشرين مؤسسة وجمعية وهيئة فلسطينية في القدس من ضمنها جمعيات بيت الشرق، ومكتبة جماعة القدس في البلدة القديمة، والعبث بمحتوياتها وملفاتها، والعديد من الانذارات والاخطارات بالاغلاق.

وتابعت الوزارة في تقريرها: هذا النمط من التصرف العدواني لم يتوقف في أي لحظة فخلال الربع الأخير من العام 2022 تعرضت جمعية البستان ببلدة سلوان للتهديد بالإغلاق بذريعة طلب توضيح حول نشاطاتها وأهدافها، ومن جهة أخرى أقدم مستوطنون، على إطلاق الرصاص داخل مؤسسة "برج اللقلق" في القدس القديمة حيث اقتحموا مقر الجمعية وأطلقوا الرصاص داخلها.

وتتعرض المؤسسات الثقافية في المدينة إلى حصار مالي من خلال فرض الضرائب العالية عليها سواء ضريبة الدخل أوالأملاك والتأمين الوطني، وتشكل ضريبة الأملاك الكابوس الحقيقي لهذه المؤسسات والتي تهدد بقائها، وتصل إلى مبالغ طائلة سنوياً كما هو الحال مع مؤسسة يبوس (398 ألف شيكل) والمسرح الحكواتي (100 ألف شيكل). وفي حال عدم دفع هذه المبالغ تتعرض المؤسسات للمزيد من المضايقات التي تؤدي للإغلاق.

كما تعاني تلك المؤسسات من اجراءات وتعقيدات مسجل الجمعيات الاسرائيلي ورقابته الشديدة والتي تطلب معلومات عن كل نشاط بالصور والأرقام والجمهور بأطيافه وخلفياته، ومنع مباشر لأي حضور أو دعم رسمي فلسطيني، وقد وصلت لهذه المؤسسات منها الحكواتي تهديد وانذار اسرائيلي أخير بالاغلاق اذا ثبت حصوله على أي دعم أو حضور رسمي فلسطيني. وتأسيساً يتم استنزاف تلك المؤسسات ايضاً بمصاريف المحامين والقضايا في المحاكم التي يضطرون للجوء إليها للحفاظ على وجودهم ولتخفيض الضرائب بل وفي كل معاملتها مع حكومة الاحتلال، كما أنهم محرومون من مزايا والتخفيضات على الضرائب التي تحصل عليها المؤسسات الاسرائيلية لأن هذا يتطلب العمل ضمن أجندة الاحتلال وتحت اشرافهم ورؤيتهم التي تهدد الوجود الفلسطيني في القدس وتزوير التاريخ.

كما تقوم سلطات الاحتلال بملاحقة المشاركين بالنشاطات الثقافية خاصة التي تنظم داخل أسوار البلدة القديمة، وتلك التي تقع في منطقة الشيخ جراح ومعظم الأحياء المقدسية المهددة والتي يصعب تنظيم النشاطات فيها بسبب المواجهات المستمرة مع جيش الاحتلال الذي يعمل على تفريغ المكان من سكانه الفلسطينيين، وتعتقل الشباب والأطفال وتعاقبهم بسياسة الحبس المنزلي.

وحسب الوزارة: تعاني المؤسسات المقدسية أيضاً من تجميد حساباتها البنكية من قبل سلطات الاحتلال وهذا يمس بوضعها القانوني وبالتالي ذرائع جديدة لإغلاقها وإعاقة عملها وحصولها على اي تمويل واعاقة حتى عملية دفعها للضرائب ومصاريفها عموماً، وضمن هذا السياق يعاني مسرح الحكواتي من تجميد حساباته منذ خمس سنوات. كذلك يتم منع الفنانين والكتاب من المحافظات المختلفة من المشاركة في نشاطات تلك الجمعيات وبالتالي يتم فرض حصار على تلك الجمعيات وعزلها عن سياقها الثقافي والمجتمعي الفلسطيني العام.

وتواصل ما يسمى بلدية الاحتلال سياساتها لتهويد الفضاء الثقافي وأسرلة المعرفة في المدينة من خلال مراكز العمل الجماهيري التابعة لها وتقوم بصرف الموازنات من أجل تنفيذ نشاطات ثقافية تحرف الهوية الوطنية وتشتت الوعي الشعبي وتتركز تلك الجهود أيضاً في الحملة التي يتم شنها ضد المنهاج الفلسطيني في المدارس الفلسطيني ومعاقبة تلك المدارس بسبب تعليمها لهذا المنهاج.

من جانب آخر تتعرض مدينة الخليل لسلسة شبيهة من الإجراءات الهادفة لتهويد المدينة واستلاب هويتها ووجها العربي من خلال محاولات تفريغ البلدة القديمة من السكان وتقسيمها والتضييق على حركتهم والوضع أسوأ بكثير حين نتحدث عن تنظيم النشاطات الثقافية والوجود الثقافي في البلدة القديمة، ولعل ما تتعرض له جمعية مسرح أحلام الشباب في البلدة القديمة من اعتداءات من قبل قطعان المستوطنين بين فترة وأخرى دليل على آخر على ذلك حيث تم تسجيل اثني عشر واقعة اعتداء على الجمعية وزوارها من الأطفال خلال العام الماضي. وتعرض مكتب وزارة الثقافة في المدينة لاقتحام قوات الاحتلال، والعبث بمحتوياته، وقاموا بتفجير الباب الرئيسي وتخريب بعض الأعمال الفنية والكتب الموجودة فيه. كما اقتحمت قوات الاحتلال مؤسسة بيسان للبحوث والإنماء، وعبثت بمحتوياته، وصادرت بعض ممتلكاته، ويأتي هذا الاقتحام والتخريب في سياق التضييق المُستمر على العمل الأهلي الفلسطيني.

كما منعت قوات الاحتلال، المشاركين في يوم التراث الفلسطيني الذي تنظمه وزارة الثقافة بمشاركة مركز "نرسان" الثقافي في الخليل من المشاركة في المهرجان بمناسبة يوم التراث في أكتوبر في خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، وتم منع لجنة الدفاع عن مسافر يطا من الوصول إلى المهرجان فأغلقت كافة المداخل المؤدية الى المسافر، وأعلنت المنطقة عسكرية مغلقة، بل واحتجزت المشاركين في المهرجان، الذين جاءوا لدعم واسناد الأهالي في المنطقة، والذين يتعرضون لخطر التهجير القسري، وتضمنت فعاليات المهرجان عرضاً للمنتوجات والأدوات التراثية، وتذوق للمأكولات الشعبية الفلسطينية، وتنظيم ندوات أدبية ووطنية وثقافية، وأمسيات شعرية وفنية.

كما تتعرض الأماكن الأثرية في المحافظات كافة إلى عمليات نهب وسرقة واعتداءات مستمرة من الجيش ومن المستوطنين. فقد تعرضت مثلاً مدينة نابلس للاقتحامات اليومية واغلاق مداخل المدينة ومحاصرتها خاصة البلدة القديمة التي تضررت الكثير من مبانيها القديمة والتاريخية جراء عمليات المداهمة والتدمير والقصف بالأسلحة الثقيلة كما تتعرض منطقة قبر يوسف للمداهمات والتدنيس المستمر كذلك الأماكن الأثرية والمزارات في محافظة سلفيت خاصة في كفل حارث. وبالمجمل فإن هذه الاعتداءات والمضايقات أعاقت عمل المؤسسات والماركز الثقافية في تلك المناطق ودفعت الاجتياحات المتكررة إلى إلغاء الكثير من الفعاليات التي جرى العمل على تنظيمها مثلما حدث من إضطرار الوزارة لإلغاء مهرجان الصابون الذي كان يتم العمل على إطلاقه في البلدة القديمة في نابلس بسبب هجمات الجيش واعتداءاته في البلدة.

ويتعرض الفنانون والكتاب للاعتقال والتعذيب والتوقيف حيث اعتقلت قوات الاحتلال طالب الايقاع في معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى الفتي الفنان شادي خوري (16 عاماً) وقامت المخابرات الاسرائيلية بالتحقيق معه وتعذيبه لأربعين يوماً قبل أن يطلق سراحه إلى الحبس المنزلي ومازالت اجراءات المحاكمة للطفل خوري مستمرة وهو ما يعتبر منافياً للقانون الدولي الانساني. كما اعتقلت قوات الاحتلال الكاتبة شمس مشاقي من محافظة نابلس، والكاتبة هي من بلدة ياصيد بالمحافظة، صدر لها مجموعة رسائل ونصوص أدبية عام 2020، بعنوان "سيزيف". وتواصل إدارة السجون في دولة الاحتلال سياسة الإهمال الطبي بحق الكاتب الأسير وليد دقة الذي يعاني من سرطان الدم وترفض سلطات الاحتلال كل المطالب الإنسانية بإطلاق سراحة حتى يتلقى العلاج المناسب. كما اعتقل الاحتلال الإسرائيلي الفنان بلال السعدي رئيس مجلس إدارة مسرح الحريةمن مخيم جنين، وهو فنان ساهم في تأسيس مسرح الحرية وقدم نماذج مسرحية مشرقة للمسرح الفلسطيني، ويعتبر نموذجاً عن تجربة فريدة تتعلق باشتباك المسرح مع الحياة.

ويتم حرمان كتاب وفناني قطاع غزة من المشاركات في الفعاليات الثقافية خارج القطاع بسبب الحصار الجائر المفروض عليه حيث يتلقى عشرات الكتاب دعوات للمشاركة في معارض كتاب وملتقيات أدبية وندوات وحفلات توقيع كتب ولا يتسنى لهم مغادرة القطاع، كذلك الأمر فيما يتعلق بمشاركة الفنانين والفنانات وعرض لوحاتهم واعمالهم الفنية في معارض فنية او المشاركة في المهرجانات المسرحية والفنية.

أحدث أقدم