وفا- تفاقمت معاناة أهالي حي وادي الربابة ببلدة سلوان جنوب المسجد
الأقصى المبارك في الأسابيع الأخيرة، مع افتتاح سلطات الاحتلال لجسر معلق يربط حي
الثوري ببلدة سلوان، مع الجهة الشمالية لوقف آل الدجاني جنوب غرب سور مدينة القدس
التاريخي، مرورا بوادي الربابة، ضمن مشروع استيطاني ضخم تروّج له بلدية الاحتلال
ليكون واحدا من 10 مشاريع تستهدف بلدة سلوان.
ويؤدي الجسر، الذي يمتد على طول 200 متر وارتفاع 30 مترا عن سطح
الأرض والمخصص للمشاة فقط، مباشرة إلى بؤرة استيطانية تابعة لجمعية
"إلعاد" في حي "أبو طور" تدعى "بيت باجاي"،
وهو جزء من مشروع "ديزني لاند" التوراتي الذي تروّج له بلدية
الاحتلال في محيط البلدة القديمة فوق وتحت الأرض، مع عوامل جذب مثل الأنفاق
والقطار الهوائي "التلفريك".
وقال نائب محافظ
القدس، عبد الله صيام، إن ما يجري هو عملية تغير في هوية المدينة العربية
الإسلامية التي يعمل الاحتلال على تغييرها تحت الأرض، من خلال الأنفاق في نفس
المنطقة، وفوق الأرض من خلال البناء الاستيطاني وهدم منازل المقدسيين والاستيلاء
على أراضيهم، وفي السماء بإنشاء جسور لتغير فضاء المدينة، حيث أصبح الجسر
مشهدا بارزا في أي صورة تلتقط من الأعلى، ما يخفي المظهر العربي الإسلامي ويظهر
هذه الأجسام الهجينة بالمدينة.
وأضاف، الى جانب
الجسر يجري العمل على إنشاء "تل فريك" ويجري تهيئة الأرض والاستيلاء
عليها من أجل إنشائه، ويجري الحديث عن إنشاء أبراج أيضا في محيط البلدة القديمة،
وجميع ذلك يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية واليونسكو التي تؤكد ان القدس هي أثر
إنساني يجب عدم المساس به والمحافظة عليه بما يميزه من عراقة في هذه المدينة.
ويعتبر فخري أبو
ذياب، الباحث في شؤون القدس، أن الجسر جزء من المشاريع التهويدية بالقدس، ويقول:
إن الاحتلال وأذرعه التهويدية يعملون على مسارين في البلدة القديمة من القدس
ومحيطها: مسار مختص بالمشاريع التهويدية ومسار مختص بالمشاريع الاستيطانية، والجسر
المعلق جزء من المشاريع الاستيطانية، ويهدف للسيطرة على الأراضي في حي الثوري
ووادي الربابة، ومنع التمدد السكاني الفلسطيني، والانتفاع بالأراضي، وتحجيم
السكان، بالسيطرة على الأرض. وتحت هذا الجسر هناك ما يسمى بالحدائق التوراتية.
وأضاف أن ما يجري هو
محاولة للسيطرة على فضاء القدس بعد استهداف الأرض والحفر أسفلها، بمشاريع تهويدية
تعمل على تقديم رواية مزورة لزوار القدس تزعم أن أسفل هذه المنطقة مساحات يهودية،
فيما تقام تحت الجسر مزارع تحاكي فترة قبل 3 آلاف عام، في خطوة تستهدف تزوير
التاريخ ليتلائم مع الروايات التلمودية لإثبات أحقية الاحتلال بالسيطرة على
المدينة المقدسة.
وأوضح أبو ذياب، أن
الاحتلال يقيم مشاريع لإغلاق الأفق في محيط المسجد الأقصى، وأن الجسر المعلق جزء
من مشروع أكبر يسمى التلفريك، الذي سيقام داخل أحياء الطور وسلوان لمحاصرة المسجد
الأقصى والبلدة القديمة لمنع رؤية المعالم الإسلامية في المدينة وإغلاق أفقها،
وإخفاء المسجد الاقصى بعد الفشل في هدمه.
وبين أبو ذياب، أن
مشروع الجسر المعلق لَحقه الاستيلاء على 200 دونم من أراضي وادي الربابة بعد أن
استولى على 100 دونم لبناء قواعد المشروع، إضافة إلى أن تواجد آلاف المستوطنين
بشكل يومي تحت حماية قوات الاحتلال، وعرقلة حركة مواطني المنطقة لإجبارهم على
مغادرتها طوعا.
من جانبه، قال سمير
شقير من لجنة أهالي حي وادي الربابة بسلوان، إن منطقة وادي الربابة تقع في الواجهة
الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى على مساحة 210 دونمات مملوكة بوثائق رسمية
لمقدسيين من منطقة سلوان، وسميت بهذا الاسم لانها تحاكي شكل آلة الربابة.
وأضاف شقير
لـ"وفا"، ان الاحتلال منعنا من التصرف بأرضنا التي نملكها، وقام
بتجريفها، وسلب منا حق التصرف بها رغم اعترافه بملكيتنا لها، وحاولنا التصدي
لإجراءات الاحتلال في الحي منذ سنوات.
وأوضح أن الاحتلال
أنشأ الجسر المعلق، وسمح للمستوطنين باستخدامه بالتزامن مع عمل برامج لطلبة
المدارس اليهودية عن المسارات التلمودية التهويدية. كل ذلك يتم بالتزامن مع
إجراءات الاحتلال الخانقة ضد سكان الحي، وعربدات المستوطنين واعتداءاتهم وقطعهم
للطرق واحتلالهم للشوارع والسيطرة عليها، في خطوات تدريجية يتم بموجبها تحويل
المنطقة من عربية إسلامية، الى يهودية بامتياز.
إلى ذلك، أشار محمد سمرين، أحد مالكي الأراضي المقام عليها الجسر في سلوان، الى أن المشروع التهويدي الجديد المتمثل بهذا الجسر يمنع أي تطور مستقبلي لحي وادي الربابة، عدا عن تخصيص مسارات استيطانية تعج بالمستوطنين وسط أراضي المقدسيين في الحي، وان الضرر ومخاطر الترحيل تطال جميع أهالي بلدة سلوان.