“شؤون فلسطينية” - العدد 293 بعنوان “العدوان على غزة”/ صادر عن مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية، بتاريخ 16/1/2024 |
شكل
السابع من أكتوبر مفصلاً جديداً، وحاداً، في تاريخ قضيتنا الوطنية، فبعيداً عن
التحديات التي كانت تواجهها القضية الفلسطينية إقليمياً ودولياً، خاصة مع تسارع
قطاع الإدماج الإقليمي ولبرلة العلاقات في المنطقة إلى أبعد حد، تصاعدت مشاريع
الاستيطان والتهويد والتضييق في القدس والمسجد الأقصى، وتراجع موقع القضية
الفلسطينية على سلم الأولويات.
في
الثاني والعشرين من أيلول/ سبتمبر الماضي، يصعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين
نتنياهو على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، حاملاً خريطة للشرق الأوسط تظهر
فيها إسرائيل من النهر إلى البحر، ويقول إن السلام مع الدول العربية سيجبر
الفلسطينيين، الذين لا يمثلون إلا 2% من العرب، للتعايش مع إسرائيل، والتخلي عن
«الحلم الوهمي بتدمير إسرائيل».
ومنذ
السابع من أكتوبر، بدا أن الفلسطينيين أكثر بكثير من الـ 2% التي تحدث عنها
نتنياهو، تضامن عربي رسمي وشعبي واسع، حملات مقاطعة شاملة. خلخلة حادة في الأمن
والاستقرار الإقليميين، وشارع أوروبي وأميركي مندفع تجاه إسناد الفلسطيني.
بالمقابل، وبالتدريج وبجهد كبير من دبلوماسية شعبية ورسمية فلسطينية وعربية
وإسلامية تعود القضية في الوعي الجمعي الإنساني لموضعها كقضية تحرر وطني وتقرير
مصير.
إن
جريمة الحرب المفتوحة التي تمارسها إسرائيل في غزة جريمة تهدف للقتل وكسر سجل
القتل الذي سجلته العصابات الصهيونية في النكبة التي تسميها إسرائيل حرب
الاستقلال»، عبر تسجيل معدلات أعلى من القتل بين الفلسطينيين فيما تسميها إسرائيل
أيضاً «حرب الاستقلال الثانية». فبعدما بلغ عدد الشهداء في النكبة حوالي 15 ألف
شهيد، وصل عدد الشهداء في القطاع بهذا العدوان أكثر من هذا الرقم، وهو مرشح
للارتفاع مع تكشف ما يخفيه الركام تحته من مآس إنسانية.
هذه
الجريمة وإن حاولت إسرائيل وضعها بداية في خانة «حق الدفاع عن النفس»، إلا أن
استفزاز الإنسانية أخرج الشارع وضغط على صناع القرار وإن بقدر محدود حتى اللحظة -
حول العالم لوقف هذه الجريمة بشكل قطعـ لكن الاصطدام هنا يبرز مع سؤالين مركزيين
كيف يمكن فرض وقف إطلاق النار في ظل الموقف الأميركي الرسمي في الأمم المتحدة؟ وهل
يمكن الوصول لحل جذري يتواءم مع الحقوق الوطنية الفلسطينية؟
تحبذ
الولايات المتحدة دوماً، بناء مسارها الخاص، فعلى وقع الهدنة ترسل رئيس وكالة
استخباراتها الدبلوماسي السابق والعارف للمنطقة وليام بيرنز إلى الدوحة، ووزير
خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن لإسرائيل لهدفين: الأول معلن ومتصل بمحاولة
تمديد الهدنة وفق قواعد خطوة مقابل خطوة، على أمل الوصول لتبادل شامل ونهائي،
والثاني مرجح ويتصل بالبحث بمستقبل القطاع بعد الحرب.
هل
البحث بمستقبل القطاع سيكون بمعزل عن الحالة الفلسطينية الشاملة؟ وهل سيكون
إنسانياً مدنياً بعيداً عن السؤال السياسي المتصل بحق تقرير المصير؟ ربما تكون هذه
المساحة هي مساحة القلق المركزية فلسطينيا التخوف من الفصل العملي بين الضفة
الغربية، التي تعاني من مشروع استيطاني التهامي شرس والقدس، العاصمة المحاصرة وغزة
المكلومة. وهذا فصـــل بــرز دوماً في مشاريع السياسة الإسرائيلية، وطبق عملياً
بأنظمـة رقـابـة وتحكم، حاولت تأبيد الانقسام، وملاحقة أي تواجد لمنظمة التحرير في
القدس وتكبيل المظاهر الدولانية الفلسطينية منذ العام 2000.
إن
هذه التحديـات تـفـتـرض وضع رؤيـة وطنيـة عاجلة، للاستجابة لهـذه الـتـحـديــات
على مستوييها الآني العاجل المتمثل بوقف إطلاق النار والإغاثة الشاملة
والاستراتيجي المتمثل في المشروع السياسي وإعادة الإعمار المستدام. وهذا مسلك
إجباري من المهم أن تكون منظمة التحرير حاضنته ومحركته بما تمثل من شرعية سياسية
تمثيلية جامعة
هذا
العدد، جاء مستجيباً للحدث، افتتح بمقال لرئيس الوزراء وعضو اللجنة المركزية
لحـركـة فـتـح د. محمد اشتية، تناول الرؤية السياسية والقـراءة الرسمية للمشهد
ومآلاته ، وتابع العدد محاولاً فتح نوافذ على العدوان المفتوح في غزة، من خلال
قراءة السياقات الواقع في الضفة والقطاع المواقف المصرية والأردنية والهندية
شهادات حية من غزة ومعابرها، والرأي العام والإعلام الغربي، في مقالات قصيرة قدمها
مجموعة من الباحثين والكتاب. واستمراراً لأبواب «شؤون فلسطينية» الثابتة، يضع باب
أنثولوجيــا مـقـاربـة بـين حصار بيروت 1982، وعدوان الاحتلال على غزة ،2023 عبر
مراجعة ما جاء في الأعداد السابقة حول الملفين، أما باب متابعات فيرصد ديناميكيات
السياسة الإسرائيلية تجاه الحرب، وتأتي الدراسة التاريخية لتسلط الضوء على دور
الفلسطينيين في النهضة العربية في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
ويســــتـمـر بــاب مراجعات بالحضور، من خلال مراجعة لكتاب حسان بلعاوي حول
المناضل الراحل هاني الحسن، يقدمها عبد الغني سلامة، فيما يقدم عبد القادر ياسين
مراجعة لكتاب «فلسطين بين مخالب الاستعمار»، لمؤلفه أحمد صـــادق سعد.
وفي باب الوثائق يقدم هذا العدد إحاطة بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والبيان الختامي للقمة العربية الإسلامية، حول الحرب والعدوان على شعبنا في قطاع غزة.
للمزيد حمل التقرير 👇