وفا
- يتعمد الاحتلال ومستعمروه ممارسة انتهاكات متعددة ويومية لاستنزاف موارد القطاع
الزراعي الفلسطيني، لإرهاب المواطنين وثنيهم عن الاهتمام بأرضهم والاعتناء بها.
مخاطر
جمة يواجهها المزارعون وخاصة في المناطق المصنفة (ج)، وممارسات وإجراءات ينفذها
الاحتلال والمستعمرون حوّلت حياتهم إلى جحيم، في سلسلة معاناة لا تنتهي، ما دفع
بالعديد منهم إلى العزوف عن الزراعة وبيع مواشيهم.
فبعد
السابع من تشرين أول/ أكتوبر بات الستيني محمد عطا الله من قرية بيت اسكاريا جنوب
بيت لحم مبعدا عن أرضه بشكل قسري بسبب إجراءات الاحتلال، وهو كباقي أهل القرية
البالغ عددهم 650 نسمة، يعتمدون على الزراعة وتربية المواشي.
يقول
عطا الله، حينما بدأ العدوان على قطاع غزة استشاط الاحتلال غضبا على المزارعين
العاملين في أراضيهم في الضفة الغربية وخاصة المناطق القريبة من المستعمرات، كما
منعهم من جني ثمار العنب، وبعدها منعهم من قطف ثمار الزيتون أو حتى حراثة الأرض أو
الزراعة فيها، حيث تقدر مساحة أراضي القرية بـ7 آلاف دونم.
"في
هذه الأيام حان موعد تقليم أشجار العنب في أرضي والتي تقدر مساحتها بـ25 دونما،
ولم يسمح لي الاحتلال بدخولها، أحس وكأن الأرض تبكي على ما حل بنا" يضيف عطا
الله.
ويشير
إلى أن الأهالي يعانون من صعوبة إدخال الأعلاف بسبب إغلاق الطرق المؤدية إلى
القرية بشكل كامل، فهي تقع وسط مجمع "غوش عتصيون" الاستيطاني.
وأوضح
أن طلبة المدارس كانوا يتعلمون في مدارس بلدة بيت فجار المجاورة، وبعد إغلاقها
اضطر الأهالي لنقلهم لمدارس قرية جورة الشمعة إلى حين فتح الطرق.
والحال
مشابه في قرية كيسان شرق بيت لحم، التي تعتمد في مصدر دخلها الأساسي على الزراعة
وتربية المواشي، فزادت وتيرة اعتداءات المستعمرين، كان آخرها قبل عدة أيام حيث
اقتحم حوالي عشرة مستعمرين منطقة "ثغرة بدر" واعتدوا بالضرب على
الثلاثينية سمية عبيات.
تقول
عبيات لـ وفا"، إنها كانت في منزل والدها المبني من ألواح الألمنيوم، وفجأة
دخل عليهم أكثر من عشرة مستعمرين فضربوها وأولادها الثمانية وأكبرهم يبلغ من العمر
16 عاما، ورشوا وجوههم بغاز الفلفل ما تسبب لهم بالإغماء.
وتضيف
أنه في نفس اليوم اعتقل جيش الاحتلال ليلا شقيقها صدام، وفي اليوم التالي اعتقلوا
زوجها، ما اضطرها وأولادها لترك المنطقة واللجوء لمنزل أحد الأقارب وسط القرية.
وتتابع:
في اليوم التالي حرق المستعمرون ثلاثة بركسات، اثنين منها تستخدم كمنازل للسكن
والثالث يستخدم كحظيرة أغنام.
وتبين
أن المستعمرين أقاموا خيما استعمارية بين قرية كيسان والبرية الشرقية، وخلال ذلك
قطعوا أنابيب مياه طولها حوالي 2500 متر تخدم أكثر من 35 مزارعا.
وفي 28 تشرين أول/ أكتوبر الماضي، قتل مستعمرون
المزارع بلال صالح (39 عاما) من قرية الساوية جنوب نابلس برصاصتين، بينما كان يقطف
ثمار الزيتون في أرضه في منطقة الواد، وكان برفقته زوجته إخلاص وأبنائه الأربعة.
تقول
إخلاص أنها توجهت وزوجها وأبناءها في ذلك اليوم لقطاف ثمار الزيتون بشكل اعتيادي،
وتفاجأت بتواجد أربعة مستعمرين يتقدمون نحوها وعائلتها، فانسحبت مع أولادها بينما
عاد بلال لأخذ هاتفه وحينها أطلق المستعمرون النار عليه.
وتعقيبا
على ما يجري من اعتداءات، قال مدير عام العلاقات الدولية والعامة والإعلام في
وزارة الزراعة محمود فطافطة، إن القطاع الزراعي من أهم القطاعات الاقتصادية في
فلسطين حيث يساهم بنسبة 4.6 من إجمالي الناتج المحلي وله دور كبير في تشغيل الأيدي
العاملة حيث بلغت نسبة العمالة في الزراعة 13% من مجمل الايدي العاملة الفلسطينية.
وأضاف:
هذا القطاع بالغ الأهمية لتثبيت الهوية الفلسطينية وتعزيز صمود المزارع الفلسطيني
على ارضه، ولذلك يعمد الاحتلال الاسرائيلي الى استنزاف المصادر الطبيعية من خلال
الاستيلاء على الاراضي واقامة المستعمرات وجدار الفصل العنصري والمصانع
الاسرائيلية دون حسيب أو رقيب، في ظل عدم اكتراث المجتمع الدولي لما يحدث من
اعتداءات على الاراضي الفلسطينية.
وأشار
إلى أن الاحتلال يركز على الاستعمار الرعوي حيث يتم من خلال إقامة بؤر استعمارية
كحظائر لمواشي المستعمرين والسيطرة على مساحات واسعة، ومن ثم شرعنة هذه البؤر
لتصبح مستعمرات يصادقون عليها بأثر رجعي، كما حدث في عام 2022 حيث صادق الاحتلال
على 83 مخططا لإقامة مستعمرات، وكذلك صادقت على وضع اليد على ما يقارب من 26 ألف
دونم تحت مسميات اغلاق محميات طبيعية، ففي عام 2023 بلغ عدد المستعمرات في الضفة
الغربية بما فيها القدس 176 مستعمرة و186 بؤرة استعمارية.
ويبين
أن انتهاكات الاحتلال تنوعت بين قلع وحرق وتكسير الشجر وتركزت على قطاع الزيتون،
فقد خسر المزارعون أكثر من مليون شجرة ما بين قلع أو تقطيع وذلك بسبب تزامن
العدوان المستمر على قطاع غزة مع موسم قطاف الزيتون، ما أعاق وصول المزارعين إلى
أراضيهم بسبب الاعتداءات المتكررة عليهم اثناء ذهابهم الى قطف ثمار الزيتون.
وأشار إلى أن مساحة الدونمات المزروعة بالزيتون الممنوع الوصول إليها أكثر من 75 ألف دونم في كل الضفة بينها 10000 دونم في نابلس، و19625 في رام الله، ما ألحق بالمزارعين خسائر فادحة يصعب تعويضها.