جريدة
الأيام - مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 136 يوماً
على التوالي، وترصد أبرز القصص التي توثق المعاناة الإنسانية، وتكشف جرائم
الاحتلال في غزة، خاصة في ظل استمرار حالة النزوح، وتشديد الحصار.
ومن
أبرز المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام"، مشهد يوثق معاناة النازحين
مجدداً جراء هطول الأمطار، ومشهد آخر يرصد عودة الحياة في غزة قرناً إلى الوراء،
مع استمرار انقطاع الكهرباء، ومشهد ثالث تحت عنوان: "الاحتلال يتعمد تعطيش
مدينة غزة"، ومشهد رابع وأخير يرصد إنشاء الاحتلال طريقاً معبداً يفصل
بالكامل شمال قطاع غزة، عن وسطه وجنوبه.
الأمطار
تفاقم معاناة النازحين
تفاقمت
معاناة مئات الآلاف من النازحين ممن يقيمون داخل خيام في محافظة رفح مجدداً، مع
هطول الأمطار على قطاع غزة، وتدني درجات الحرارة بصورة كبيرة.
فقد
تسببت الأمطار التي هطلت خلال اليومين الماضيين، بغرق المئات من الخيام، وتكوّن
الوحل والطين المبلل حول الخيام، إضافة إلى انتشار البرك، ما صعّب الحركة في محيط
الخيام، ودفع النازحين للشكوى.
ولم
تفلح كافة الإجراءات التي اتخذها نازحون في الآونة الأخيرة في حماية خيامهم
والمناطق التي يتواجدون فيها من المطر، إذ قال المواطن النازح يوسف الملاحي، إنه
اشترى قطع نايلون، وغطى خيمته بالكامل، وكان يأمل بألا تصلها المياه، لكنه فوجئ
بتجمع المياه فوق الخيمة، وانهيارها بصورة مفاجئة.
وبيّن
الملاحي أنها المرة السادسة منذ بدء الشتاء الحالي، استيقظ في منتصف الليل، وأخرج
أبناءه من الخيمة، وبدأ يحاول معالجة المشكلة، لكنه فوجئ بمشكلة أخرى، عبر انسياب
المياه من جوانب الخيمة، ودخولها إليها.
بينما
قال المواطن عبد الحميد عوض، إن المشكلة تتكرر مع كل موجة أمطار ولا توجد حلول
للأسف، وقد سئم الناس المناشدات، والمطالبات بوضع حلول، مبيناً أن الوضع يزداد
سوءاً، وأن هناك خطراً أكبر يواجه الجميع، في حال حدث اجتياح لمدينة رفح، وإجبار
المواطنين على النزوح.
وناشد
نازحون ضرورة العمل على إعادة تأهيل المخيمات، وتجهيزها لتصبح قادرة على حماية
الناس من البرد والأمطار، وألا يتركوا في مواجهة مصير قاس مع كل موجة أمطار.
ورغم
أن محافظة رفح التي يتواجد بها العدد الأكبر من النازحين، تعتبر من أقل محافظات
القطاع حظوظاً بالأمطار، إلا أن النازحين يواجهون ظروفاً عصيبة مع كل منخفض جوي
مصحوب برياح وأمطار.
الحياة
من دون كهرباء
مضى
136 يوماً على آخر ضوء أُشعل في منزل داخل قطاع غزة، وآخر جهاز كهربائي كان يعمل،
إذ تعمد الاحتلال منذ اليوم الأول من العدوان قطع جميع مصادر الكهرباء عن قطاع
غزة، وأدخل القطاع المحاصر في ظلام دامس.
الحياة
من دون كهرباء في قطاع غزة أجبرت المواطنين على العودة قرناً إلى الوراء، بحيث
باتوا يعتمدون على الأعمال اليدوية، في ظل عدم القدرة على تشغيل الأجهزة
الكهربائية.
وذكر
المواطن إبراهيم العبسي، أن حياتهم اختلفت كلياً في ظل انقطاع الكهرباء، فجميع
الأعمال المنزلية تتم يدوياً دون استخدام الأجهزة، وأنهم توقفوا عن متابعة
التلفاز، وباتوا ينقلون المياه إلى الأسطح بواسطة الدِلاء، ولا يستطيعون تخزين
الطعام خشية تعرضه للتلف.
وأشار
إلى أنه اشترى خلية شمسية صغيرة لتساعده في شحن بطارية، وأجهزة الهاتف النقال،
للإنارة خلال ساعات الليل، معتقداً أنه ورغم مساوئ انقطاع الكهرباء، إلا أن هناك
بعض الفوائد، منها لجوء الناس للنوم مبكراً، والتوقف عن متابعة الأفلام والمسلسلات
التي كانت تسرق أوقاتهم، واستعادة النساء نشاطهن، بعد أن اعتمدن في الأعمال
المنزلية على الأجهزة الكهربائية الحديثة طوال العقود الماضية.
وبينت
المواطنة أم محمود زهران، أنها تعيش حياة بدائية بكل ما تحمل الكلمة من معنى،
فالعائلة جميعها تقطن في خيمة، وفي الصباح يحملون "جالونات" المياه إلى
حيث تتوفر، ويقومون بتعبئتها، ثم تبدأ بجمع الملابس المتسخة لغسلها يدوياً، قبل
البدء بإشعال النار، لإعداد الخبز والطعام.
وأكدت
زهران أن حياة الأجداد قبل أكثر من 100 عام كانت أفضل من حياة سكان غزة حالياً،
فكان لديهم وقود الكيروسين للإنارة، والخضراوات متوفرة، والطعام موجود، أما الآن
فرغم الحياة الصعبة، إلا أن كل السلع مختفية من القطاع، وفوق هذا وذاك، يعيشون
حياة الخوف والهلع والنزوح، والموت يلاحقهم من مكان إلى مكان.
الاحتلال
يتعمّد تعطيش مدينة غزة
تعمدت
قوات الاحتلال خلق حالة من التعطيش في جميع أنحاء مدينة غزة وشمال القطاع،
بالتزامن مع تشديد الحصار، وخلق مجاعة في المحافظتين.
وأكدت
بلدية غزة تعمد جيش الاحتلال تدمير "آبار الصفا" وعددها 4 في شمال شرقي
مدينة غزة خلال عدوانه المتواصل، ما تسبب بقطع وتدمير مصادر المياه في المدينة.
ووفق
البلدية، فقد تعمد الاحتلال منذ بدء العدوان قطع وتدمير مصادر المياه، ما خلق أزمة
إنسانية كبيرة، وحالة عطش واسعة، وجعل نصيب الفرد لا يتجاوز 3 لترات من المياه في
اليوم في أفضل الأحوال.
ونوهت
إلى أن "آبار الصفا"، التي استهدفها الاحتلال، وعمد إلى تدمير مرافقها
من الآبار الرئيسة المركزية، تغذي مناطق شرق المدينة بـ20% من احتياجاتها اليومية،
ما زاد من حالة العطش وأزمة نقص المياه في المدينة.
وطالبت
بلدية غزة كافة المنظمات الدولية بتمكينها من الوصول للآبار، وتوفير الوقود
والمولدات الكهربائية، لتشغيل بعض الآبار المتبقية، والتي تعمل على توفير المياه
للمواطنين، وتقليل حالة العطش التي تعيشها المدينة.
وقالت،
إن الاحتلال تعمّد قطع خط مياه "ماكروت" الذي ينقل المياه إلى المدينة
من الداخل، ويوفر نحو 25% من احتياجات مدينة غزة، ومنع وصول الكهرباء والوقود
للبلدية لتشغيل الآبار ومحطات الصرف الصحي، وكذلك عمد إلى تدمير المرافق الحيوية
الأساسية، ما خلق أزمة في المياه، وكارثة صحية وبيئية كبيرة، بسبب تدفق مياه الصرف
الصحي للبحر، والشوارع، وتكدس كميات كبيرة من النفايات في الشوارع ومراكز الإيواء.
وتعرضت
محافظة شمال القطاع لتدمير مماثل لمصادر المياه، من آبار، وخزانات، ومضخات، إضافة
لتدمير خطوط وشبكات تنقل المياه من مصادرها للأحياء السكنية.
طريق
إسرائيلي معبّد وسط القطاع!
روى
نازحون وصلوا من مدينة غزة وشمال القطاع إلى جنوبه ووسطه، مؤخراً، روايات وشهادات
تؤكد شروع الاحتلال بإنشاء طريق معبد يمتد من خط التحديد شرقاً، وحتى شاطئ البحر
أقصى غرب القطاع، مروراً بمنطقة وادي غزة.
الطريق
الجديد، حسب روايات الشهود، يمر من قلب أراضي المواطنين، وجرت تسويته وتمهيده
بواسطة الجرافات العسكرية الإسرائيلية، قبل نقل كميات من "الزلط" وإقامة
طبقة من "البيسكورس"، والبدء بتعبيده وتسويته، حيث يستخدم لسير الجيبات
والعربات الخفيفة، إضافة إلى الشاحنات، بينما تسير الدبابات في طريق مجاور.
وكشفت
قنوات إخبارية عبرية منها قناة "كان"، عن أن جيش الاحتلال بدأ في إقامة
طريق مرصوف من شرق قطاع غزة إلى غربه، بهدف فصل شمال القطاع عن بقية أجزائه.
وقالت
القناة (14 العبرية) الخاصة المقربة من أنصار اليمين الإسرائيلي، إن الطريق العرضي
الذي حمل رقم "794" يبدأ من منطقة مستوطنة "نحال عوز" في غلاف
غزة، ويمتد غرباً إلى داخل القطاع، حتى البحر المتوسط تقريباً، وهو يقطع أواصر
القطاع.
وأفادت
القناة بأن عشرات الآليات والشاحنات والمعدات الهندسية، التابعة لسلاح الهندسة في
الجيش، تقوم حالياً ببناء مصانع للحجارة وتكسيرها لإقامة هذا الطريق.
ونقلت
القناة عن قائد الكتيبة "601"، التابعة لسلاح الهندسة القتالية، المقدم
شمعون عوركابي للقناة: "نحن الآن ضمن نطاق طريق نتساريم (مستوطنة إسرائيلية
سابقة في قطاع غزة)، الذي يخلق حاجزاً بين شمال القطاع وبين منطقة الوسط والجنوب،
لحماية المنطقة والتوغل إلى المناطق التي يتواجد بها (العدو)، ومنع الحركة بين
الشمال والجنوب والتحكم بها بشكل دقيق".
وتدمر قوات الاحتلال جميع المنازل على يمين ويسار الطريق الجديد، كما يظهر في فيديو بثته القناة، التي قال مراسلها، إن هذا الطريق يدل على أن الجيش يستعد بلا شك للبقاء في غزة لفترة طويلة.