جريدة الايام - يعيش
سكان قطاع غزة تحت القصف والحصار المشدد لليوم الـ164 على التوالي، وتتواصل فصول
المعاناة بأشكالها كافة، خاصة في مناطق شمال القطاع.
"الأيام"
نقلت مشاهد جديدة من داخل القطاع، إذ ركّزت على مشهد استهداف الاحتلال بشكل ممنهج
لخبراء البرمجة وتكنولوجيا المعلومات، ومشهد آخر تحت عنوان: "8000 جثمان تحت
الركام"، ومشهد ثالث يوثق كيف تحولت المجازر بحق العائلات إلى روتين يومي في
غزة، ومشهد رابع حمل عنوان: "أعراض سوء التغذية تستشري بين الأطفال".
8000
جثمان تحت الركام
ما
زال ملف المفقودين تحت الركام، من أصعب وأعقد الملفات في الحرب القائمة، نظراً
لكثرة عددهم، وصعوبة انتشالهم، خاصة أن أكثر من خمسة أشهر مضت على استشهاد بعضهم.
وقال
الدفاع المدني في قطاع غزة، إن هناك نحو 8000 مفقود تحت ركام منازل مدمرة في جميع
أنحاء قطاع غزة، وأغلب الجثامين تحللت، واستخراجها يحتاج إلى وقت، وآليات ثقيلة،
وفرق متخصصة، ولا يبدو ذلك متاحاً في المرحلة الحالية.
ولجأ
مواطنون لم يتمكنوا من انتشال أبنائهم من تحت الركام، إلى كتابة أسماء المفقودين
على كتلة خرسانية، أو لافتة، مطالبين المارة بقراءة الفاتحة على أرواحهم والدعاء
لهم. فأينما مر المُشاهد من أمام بيت مقصوف، قرؤوا عبارة "فلان وفلان تحت
الركام.. ادعوا لهم بالرحمة".
وذكر
المواطن يوسف رجب، أنه اضطر وعائلته إلى النزوح من شمال قطاع غزة قبل عدة أشهر،
خاصة بعد قصف منزل العائلة، واستشهاد ثمانية من أفرادها، فيما بقي شخصان تحت
الركام.
وبيّن
رجب أن البناية التي تم قصفها مكونة من أربعة طوابق، انهارت بالكامل، وبقي جثمانا
شقيقه وابنته تحت الركام، ولم تستطع فرق الدفاع المدني الوصول إليهما، لأن ذلك
يتطلب تحطيم الخرسانة، واستخراج شبكة الحديد، ثم رفع الركام، حتى يتم العثور
عليهما.
وأكد
أن العائلة بعد التشاور، اعتبرت أن الركام بمثابة مقبرة مؤقتة للشهيدين، وأدوا
صلاة الجنازة عليهما من أمام الركام، وكتبوا على كتلة خرسانة عبارة تشير إلى
وجودهما تحت الأنقاض، حتى إن أتيحت فرصة لنقل الركام، يعلم القائمون على ذلك بوجود
جثامين تحتها.
وناشدت
الأسيرة المحررة وفاء البس، التي جرى استهداف منزلها وفقدت طفليها تحت الركام،
الجهات المعنية بمساعدتها، في انتشالهما، سواء أكانا على قيد الحياة أم من
الأموات.
وينقسم
المفقودون الذين يزيد عددهم على 11 ألف شخص، إلى قسمين، الأول تحت الركام، والقسم
الآخر مفقودون خرجوا ولم يعودوا إلى منازلهم، وأغلبهم فُقدوا في محيط مناطق يسيطر
عليها جيش الاحتلال.
المجازر
تتحول لروتين يومي
في
كل صباح تصدر وزارة الصحة في غزة بياناً مقتضباً، يتضمن عدد المجازر التي ارتكبتها
قوات الاحتلال خلال 24 ساعة، وعدد الشهداء والجرحى ممن سقطوا خلالها.
ويتراوح
العدد اليومي للمجازر بين 8 و12 مجزرة، بعد انخفاضه، إذ وصل في بعض الأيام إلى
أكثر من 20 مجزرة، بينما يسقط يومياً بين 80 و120 شهيداً، وأحياناً أكثر من ذلك،
معظمهم من النساء والأطفال.
واللافت
أن تقرير المجازر اليومي تحول إلى ما يشبه الروتين، يتناقله الصحافيون والنشطاء
كأرقام، وكأنه حدث يومي اعتيادي ألفه الناس في غزة.
وقال
المواطن ناجي سلطان، إنه يتابع كل الأخبار بشكل يومي، وبدأ يلاحظ أن الشهداء الذين
يسقطون يومياً، يتم التعامل معهم كأرقام، يضافون إلى أعداد الشهداء ممن سقطوا في
العدوان، وكأن الموت في غزة أصبح أمراً معتاداً.
وأوضح
أن كل يوم يشهد توافد عائلات مكلومة للمستشفيات، لتأخذ جثامين أحبتها من الضحايا،
ويتم نقلهم للمقابر لمواراتهم الثرى، ثم يأتي اليوم التالي، وتُشيع جثامين لشهداء
جدد، وهكذا.
وبيّن
أن العالم خارج قطاع غزة اعتاد المشهد، وبات التعاطف أقل من ذي قبل، والتظاهرات
التضامنية تراجعت، وكأن دماء الناس في غزة أصبحت أمراً معتاداً لا يكترث بها أحد.
ولفت
المواطن علي جمعة، إلى أن تقرير الضحايا اليومي الصادر عن وزارة الصحة في غزة،
باتت وسائل الإعلام تتعامل معه كخبر عادي، فعشرات الشهداء يسقطون يومياً، وعائلات
تُباد من السجل المدني، والأمر يمر، بانتظار التقرير التالي في اليوم الثاني.
وأكد
أن الشهداء الذين يسقطون ليسوا أرقاماً، فلكل شهيد حلم ضاع، وعائلة حزنت على
فراقه، ومعاناة فقد ومرارة ألم، عاناها ويعيشها محبوه.
سوء
التغذية يستشري بين الأطفال
استشرت
أعراض سوء التغذية بين الأطفال في قطاع غزة، خاصة في شماله، مع استمرار الحصار
والتجويع للشهر السادس على التوالي.
ويعاني
عدد كبير من الأطفال من هزال، وضعف عام، وانخفاض في الأوزان، وتكرار إصابتهم
بأمراض معوية وفيروسية مختلفة، مع ضعف مناعة أجسادهم.
وقال
المواطن أكرم عاشور، إن أعراض سوء التغذية باتت واضحة على أبنائه الثلاثة، الذين
حرموا من تناول الكثير من المواد الغذائية المهمة، خاصة في مراحل عمرية مبكرة.
وبيّن
عاشور أن أوزان أبنائه انخفضت، وعلامات الشحوب والهزال باتت واضحة على أجسادهم،
إضافة إلى إصابتهم بتساقط الشعر، وتكسر الأظافر، وبعضهم يعانون آلاماً في المفاصل.
وأوضح
أن الأطفال في غزة حرموا منذ ستة أشهر من تناول البيض، والحليب، والفواكه،
واللحوم، والخضراوات، والأسماك، وأصناف كثيرة من الأطعمة، وبات طعامهم محصوراً في
المعلبات، وهذا سيشكل خطراً على صحتهم، وربما يؤثر على نموهم السليم في المستقبل.
من
جهته، أكد صندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" أن طفلاً واحداً من
بين ثلاثة أطفال دون الثانية في العمر في قطاع غزة، يعاني من سوء التغذية الحاد،
مشيراً إلى أن هذه النسبة التي بلغت 31%، ارتفعت بشكل ملحوظ قياساً مع شهر كانون
الثاني الماضي، عندما كانت قد وصلت إلى 15.6%.
وكشفت
فحوص التغذية التي أجرتها هيئة "اليونيسف" وشركاؤها في شمال قطاع غزة في
شباط الماضي، أن 4.5% من الأطفال في الملاجئ والمراكز الصحية يعانون من سوء
التغذية الحاد، وهو أكثر أشكال سوء التغذية تهديداً للحياة، ما يعرّض الأطفال لخطر
المضاعفات الطبية والوفاة، ما لم يتلقوا الغذاء والعلاج العاجل غير المتوفر، وقد
ارتفع معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة في شمال غزة، من 13% إلى
25%.
6
شاحنات مساعدات
وصلت
6 شاحنات مساعدات، مساء أول من أمس، إلى محافظة شمال قطاع غزة عبر شارع صلاح الدين
الواصل بين جنوبي وشمالي القطاع، لأول مرة منذ نحو أربعة أشهر.
وأفادت
مصادر إعلامية، بأنه لأول مرة منذ تشرين الثاني الماضي، دخلت مساعدات إنسانية بشكل
محدد إلى بلدات محافظة شمال قطاع غزة (بيت لاهيا، بيت حانون، وجباليا).
وأكدت
وصول الشاحنات لدوار الكويت بمدينة غزة، دون وجود حشود المواطنين، بعد أن طلبت
منهم الجهات المختصة تنظيم وصول وتوزيع المساعدات عدم التجمهر، لضمان توزيع
المساعدات وإيصالها لمستحقيها.
وووصلت
الشاحنات التي تحمل الدقيق، عبر شارع صلاح الدين، الذي يمتد من جنوب القطاع إلى
شماله،.
وأوضحت
أن الشاحنات وصلت أيضاً إلى مخيم جباليا، في محافظة شمال غزة، ووضعت في مخازن
لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
رسائل
شخصية
شرعت
قوات الاحتلال في إرسال رسائل شخصية على هواتف المواطنين في محافظات غزة، تطلب
منهم تقديم معلومات عن المختطفين الإسرائيليين.
وقال
عدد كبير من المواطنين، إنهم تلقوا خلال اليومين الماضيين رسائل قصيرة تطلب منهم
تقديم معلومات بالخصوص.
وجاء
في الرسالة التي تبدأ باسم صاحب الجوال نص يقول فيه المرسل، "تريد أن تضمن
لنفسك مستقبلاً أفضل وتحصل على دفعة نقدية قيمة؟ إذا كان لديك معلومات موثوقة عن
المخطوفين أو مختطفيهم". وتذيل الرسالة بأرقام هواتف للاتصال بها وتقديم
المعلومات.
وأثارت
الرسالة سخرية قطاعات واسعة من المواطنين، خاصة بعد انتشار إعلانات ممولة بالخصوص
تظهر تحت عناوين مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي في ظل تعثر المفاوضات لتبادل
الأسرى.