Adbox

يعيش سكان قطاع غزة تحت العدوان الإسرائيلي المتصاعد لليوم الـ176 على التوالي، وما يرافقه من غارات، وقصف مدفعي على جميع أنحاء القطاع، وزيادة الضغط المعيشي من خلال استمرار الحصار، وتقليص وصول المساعدات.

"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان وتداعياته، منها مشهد جاء تحت عنوان: "غزة في يوم الأرض نهب للأراضي وتهجير للسكان"، ومشهد آخر بعنوان: "الحوالات المالية صعوبات في وصولها واقتطاعات كبيرة"، ومشهد ثالث يرصد تصدّر الأطفال قوائم ضحايا العدوان، ومشهد رابع يرصد قلق المواطنين في غزة، جراء محاولات الاحتلال تقويض جهود وكالة الغوث الدولية "الأونروا".


نهب الأراضي وتهجير السكان

جاءت ذكرى يوم الأرض هذا العام، التي صادفت أمس الثلاثين من آذار، في ظل ظروف عصيبة وقاسية، عصفت بالمواطنين في قطاع غزة، رافقها احتلال واسع لأراضي قطاع غزة، وسلب مساحات منها، وتحريم نحو نصف مساحة القطاع على سكانه.

ففي يوم الأرض يواصل الاحتلال إجبار سكان شمال قطاع غزة على النزوح من منازلهم نحو الجنوب، ويكثف إقامة منطقة عازلة تقضم مساحات واسعة من الأراضي، ودمّر ويدمّر عشرات الآلاف من المنازل، ويحول ساكنيها إلى مهجّرين، في سيناريو يشبه إلى حد بعيد ما حدث في يوم الأرض قبل عقود من الزمن.

وقال المواطن أحمد سليمان، إن يوم الأرض يمر هذا العام بينما هو بعيد عن منزله، ونازح خارج مدينته، يعيش في خيمة وسط الجوع والمرض والقصف، ويشعر بأن التاريخ عاد به عقوداً إلى الوراء، حين هُجّر أجداده عن أرضهم عنوة تحت القصف والتهديد والمجازر.

وأشار إلى أن المواطنين في غزة يواجهون نكبة جديدة، وصراعاً من أجل البقاء في أرضهم، فالاحتلال لم يكتفِ بتهجيرهم من فلسطين التاريخية، بل يلاحقهم حتى في قطاع غزة.

وأضاف سليمان: من الكارثة السماح للاحتلال بتمرير مخططات جديدة من التهجير القسري خارج القطاع، لذلك يجب الصمود في الأرض، والبقاء فيها مهما كلّف الثمن، لأن الخروج منها يعني عدم العودة مرة أخرى.

بينما قال المواطن خالد فارس، إنه من المحزن أنه في يوم الأرض بات حلمه وحلم غيره من المواطنين العودة إلى منازلهم في شمال قطاع غزة، فهم يعيشون نكبة وكارثة جديدة، بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

ولفت إلى أن الاحتلال يسعى إلى فرض واقع جديد في غزة، يسرق بموجبه الأرض، ويعيد إقامة المستوطنات، ويواصل تهجير السكان عن منازلهم.


الحوالات المالية صعوبات واقتطاعات

فرض الحصار المالي الإسرائيلي على قطاع غزة، وقائع جديدة، بحيث بات إرسال الحوالات المالية من الخارج أمراً بالغ الصعوبة، وغير ممكن في كثير من الأحيان.

ولجأ مواطنون ومكاتب صرافة إلى طرق التفافية لمحاولة إيصال الحوالات لقطاع غزة في ظل الحصار، منها تسليم مكتب في الخارج، له فروع في قطاع غزة، على أن يستلمها الشخص من القطاع.

لكن هذا الشكل الجديد من إرسال الحوالات، تخللته اقتطاعات كبيرة من أصحاب المكاتب من مبالغ الحوالة، يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 30%، كما ذكرت المواطنة منى رجب، التي توجهت لاستلام حوالة أرسلها لها شقيقها المقيم في الخارج، لمساعدة العائلة في ظل ظروف الحرب والحصار.

وأكدت رجب أن شقيقها أرسل مبلغ 400 دولار أميركي، ودفع هناك رسوماً عالية حتى تصل الحوالة، وحينما توجهت لاستلامها، أجبرها مالك المكتب على تسلمها بعملة الشيكل، بحجة عدم توفر الدولار لديه، وصرفها بالسعر الذي يريده، بأقل 50 شيكلاً في كل 100 دولار عن سعر السوق، بحيث تسلمت الحوالة ناقصة 200 شيكل.

من جهته، قال المواطن أحمد جمعة، إنه تسلم حوالة من مدينة رفح، أرسلها إليه قريبه من تركيا، مبيناً أن قريبه دفع 20% كعمولة على قيمة الحوالة لصالح مكتب في تركيا، وحين تسلمها في غزة كانت تنقص 25% من قيمتها، ورفض صاحب المكتب تسليمه المبلغ بعملة الدولار.

وأشار جمعة إلى أن مكاتب الصرافة التي تُسلم الحوالات تستغل حاجة المواطنين وظروفهم، وتقتطع مبالغ كبيرة من الحوالات، مستغلة عدم وجود رقابة، أو متابعات من جهات الاختصاص، متمنياً إيجاد آلية واضحة لإرسال وتسليم الحوالات، بعيداً عن حالة الاستغلال القائمة.


الأطفال يتصدرون قوائم الضحايا

مازال الأطفال يتصدرون قوائم ضحايا المجازر الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، خاصة قصف المنازل المأهولة، والذي يحدث في جميع مناطق القطاع بصورة يومية، خاصة في ساعات الليل.

فلا يكاد يمر يوم دون سقوط العشرات من الأطفال بين شهيد وجريح، بعضهم رُضع لا تتجاوز أعمارهم بضعة أشهر. وتشاهد كل يوم في المستشفيات جثامين صغيرة ملفوفة بأكفان بيضاء، تمهيداً لمواراتها الثرى.

ووفق آخر الإحصاءات، فقد تجاوز عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 32 ألف شهيد، 40% منهم على الأقل أطفال دون سن 17 عاماً.

وذكر أطباء وممرضون عاملون في مشافي جنوب ووسط القطاع، أنه ومع كل موجة قصف أو غارة يصل شهداء وجرحى من الأطفال، بعضهم يكونون عبارة عن أشلاء، فأجسادهم الصغيرة لا تحتمل قوة الضغط الناجم عن الانفجارات، ما يتسبب بتمزق الأجساد.

وبيّن أطباء أن بعض الأطفال يصلون مصابين بحروق شديدة، وجروح خطيرة، وكثير منهم أصيبوا بحالات بتر للأطراف، وآخرون يدخلون أقسام العناية الفائقة في وضع صحي حرج للغاية.

وفي وقت سابق، أكدت رئيسة لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، آن سكيلتون، أن الاحتلال ينتهك حقوق الأطفال في قطاع غزة بشكل خطير، وعلى مستوى نادر لم يشهده التاريخ الحديث من قبل.

وقالت سكيلتون، في بيان اللجنة التي قدمته خلال مؤتمر صحافي حول وضع الأطفال في غزة اليوم: "تشير التقديرات إلى دفن أكثر من 7 آلاف شخص تحت الأنقاض، بينهم عدد كبير من الأطفال".

وأضافت: يفقد أكثر من 10 أطفال في المتوسط إحدى ساقيهم، أو كلتيهما يومياً، في غزة منذ بداية الحرب، وفق منظمة إنقاذ الطفولة، كما تشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن ما لا يقل عن 17 ألف طفل أصبحوا منفصلين عن والديهم، وأصبح كل الأطفال البالغ عددهم 1.2 مليون بحاجة إلى المساعدة للصحة النفسية، والدعم النفسي، والاجتماعي، والاهتمام.


قلق من محاولات تصفية "الأونروا"

يعيش سكان قطاع غزة قلقاً مضاعفاً، جراء محاولات الاحتلال المتكررة، تصفية وجود "الأونروا" في القطاع، وقد بدأ المواطنون يلمسون أثر هذه المحاولات في الآونة الأخيرة.

فقد انخفضت إمدادات الغذاء التي توزعها وكالة الغوث على النازحين في مراكز الإيواء بصورة كبيرة، ما أثر على الأمن الغذائي لهؤلاء النازحين، ممن فروا من منازلهم ومدنهم، ولجأوا إلى مراكز تديرها "الأونروا".

وقال اللاجئ رائد حميد، من سكان مدينة غزة، ويقيم في مركز إيواء برفح، إنه منذ نشأ كانت وكالة الغوث هي الجهة التي ترعى اللاجئين، وتقدم لهم الخدمات، ويزيد الاعتماد على تلك المؤسسة في الأزمات والحروب.

وشدد حميد على أن محاولات الاحتلال إنهاء وجود "الأونروا"، ووضع عراقيل أمام عملها، وتحريض الدول على وقف دعمها، ستكون له تداعيات كارثية عليه وعلى غيره من اللاجئين، خاصة في مثل هذه الظروف.

أما المواطن أحمد جابر فقال إنه لولا وكالة الغوث لمات جوعاً، موضحاً أن الوكالة سلمته الطحين، وسلة غذائية كبيرة، وتوزع مواد غذائية على النازحين، ومن عياداتها يحصل على العلاج، وفي مدارسها يتعلم أبناؤه.

وبلغت عراقيل الاحتلال أمام "الأونروا" ذروتها، بعدما منعها جيش الاحتلال من نقل المساعدات إلى شمال القطاع، إذ قال المفوض العام لـ"الأونروا"، فيليب لازاريني "رغم المأساة التي تتكشف أمام أعيننا، أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة أنها لن تسمح بمرور قوافل أغذية من الوكالة إلى شمال قطاع غزة".

وفي وقت سابق، حذّر لازاريني مما وصفها بالتداعيات الخطيرة على اللاجئين في قطاع غزة ومنطقة الشرق الأوسط، لقرار الكونغرس الأميركي حظر تمويل الوكالة لمدة عام.

وأوضح لازاريني أن الوكالة ستواصل العمل مع المانحين والشركاء "لحماية حقوق لاجئي فلسطين حتى التوصل إلى حل سياسي دائم".

أحدث أقدم