وفا- ما أن تسللت أخبار اجتياز بعض النازحين، في جنوب قطاع غزة، لحاجز الاحتلال على الطريق الساحلي ووصولهم شمال القطاع، حتى هب آلاف النازحين من خيامهم يحزمون أمتعتهم للعودة إلى بيوتهم.
تكدست الطريق الساحلي غرب القطاع، بشاحنات وحافلات ومركبات مختلفة الاحجام، وكارات تجرها دواب، تحمل عشرات الآلاف من المواطنين الشغوفين بالعودة لبيوتهم في الجزء الشمالي من القطاع.
ونزح زهاء مليون ونصف مواطن من محافظتي غزة وشمالها إلى جنوب القطاع تجنبا لحمم صواريخ الاحتلال.
على قارعة الرصيف، جلست عطاف أبو سعيد مع 6 أطفال وفتية كل يحمل شنطته أو كيسا بلاستيكيا فيه بعض الملابس والأطعمة والحاجيات.
قالت لمراسل "وفا" إنها بانتظار سيارة تنقلها لمنطقة وادي غزة على الطريق الساحلي لتصل بيتها في منطقة الشيخ رضوان بغزة، مضيفة أنها ما أن سمعت "طرف خبر" بعودة بعض المواطنين حتى حزمت قليلا مما لديها وقررت العودة دون أن تفكر مرتين، وحتى لو الأخبار غير مؤكدة فلن تنتظر إلى حين التأكيد.
"اشتقت لبيتنا وفراشنا ومطبخنا.. قرفنا وتبهدلنا من حياة النزوح" قالت.
وسط زحام الركاب في صندوق شاحنة، كان محمد الكتري من أكثر الشغوفين للعودة لبيته بمخيم جباليا شمال القطاع. قال إنه عائد لوحده لاستكشاف الطريق ولدفن إبنه إن استطاع المرور.
"أريد أن ادفن ابني، استشهد في قصف جوي قبل خمسة شهور ولا يزال تحت الركام، أريد أن اشتم التراب الذي احتضنه" أضاف الكتري لمراسلنا.
وتتشابه حكاية المواطن الكتري، مع ربيع ريحان من مدينة حباليا، الذي قال، أيضا، إنه سيعود للبحث عن جثمان والده ودفنه.
وأضاف "أبي كان في سيارته البيضاء قتلوه على شارع الرشيد الساحلي سأعود لأدفنه وأعود أيضا لبيتي الذي اشتاق له".
ومنذ شهور عديدة، لم تسمح قوات الاحتلال بعودة النازحين، وتستخدمهم كورقة مساومة في "مفاوضات التهدئة" في قطاع غزة.
بعد أن تخطت المركبات مدينة خان يونس واقتربت من دير البلح، بدأت مركبات تحمل مواطنين بالعودة باتجاه الجنوب.
"إرجعوا ارجعوا في طخ وقصف" كان ينادي مواطنون يقفون على جانبي الطريق.
وسقط خمسة شهداء بينهم امرأة اليوم، في قصف للاحتلال استهدف النازحين الذين يحاولون العودة إلى شمال قطاع غزة.
ونفى غير مصدر، وجود قرار يسمح بعودة النازحين من جنوب القطاع إلى بيوتهم في الشمال.
وقال عاطف قنيطة، من مدينة غزة، إنه يلملم بهض اغراضه لكنه متشكك ويخشى أن يطلق الاحتلال النار كما حصل عدة مرات قبل ذلك.
وأضاف قنيطة الذي يعمل كهربائيا، إنه متشوق للعودة وزيارة قبر امه التي استشهدت قبل عدة أيام لكنه متردد.
هناك، على الطريق الساحلي، يمكن أن ترى شبانا وفتية وعائلات يحملون امتعتهم على ظهورهم ويسيرون على أقدامهم بسبب عدم توفر مركبات تحملهم. بعضهم حملوا طعاما وزجاجات مياء وبطانيات لاستخدامها في المبيت المتوقع إن لم يستطيعوا اجتياز الحاجز.
"احتمال لا نستطيع اللحاق اليوم، لذا سننام ونتحرك فجرا في حال وجود فرصة"، قالت امرأة عرفت عن نفسها بـ"أم فريد".
اسراء أبو السعيد، لم تخف سعادتها للعودة لبيتها مع اطفالها الثلاثة الذين كان تتوسطهم في صندوق الشاحنة، وقالت انها عازمة على العودة حتى لو كان بيتها مدمرا. "زوجي هناك لوحده منذ 6 شهور وسأعود له ولبيتنا، بينما قالت طفلتها نعمة، إبنة الصف الأول، إنها مشتاقة لأبيها وللمدرسة.