Adbox

جريدة الأيام - مضت 30 يوماً على دخول التهدئة في قطاع غزة حيز التنفيذ، ولا يزال المواطنون والنازحون يعيشون المعاناة، خاصة أن معظمهم تعرضت منازلهم للتدمير، بينما يعيش الجميع حالة من القلق والترقب، مع تعمد الاحتلال تخريب الاتفاق، من خلال الاعتداءات اليومية، والتهرب من تنفيذ الاستحقاقات.

"الأيام" تواصل رصد مشاهد جديدة ومتنوعة من قلب القطاع، منها مشهد يُوثق تصاعد الهجمات الإسرائيلية على مدينة رفح، ومشهد آخر بعنوان "خروقات الاحتلال لاتفاق التهدئة تُقلق المواطنين"، ومشهد ثالث يوثق فقد المواد والسلع المطلوبة في عمليات ترميم المنازل.

تصاعد الهجمات على رفح
تشهد محافظة رفح جنوب قطاع غزة، والتي لا يزال الاحتلال يوجد في مناطق واسعة منها، عمليات إسرائيلية يومية، تتنوع ما بين توغلات، وإطلاق نار تنفذها آليات عسكرية، وهجمات من مُسيرات، تنفذ بين الفينة والأخرى.
فمنذ بدء تطبيق اتفاق التهدئة، شهدت المحافظة الحدودية، سقوط عشرات الشهداء والجرحى، بينهم 4 شهداء سقطوا في غارتين من طائرات مُسيرة، والباقون سقطوا بنيران دبابات، وأبراج آلية "رافعات"، وكذلك بنيران طائرات مُسيرة صغيرة "كواد كابتر"، وهي الأكثر تنفيذاً للانتهاكات في رفح.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإنه ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، تصاعدت الهجمات على رفح، وباتت عمليات إطلاق النار، وأصوات الآليات تُسمع بوضوح على مدار الساعة، بينما لا تُغادر الطائرات المُسيرة الأجواء، وتنفذ عمليات تحليق مُكثفة، تتخللها هجمات.
ويقول المواطن نضال عبد الحميد، إن رفح لا تزال خارج اتفاق التهدئة، وسكانها يعانون بسبب الهجمات الإسرائيلية التي لا تتوقف، ومؤخراً وصلت الهجمات لعناصر الشرطة، حيث جرى اغتيال 3 منهم، قرب منطقة "المطار المُدمر".
وأكد عبد الحميد وهو يقطن حي الجنينة، إنه لا يمر يوم دون أن تُطلق طائرات مُسيرة صغيرة "كواد كابتر"، النار تجاه مواطنين في الحي الذي يقطنه والأحياء المُجاورة، وغالباً ما يقع ضحايا جراء ذلك.
وأكد أن الآليات التي تُسيطر على أحياء جنوب المدينة، تُطلق النار باستمرار باتجاه أحياء رفح، والعائدون إلى بيوتهم يعيشون في دائرة الخطر المُستمر، والناس سئمت الأمر، والجميع يأملون بانسحاب الاحتلال من محور صلاح الدين "فيلادلفيا"، في أسرع وقت.
وأعرب مواطنون عن خشيتهم من أن تتسبب الهجمات الأخيرة للطائرات الإسرائيلية، التي استهدفت عناصر الشرطة، في تقويض جهود عناصر الشرطة، وعودة الفوضى على شارع صلاح الدين، من حيث مهاجمة شاحنات المُساعدات ونهبها.
بينما يقول المواطن نبيل عوض، إن عمليات الهدم والتجريف، وحتى نسف المربعات والمنازل لم تتوقف حتى في ظل التهدئة، فيومياً تتوغل دبابات وجرافات إسرائيلية في عمق المدينة، خاصة حي السلام، ومخيم يبنا، وحي تل السلطان.
وأكد أنه يسمع يومياً أصوات الجرافات وهي تهدم ما تبقى من منازل للمواطنين في حي السلام، ويُشاهد الغبار يتصاعد من مناطق عمل الجرافات، لافتاً إلى أن عمليات الهدم والتخريب التي شهدتها مدينة رفح منذ بدء التهدئة تعتبر كبيرة نسبياً، وربما تكون الأكبر في قطاع غزة.

خروقات الاحتلال تُقلق المواطنين
مع تصاعد خروقات الاحتلال لاتفاق التهدئة، وعدم التزامه بالكثير من بنودها، بات المواطنون قلقين على مصير الاتفاق، ويخشون انهياره في أي وقت.
فخلال الفترة الماضية، سُجلت العديد من الخروقات، من بينها استمرار منع دخول المعدات الثقيلة والبيوت المُتنقلة "كرفانات"، وتعطيل تنفيذ "البروتوكول الإنساني المُلحق"، واستمرار الاعتداءات على القطاع، خاصة رفح، والمناطق الشرقية، وتسجيل سقوط العديد من الشهداء والجرحى بشكل يومي، وكذلك عرقلة سفر المرضى والجرحى عبر معبر رفح.
وشكل قصف عناصر الشرطة في رفح قبل يومين أكبر الخروقات، التي تبعها بيان شديد اللهجة من قبل حركة حماس، ثم اتصالات مُكثفة من قبل الوسطاء، لمنع انهيار الاتفاق، الذي ما زال يبدو هشاً.
وأكد المواطن أسامة هاشم، أن أي شخص يُراقب سلوك الاحتلال، ويستمع جيداً للتصريحات الصادرة عن قادته، يشعر أن حكومة إسرائيل باتت معنية بانهيار الاتفاق، بل تعمل جاهدة على حدوث ذلك مع نهاية المرحلة الأولى منه، ولا ترغب بالوصول للمرحلة الثانية.
وأوضح هاشم أن التنصل، والخروقات، وعدم بدء مفاوضات المرحلة الثانية، كلها مؤشرات على أن القطاع ربما يكون على أبواب عودة التصعيد من جديد.
وأكد أن الكرة الآن في ملعب الوسطاء، ممن رعوا الاتفاق وضمنوه، فهم ملزمون بالضغط على الاحتلال للعودة إلى ما تم الاتفاق عليه، وإلزامه بتنفيذ باقي البنود، متسائلاً أين العالم الذي يتغاضى عن سلوكيات الاحتلال حالياً، وهل كان سيُسمح لحركة حماس، بعدم الالتزام ببنود الاتفاق، أو خرق أي بند فيه؟.
في حين أكد المواطن إسماعيل طه أن الكثير من التصريحات تشير إلى نية إسرائيل بالعودة للحرب، منها ما قاله مراراً وتكراراً وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش، الذي أكد العودة للحرب بعد إنهاء المرحلة الأولى من الصفقة، ومماطلة نتنياهو تؤكد نيته تخريب الاتفاق، وعدم استكماله، لكن الأخير يُحاول أن يُلقي باللوم على الطرف الآخر، ويُحمله مسؤولية انهيار الاتفاق.
وأوضح أن التحرك المُبكر لذوي الأسرى الإسرائيليين المتبقين في غزة، والبدء بحراك ضد نتنياهو وحكومته، لشعورهم بأن المُعطل الرئيس للاتفاق هو نتنياهو شخصياً، يُشير بشكل واضح إلى أن المجتمع الإسرائيلي يُدرك أن الصفقة على وشك الانهيار.

 

مُتطلبات ترميم المنازل مفقودة
عمد الاحتلال خلال الفترة الماضية إلى إغراق قطاع غزة بالسلع والمواد الغذائية الهامشية، والثانوية، مثل الشكولاتة، والبسكويت، والمشروبات الغازية بمختلف أنواعها، لكنه لا يزال يمنع دخول الكثير من السلع، والمواد الأساسية.
ومن بين السلع التي لا يزال الاحتلال يفرض قيوداً مُشددة على دخولها، ويمنعها من الوصول للقطاع، هي مُستلزمات الإعمار، خاصة المواد الضرورية في إصلاح وترميم المنازل المُدمرة.
وقال المواطن إبراهيم حمد، إنه عاد لمنزله في مدينة رفح، ووجده مُفرغاً، إذ سقطت جدران الغرف، وهو بحاجة لبناء جدارين حتى يُعيد ترميم غرفة واحدة، ليعيش فيها وعائلته، وبحث عن مواد إعمار فصُدم بشحها وارتفاع الأسعار على نحو جنوني، فثمن شوال الإسمنت وزن 50 كيلوغراماً وصل إلى 1000 شيكل، وثمن الطوبة الواحد يتجاوز 10 شواكل.
وبيّن أنه على هذا الحال لن يستطيع ترميم منزله، ولا الإقامة فيه، وقد يستعيض عن ذلك ببعض الشوادر، وقطع من القماش والنايلون، لإغلاق الجدران، وتهيئة مكان للإقامة فيه، حتى يتمكن من العيش، خاصة مع التوقعات بوصول المزيد من الموجات الماطرة في الأيام والأسابيع المقبلة.
أما المواطن أيمن سالم، فأكد أنه عاد لبيته شرق رفح، ووجد الأضرار فيه محدودة، لكن اللصوص سرقوا كل شيء فيه، حتى المراحيض، وصنابير المياه، وهو بحاجة ماسة لشراء مواد بديلة ليتمكن من العيش فيه.
وبيّن أنه جال الأسواق في رفح وخان يونس، وما هو متوفر من سلع للترميم مسروقة من منازل، وأسعارها عالية جداً، وقد اشترى مرحاض "كرسي إفرنجي"، مقابل 600 شيكل، وبعض الصنابير، ووصلات المياه، وخزان بلاستيكي مقابل أسعار عالية جداً.
وأكد سالم أن ترميم المنازل ليُعاد السكن فيها بات أمراً مُرهقاً ومُكلفاً، وغالبية العائدين لا يتمكنوا من إنجاز هذه المهمة.
وطالب مواطنون بجعل السماح بدخول مواد الإعمار ضمن أولويات المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة، كونها تعتبر ذات أهمية كبيرة، في تمكين العائلات من إعادة الإقامة في بيوتها.
كما طالب مواطنون بالضغط على الاحتلال للسماح بإدخال أنظمة الطاقة البديلة، من بطاريات، وخلايا شمسية وغيرها، خاصة في ظل تدمير شبكات الكهرباء بشكل كامل، وصعوبة عودة التيار في المنظور القريب.

أحدث أقدم