Adbox

الأيام: "لم يعد هناك موطن قدم ولا مكان للنزوح في مدينة غزة التي تكتظ بالنازحين"، هكذا قال المواطن جلال غنام (50 عاماً) بعدما استقر به الحال في إحدى المؤسسات المدمرة بحي النصر في مدينة غزة.
وخصص غنام، الذي نزح من مخيم جباليا قبل ثلاثة أشهر، مساحة محدودة من جمعية الوحدة الخيرية المدمرة، بعد أن أزاح عنها الركام، وأقام وأسرته المكونة من ثمانية أفراد، من بينهم اثنان من ذوي الإعاقة، في حيز ضيق تغطيه قطعة باطون مسلح.
يقول غنام لـ"الأيام": نعيش هنا بين الحجارة ووسط كومة من الركام في مساحة لا تزيد على 20 متراً مربعاً، وأبقينا مساحة لا تتجاوز ستة أمتار مربعة لأغراض الطهي وإشعال النار، مبدياً بأساً شديداً بسبب صعوبة عيشه.
ويضيف: "نحن ثمانية أفراد ننام في تلك المساحة الضيقة، والأطفال يقضون معظم ساعات النهار في الشارع المقابل تحت ظل شجرة قريبة، وعيشتنا صعبة وقاهرة، لكن هذا هو الشيء المتاح أمامنا بعدما عجزنا عن إيجاد مكان لنصب خيمة"، مشيراً إلى أن النزوح بين أكوام الركام قد يكون أفضل بكثير من النزوح في خيمة.
وتكتظ الشوارع والمفترقات، الواقعة في نصف مساحة مدينة غزة، بعشرات آلاف الخيام حيث ينزح بداخلها نحو نصف سكان القطاع.
بدا المواطن غنام غير سعيد وهو يجلس تحت ظل قطعة كبيرة من الباطون المسلح العالقة فوق الركام، وسط الحر الشديد، معبراً عن حزنه لسوء أوضاع الغزيين عموماً.

ويقضى غنام معظم وقته في انتشال الحجارة من المؤسسة التي يقيم تحت أنقاضها وينقلها باتجاه مقبرة الشيخ رضوان، ويتقاضى نصف شيكل على كل حجر ينقله لمتعهد بناء قبور، مكلفاً نفسه عناء انتشال الحجارة ونقلها يدوياً لمسافة لا تقل عن 500 متر.
قال: غالباً لا يجد هؤلاء العمال الحجارة اللازمة لبناء قبور الشهداء والأموات، خصوصاً أن ثمة نقصاً كبيراً في مواد البناء كالحصمة والإسمنت المستخدمة في صناعة هذه الحجارة.
وتفرض إسرائيل حصاراً مشدداً على إدخال مستلزمات البناء إلى القطاع منذ بداية العدوان قبل أكثر من 22 شهراً.
وأضاف: وجدت لنفسي فرصة للتربح من خلال انتشال حجارة سليمة من بنايات مدمرة مقابل أجر مادي بسيط، لكنه يقيني ذلك السؤال بعدما فقدت عملي في البناء بسبب الحرب.
ويمتهن الكثير من المواطنين بناء القبور للعدد الكبير من الشهداء الذين يدفنون في مقبرة الشيخ رضوان، كونها الوحيدة المتاحة لمواراة الأموات الثرى، بعدما سيطرت قوات الاحتلال على المناطق التي تشمل عدة مقابر في مدينة غزة وجباليا وبيت لاهيا.
يقوم هؤلاء بفتح قبور قديمة ووضع الرفات جانباً، ومن ثم وضع الحجارة من البنايات المهدومة لتهيئتها كقبور لدفن الشهداء الجدد.

أحدث أقدم