Adbox

وفا- مضايقات الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين في مدينة القدس المحتلة لا تقتصر على الأحياء فقط، بل طالت الأموات أيضا، من خلال الاعتداء المتكرر على قبور إسلامية في مقبرة باب الرحمة الملاصقة للمسجد الأقصى، ونبش بعض من قبور أخرى.
طواقم بلدية الاحتلال نبشوا مؤخرا، قبرا يعود لمتوفى من عائلة العباسي، ووضعوا علامات على قبور أخرى على طول الواجهة الشرقية للمقبرة؛ تمهيدا لإزالتها وتحويلها إلى محمية طبيعية، رغم أن المقابر المتبقية حاليا لا تتسع لوفيات 370 ألف مقدسي، ووصل الحال إلى دفن الجثامين فوق بعضها، إذا مرت ثماني سنوات على الدفن السابق.
رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس مصطفى أبو زهرة قال لــ"وفا"، إن ما يجري هو حلقة من سلسلة حلقات الاعتداء على المقابر الإسلامية، خصوصا باب الرحمة، وأهالي مدينة القدس ستقاوم ما يجري، والاحتلال يريد أن يبني سورا حديديا على المقبرة لاقتطاع أجزاء من المقبرة، علما أنها أرض وقفية، وأي اقتطاع هو عبارة عن نهب وسلب.
وأكد مواصلة التواجد للدفاع عن حرمة المقبرة، رغم أن كل المكان هي أراض وقف إسلامي خالص، مشيرا إلى أنه تم تقديم التماس للمحاكم الإسرائيلية قبل ثلاثة أشهر، للنظر في تلك الممارسات، ونترقب ما سيحدث حاليا، خصوصا في قبور آل عباسي، شرق المقبرة.
وتابع: مقبرة باب الرحمة ليست الوحيدة التي ينبشها الاحتلال في القدس، فقد تعرضت خمس مقابر إسلامية لحالات متشابهة، وهي مقابر: مأمن الله، والمجاهدين، وباب الرحمة، واليوسفية، والنبي داوود، بيد أن دفن سكان المدينة حاليا يقتصر على مقابر: باب الرحمة، والمجاهدين، واليوسفية، وذلك بعد الاستيلاء على أراضي مقبرتي مأمن الله، والنبي داوود، والاستيلاء عليهما بشكل كامل.
وأشار إلى أن مقابر القدس الإسلامية تحتضن رفات كثير من المجاهدين، والعلماء، والأمراء، ممن ارتقوا دفاعا عنها من قبل الحروب الصليبية، وبعدها في العهود الأيوبية، والمملوكية، والعثمانية، كما يحتضن ترابها قبور عدد من الصحابة، أبرزهم: الصحابيان عبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، اللذان كانا من أوائل قضاتها، وعينهما الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنهم.
وأوضح أبو زهرة أنه منذ احتلال ما تبقى من مدينة القدس، تتعرض هذه المقابر لاعتداءات الاحتلال ومستوطنيه بهدف طمس هوية المكان والقضاء على التاريخ والهوية الإسلامية التي تنبض بهما أراضي المدينة وقبورها.
من جهته، قال المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين لـ"وفا"، "إن نبش القبور يمثل انتهاكا صارخا لحرمة الأموات في هذه المقبرة التاريخية، وعمليات الحفر تسببت بنبش مئات القبور لموتى المسلمين".
وأضاف "أن ما يجري هي اعتداءات بتكسير شواهد القبور، ونبشها، وهذه محاولات يائسة للإسرائيليين، خاصة المتطرفين منهم، الذين يريدون أن يضعوا مكان هذه القبور حدائق تلمودية، وهذا مرفوض في كل القوانين، والأعراف، والشرائع السماوية".
وتابع "أن الاحتلال تجاوز كرامة الأحياء، والأموات، والكرامة الإنسانية، ونحن بحاجة لوقفات جادة لحماية المقابر بشتى الوسائل القانونية والسلمية للدفاع عن هذه المقابر، ودفع أذى المتطرفين، والاحتلال"، مشيرا إلى أن إنشاء متحف للتسامح على مقبرة مؤمن الله أمر غير معقول، فأي تسامح يمكن أن ينشأ على رفات وجثث المسلمين.
وأشار إلى أن مقبرة "مأمن الله" تعتبر كبرى مقابر القدس، وتقع على بعد كيلومترين من باب الخليل إلى الغرب من البلدة القديمة، وتبلغ مساحتها نحو مئتي دونم، وكانت منذ الفتح الإسلامي وحتى عام 1948 المقبرة الرئيسية لدفن موتى المسلمين، لكن محاولات تهويدها بدأت مبكرا، وأزيل حتى الآن 97% من شواهد قبورها، التي كانت بمثابة حلقة وصل بين الأحفاد، والأجداد.
وبين أن سلطات الاحتلال حوّلت 70% من مساحة هذه المقبرة إلى حديقة أطلق عليها اسم "حديقة الاستقلال"، كما نُبشت القبور، وأقيم على جزء من المقبرة فندق ضخم، وموقف للسيارات، وما يسمى "متحف التسامح"، إضافة إلى مدرسة، وحمامات عامة، ويجري الاستعداد لإنشاء منتجع يحتوي على برك ضخمة للسباحة.
وعن مقبرة النبي داوود التي تقع على جبل "صهيون"، أضاف "انها تضم مجموعة من المدافن لعائلة الديجاني، لكنها لم تعد تُستخدم؛ بعد منع سلطات الاحتلال المقدسيين من دفن موتاهم فيها".
وأضاف: على يمين الداخل إلى الأقصى من باب الأسباط، تقع مقبرة اليوسفية التي عمّرها الأمير قانصوه اليحياوي عام 1467، وتم تدمير عشرين قبرا فيها عام 2014، وسُكب الإسمنت فوقها، حتى لا تُستخدم مجددا، وفي عام 2004 أصدر رئيس بلدية الاحتلال آنذاك أوري لوبوليانسكي أمرا إداريا بهدم عدد من القبور في اليوسفية، ومنع أعمال الصيانة فيها بتاتا.
ونوه الشيخ حسين إلى أن مقبرة باب الرحمة الواقعة عند سور المسجد الأقصى الشرقي لم تسلم من الاعتداءات أيضا، إذ منعت سلطات الاحتلال المقدسيين من دفن موتاهم في الجزء الجنوبي الشرقي منها، المحاذي للمصلى المرواني؛ بحجة قرب المكان من حجارة الهيكل المزعوم، ودُفنت آخر الجثامين في تلك المنطقة عام 2006. وعلى بعد أمتار من باب الساهرة توجد مقبرة المجاهدين، وهي مقبرة تاريخية تقع عند سور المدينة من الشمال ودفُن فيها شهداء الفتح الصلاحي.
أحدث أقدم