«القدس العربي»: لم تنته المعركة التي تشنها سلطات الاحتلال
الإسرائيلي ضد تجمع «الخان الأحمر»، بعد انتزاع قرار قضائي من المحكمة العليا
الإسرائيلية بتأجيل عملية الهدم وتشريد السكان حتى يوم 11 الجاري، حيث يرتقب أن
تعاود إسرائيل التي تحاصر المنطقة فرض طوق أمني عليها ، وهو ما دفع المشاركين في
الاعتصام الدائم للبقاء على أرض التجمع، في رسالة تحد لمخططات الاحتلال.
ويتوقع
أن تشرع سلطات الاحتلال فور انتهاء المدة التي حددتها المحكمة العليا في تل أبيب،
بتطبيق مخطط الهدم القائم على تشريد سكان هذا التجمع البدوي الواقع شرق مدينة
القدس المحتلة، لصالح مشاريع استيطانية كبيرة، تقوم على أساس تدمير 46 تجمعا بدويا
في مناطق متفرقة في الضفة.
وكان
محامو هيئة مقاومة الجدار والاستيطان قد نجحوا مساء أول من أمس الخميس، في الحصول
على «أمر احترازي» من المحكمة العليا الاسرائيلية بوقف هدم خان الأحمر البدوي شرق
مدينة القدس المحتلة حتى يوم 11 الجاري لحين تقديم الإدارة المدنية الإسرائيلية
أسباب رفضها ترخيص التجمع.
وأشار
رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، إلى ان الهيئة عملت بشكل حثيث خلال
الأيام الماضية على إعداد مخطط هيكلي للتجمع لترخيصه، ومن ثم قام محامو الهيئة
بتقديم المخطط الهيكلي الى الإدارة المدنية لترخيص التجمع، إلا ان الأخيرة رفضت
ذلك، ما دفع الهيئة لتقديم التماس الى «العليا الاسرائيلية» لإصدار أمر بوقف
الهدم.
وقال
عساف في مؤتمر صحافي عقده في منطقة خان الأحمر «القضية لم تنته بعد، والمطلوب هو
استمرار الجهود الشعبية والسياسية والقانونية والدبلوماسية لمنع الهدم نهائيا».
من
جهته، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عدنان الحسيني إن
القيادة الفلسطينية قررت رفض ما تسمى «صفقة القرن» التي تتحدث عنها الإدارة
الأمريكية، معتبرا أن رفضها بدأ أيضا على الأرض من خان الأحمر، داعيا الفلسطينيين
لتحضير أنفسهم لـ «مواجهة قد تطول»، مشددا على ضرورة استمرار المساندة للخان
الأحمر. وقال إن تمرير مخطط الهدم الذي تنوي تنفيذه سلطات الاحتلال يعني ضم القدس
الشرقية إلى إسرائيل.
وأكد
النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي، أن الهدف من هدم خان الأحمر،
يأتي كونه «بوابة القدس»، ومن أجل تنفيذ
المخطط الاستيطاني الكبير والمعروف بـ»E1»، واصفا ما يجري بأنه «تطهير عرقي»، وطالب بإسناد سياسي دولي
وعربي، لإفشال مخطط «صفقة القرن».
وبالرغم
من صدور القرار القاضي بوقف إجراءات الهدم بشكل مؤقت، إلا أن المسؤولين
والمتضامنين والنشطاء الفلسطينيين والأجانب واصلوا الاعتصام في المكان، تحديا
للمخططات الإسرائيلية الرامية لفصل مدينة القدس عن باقي مناطق الضفة الغربية.
وأقيمت في مكان الاعتصام يوم أمس صلاة الجمعة، بمشاركة المفتي العام للقدس والديار
المقدسة الشيح محمد حسين، وحشد كبير من السكان، بعد أن جرى توسيع مكان الاعتصام
وإقامة خيام جديدة لاستقبال المتضامنين، مع زيادة أعداد المشاركين.
وشدد
المفتي العام في خطبة الجمعة على أهمية «الرباط والدفاع عن أرض فلسطين»، لافتا إلى
أن نصرة خان الأحمر والصمود فيه «واجب على أبناء شعبنا، لما تمثله هذه المنطقة من
أهمية، كونها البوابة الشرقية للقدس المحتلة». ودعا الأمة العربية حكومات وشعوب
بالمحافظة على مدينة القدس، وطالب المسلمين بـ «نفض غبار الذل والهزيمة عنها»،
منتقدا أداء المجتمع الدولي في الوقوف في وجه سياسات الاحتلال.
ونظم
المشاركون عقب الصلاة مسيرة انطلقت صوب الشارع الرئيسي المحاذي لخان الأحمر،
رافعين الأعلام الفلسطينية، ومرددين الهتافات المنددة بالاحتلال.
وكان
المتضامنون والنشطاء الأجانب وسكان التجمع الاعتصام قد واصلوا الاعتصام ليل أول من
أمس الخميس في المكان، بالرغم من الإجراءات العسكرية الإسرائيلية، التي حولت
المكان لـ «منطقة عسكرية مغلقة»، ومنعت
الكثير من سكان القدس من الوصول إليه للمشاركة في الاحتجاج. وأقام المشاركون في
ذلك المكان فعاليات شعبية، تخللها ترديد أغان وأهازيج وطنية على مسمع من جنود
الاحتلال المنتشرين في المكان.
إلى
ذلك عبر مسؤولون دوليون وهم المنسق الإنساني جيمي ماكغولدريك، ومدير العمليات في
«الأونروا» في الضفة الغربية سْكوت أندرسون، ورئيس مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي
لحقوق الإنسان جيمس هينان، عن قلقهم البالغ إزاء عمليات الهدم والأحداث المرتبطة
بها في التجمعات السكانية الفلسطينية الضعيفة في وسط الضفة الغربية. وأشاروا في
بيان مشترك إلى ان قوات الاحتلال كانت قد شرعت الخميس، بتجريف طرق الوصول الى تجمع
خان الأحمر، الذي يؤوي ما يزيد على 180 شخصا، 95 في المئة منهم لاجئون فلسطينيون،
تمهيدًا لما يُتوقع من هدم هذا التجمع السكاني عن بكرة أبيه.
وتحدث
المسؤولون الدوليون عن تعامل قوات الاحتلال بالقوة مع سكان التجمع والمتضامنين، ما
أدى إلى إصابة 35 فلسطينيًا بجروح واعتقال آخرين.
وقال
ماكغولدريك «إن ما نشهده اليوم على الأرض يبعث على الانزعاج الشديد. فعمليات الهدم
تخلِّف آثارًا مدمّرة على الأُسر وعلى التجمعات»، لافتا إلى أن عمليات الهدم تطال
تجمعات تعيش في الأصل في «ظروف صعبة»، مشيرا إلى أن مخطط هدم خان الأحمر، يأتي في
إطار موجة من عمليات الهدم نُفذت في مختلف أنحاء الضفة على مدى الأيام الماضية.
من
جهته قال أندرسون إن تصعيد الأحداث على مدى الأيام القليلة الماضية «يجعل الحياة
في هذه التجمعات غير محتملة»، وتتسبب في معاناة خطيرة للسكان الضعفاء
أما
مكتب المفوض السامي فقد أكد بدوره أن عمليات الهدم في هذا التجمع «ستفرِز تداعيات
خطيرة على حقوق الإنسان والقانون الإنساني»، مشيرا إلى وجود «خطر محدق» يتمثل في
إخلاء الأفراد قسرًا من مناطق سكناهم، وتدمير الممتلكات الخاصة.
وكان
القنصل الفرنسي في القدس بيير كوشار، قد أعلن رفض فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي
لمخطط الاحتلال بترحيل تجمع الخان الأحمر باعتباره مخالفاً لاتفاقية جنيف والقانون
الدولي. وقال في تصريحات نقلها تلفزيون فلسطين الرسمي، عقب رفض قوات الاحتلال دخول
قناصل تسع دول أوروبية بينهم القنصل الفرنسي إلى خان الأحمر للتعبير عن تضامنهم مع
أهالي التجمع البدوي ورفضهم لقرار الترحيل «باريس ومعها دول الاتحاد الأوروبي
تعتبر منطقة الخان الأحمر جزءاً من الدولة الفلسطينية وترفض ترحيل سكانه». وحذر
القنصل الفرنسي العام في القدس من خطورة الوضع على الأرض، مشدداً على ضرورة العمل
على تحقيق حل الدولتين.