Adbox

جريدة القدس - حديث القدس/ عشية قمة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، هاجم ترامب أمس كلا من الاتحاد الأوروبي وروسيا، واعتبرهما خصمين فيما اعتبر أن ألمانيا تلوح بالراية البيضاء وتدفع لروسيا مليارات الدولارات، مشيرا إلى انه يتوجس من روسيا ولذلك فان ما تفعله ألمانيا أمر سيئ، في تصريحات غريبة عجيبة سواء من حيث المضمون أو التوقيت، عشية قمة يفترض أن نتائجها ستؤثر على الأمن والاستقرار العالميين نظرا لمكانة طرفي القمة في الساحة الدولية اللذين يمثلان أكبر قوتين عظميين.
صحيح أن تقلبات ترامب وتصريحاته الغريبة والمتناقضة أحيانا أثارت وتثير القلق لدى مختلف عواصم العالم، خاصة الحرب التجارية العالمية التي أشعل شرارتها، وموقفه من الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه بجرة قلم، ثم تغيير موقفه مائة وثمانين درجة من كوريا الشمالية وقبل ذلك موقفه العدائي من الشعب الفلسطيني وحقوقه واعترافه بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي ونقله السفارة الأميركية من تل أبيب إليها وغيرها من المواقف، إلاّ أن هذه القمة لها أهميتها الخاصة نظرا لأنها ستتناول جملة من القضايا بينها ما يتعلق بالشرق الأوسط كسوريا وفلسطين، إضافة إلى قضايا عالمية تؤثر على كافة شعوب الكوكب.
ولذلك نقول، إن ما يهم شعبنا كأي شعب في العالم هو ألاّ تكون أي اتفاقات بين الدول العظمى على حساب حقوقه المشروعة.
إلاّ أننا نقول بثقة إن المواقف التي اتخذتها روسيا منذ عقود حتى الآن بخصوص القضية الفلسطينية كانت وما زالت مواقف ثابتة إلى جانب الحق الفلسطيني وداعمة لإنهاء الاحتلال غير المشروع وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما أكده الرئيس بوتين مرارا، بما في ذلك خلال لقاء القمة مع الرئيس محمود عباس امس الأول.
ولذلك فإننا نأمل أن تشكل قمة هلسنكي تأكيدا جديدا من قبل روسيا في مواجهة ترامب على حقوق شعبنا الثابتة والمشروعة، وكذلك تأكيدا على وحدة سوريا ورفض أي انتقاص من سيادتها، وكذا رفض أي محاولة لقضم هضبة الجولان المحتلة، كما تطالب إسرائيل.
ومن الواضح أن روسيا القوية والتي عززت دورها ونفوذها في الشرق الأوسط مؤخرا يمكنها أن تلعب دورا هاما في مواجهة السياسة التي يتبناها ترامب والتي تثير القلق لدى غالبية شعوب ودول العالم سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي.
ولهذا فإن نتائج هذه القمة تكسب أهمية كبيرة خاصة في كبح جماح هذا الانجراف اليميني الأميركي وهذا التهور الذي يهدد النظام العالمي ويهدد الشرعية الدولية.
وفي المحصلة، وفي الوقت الذي يبدو فيه أن هذه الإدارة الأميركية تريد إعادة العجلة للوراء منطلقة من شعار «أميركا أولا» ومن تجاهل الشرعية الدولية وقراراتها ضاربة بعرض الحائط أيضا إعلانات حقوق الإنسان ومحاولة فرض مواقفها على دول وشعوب العالم، فإننا نأمل أن تشكل قمة هلسنكي محطة هامة لكبح جماح هذا التوجه كي تعيد الولايات المتحدة النظر في سياساتها العالمية عموما وفي مواقفها تجاه القضية الفلسطينية وباقي القضايا العريبة بما ينسجم مع الشرعية الدولية وقراراتها.
أحدث أقدم