Adbox
جريدة القدس - حديث القدس/ ما تكشف من نوايا عدوانية واضحة للإدارة الأميركية على حقوق شعبنا الثابتة والمشروعة ومحاولة فاضحة وصارخة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين والدوس على قرارات الشرعية الدولية الخاصة بحق اللاجئين في العودة والتعويض ومحاولة تقزيم هذه القضية التي تشمل أكثر من خمسة ملايين لاجىء إلى نصف مليون، إضافة إلى الإعلان الرسمي عن قطع المساعدات للسلطة الوطنية الفلسطينية، وقبل ذلك اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي غير المشروع، رغم كل القرارات الدولية ومحاولة فرض تسوية لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا، ينضم إلى ما تمارسه إسرائيل منذ سنوات طويلة وسرعت تنفيذه منذ قدوم ترامب للبيت الأبيض، سواء تهويد القدس والمساس بالمقدسات وخاصة المسجد الأقصى وتوسيع وتسريع الاستيطان في مختلف أنحاء الأراضي المحتلة واستبعاد فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة نظريا وعمليا من خلال تقطيع أوصال الأراضي المحتلة وغيره من الممارسات بما في ذلك محاولة تكريس الانقسام الفلسطيني عبر مطالبة الجانب الإسرائيلي بوقف إطلاق نار كامل مقابل تسهيلات لقطاع غزة، خلال المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحركة «حماس». كل ذلك يعني أن القضية برمتها باتت أمام خطر داهم تتآمر فيه القوة العظمى الأولى في العالم مع حليفتها إسرائيل وبعض الأطراف الإقليمية على قضية شعبنا وحقوقه الثابتة بهدف تصفية هذه القضية.
السؤال الذي يطرح إزاء هذا الوضع الخطير والذي يطرحه كل مواطن فلسطيني سواء في الوطن أو الشتات هو: ماذا أنتم فاعلون ؟! وهو موجه بالأساس لكل القوى الفلسطينية التي تتحدث باسم فلسطين، وموجه بالأساس الى كل أولئك الذين يضعون العصي في عجلة المصالحة ويكرسون الانقسام المأساوي خدمة لمصالح أقل ما يقال فيها إنها تتناقض مع المصالح العليا لشعبنا وتتنكر لتضحيات شعبنا العظيم من شهداء وجرحى وأسرى والمعانيات المتواصلة منذ عقود، سواء جراء الاحتلال وإجراءاته أو جراء اللجوء القسري الذي فرض على الملايين من أبناء شعبنا.
ولا نبالغ إذا ما قلنا إن قضيتنا الفلسطينية وصلت اليوم إلى أخطر مراحلها منذ العام ١٩٤٨، في الوقت الذي لا يبدو فيه بالأفق رد فلسطيني واحد وموحد يرتقي إلى مستوى التحديات الجسام الماثلة، ولا إلى استراتيجية واضحة المعالم قادرة على مواجهة هذه المخططات، بينما تغرق الساحة الفلسطينية أكثر فأكثر في تداعيات هذا لانقسام المخزي الذي بات استمراره يخدم مصالح وأهداف أعداء شعبنا، وفي مقدمتهم الاحتلال الإسرائيلي وحليفته الكبرى الولايات المتحدة.
إن ما يجب أن يقال هنا إن شعبنا العظيم الذي قدم عبر مسيرته النضالية الطويلة والشاقة منذ عقود التضحيات الجسام، لا يمكن أن يقبل باستمرار هذا الوضع ولن يرفع بالتأكيد الراية البيضاء وسيواصل نضاله العادل من أجل حريته واستقلاله كباقي شعوب الأرض. إلا أن السؤال الذي يطرح هنا هو: أين هم الانقساميون من إرادة هذا الشعب ومطالبته المستمرة بإنهاء هذا الانقسام. وأين هم اليوم وسط كل هذه التحديات؟ فهل يعقل أن يبقى النظام السياسي الفلسطيني على حاله من الفرقة والانقسام وتعطيل المجلس التشريعي وإضعاف الشرعية الفلسطينية؟ وهل يعقل أن نقف عاجزين رغم هذه الإرادة الشعبية وهذا التصميم الفلسطيني على المضي قدما رغم كل المؤامرات والمخططات المعادية؟
الاختبار الحقيقي اليوم للساحة الفلسطينية بأسرها يكمن في قدرتها على استعادة الوحدة الوطنية أولا، وتعزيز الشرعية الفلسطينية عبر تعزيز منظمة التحرير، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا كإطار جامع وموحد لكافة القوى تحت سقف برنامج وطني لا يمكن ان يختلف عليه فلسطينيان، ينطلق أساسا من وحدة الأرض الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني ووحدة الهدف بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وحق اللاجئين في العودة والتعويض.
ولذلك نقول إن هذا هو الاختبار الحقيقي لكافة القوى الفلسطينية، وسيسجل التاريخ بأحرف سوداء، لا قدر الله، مواقف كل من يواصل التعنت ويكرس الانقسام ويضرب الشرعية الفلسطينية التي دفع شعبنا تضحيات جسام من أجل ترسيخها في ضمير ووجدان العالم أجمع.
حان الوقت للامتثال لإرادة هذا الشعب وللعودة إلى بوتقة الوحدة الوطنية للسير معا نحو تحقيق أهدافنا المشروعة وصد وإحباط كل المؤامرات التي تستهدف الكل الوطني سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو الشتات أو الداخل الفلسطيني .. حان الوقت للإجابة على سؤال: ماذا انتم فاعلون؟!

وحان الوقت لبث وتعزيز الأمل في نفوس أبناء شعبنا أينما تواجدوا، بأن أهدافنا المشروعة ستتحقق بإذن الله إذا ما امتثلنا لإرادة الشعب وتضحياته، وإذا ما غلبنا المصلحة الوطنية العليا على كل المصالح الفئوية والحزبية والتنظيمية، ففلسطين وشعبها أكبر من كل ذلك.
أحدث أقدم