Adbox

وفا- يبدو الهدوء من خارج السياج الشائك المحيط بمعسكر "شويعر"، هو الطاغي في المكان، باستثناء بعض أصوات محركات المركبات بأنواعها التي تستخدم الطريق السريع المار من أمام ذلك المعسكر بين فترة وأخرى.
لكن هناك ضجيجا آخر خلف ذلك الهدوء، إنه مشروع إسرائيلي لتسكين ما يقارب 30 عائلة من عائلات المستوطنين في الأبنية المقامة داخل المعسكر المُخلى.
في بداية خمسينيات القرن الماضي، عندما كان للقوات الأردنية تواجد لها في منطقة طوباس والأغوار الشمالية، أقامت لها معسكرا في منطقة "شويعر" على مساحة (45) دونما من أراضي مواطنين من مدينة طوباس.
وعندما أحكمت إسرائيل سيطرتها على باقي فلسطين التاريخية في حرب "النكسة" عام 1967، أضحت البنايات المقامة فيه فارغة لفترة وجيزة قبل أن يحوله الاحتلال لمعسكر له أسماه "بروش هبكعا".
وقبل أعوام، أخلت إسرائيل المعسكر، وبدأ مستوطنون بعد ذلك الوقت بارتياد المعسكر بين فترة وأخرى.
في المسار التاريخي لهذا المعسكر الذي تعاقب عليه الأردنيون ومن ثم الاحتلال الإسرائيلي، ظلت البنايات قائمة مكانها، بل وأضيف إليها منذ سنوات عدد من الغرف التي تشبه الموجودة في المستوطنات القريبة.
ويلوح في الأفق نوايا ومخططات إسرائيلية لتسكين عشرات العائلات في تلك المباني كما يرى حقوقيون.
في هذه الحالة التي قل نظيرها في الأغوار الشمالية، إن تمت، فإنها ستوفر على المستوطنين الكثير من الوقت في البناء.
لكن في الواقع المرير الذي يعيشه المواطنون في الأغوار، وقرب هذا المعسكر ما زالت عمليات البناء تسير بانتظام في تجمعات استيطانية مثل تلك التي في خلة حمد وهو تجمع استيطاني لا يحمل اسما واضحا، ومستوطنة "سلعيت" القريبة.
يقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة: "منذ سنوات ما بعد إخلاء الاحتلال للمعسكر بدأ تواجد المستوطنين فيه يزداد (..)، اليوم أصبحت الأمور أكثر وضوحا، يريدون تحويله لمستوطنة جديدة".
في السنوات الماضية القليلة عندما كان يريد المستوطنون إقامة تجمع استيطاني لهم، كانوا يضعون غرفا جاهزة "كرفانات"، ويبنون الحظائر لأغنامهم أيضا، باستخدام مواد خام جاهزة لمثل هذه الأهداف، لكن في معسكر "شويعر" الغرف جاهزة من قبل.
ويطوق المعسكر المذكور عددا من المستوطنات مثل "روتم"، و"شيدموت ميخولا"، و"ميخولا"، وهي أول مستوطنة تقام في الأغوار بعد نكسة عام 1967.
وبالقرب من مستوطنة "ميخولا" بدأ مستوطنون قبل سنوات بوضع غرف لهم على تلة جبل في منطقة يطلق عليها "خلة حمد".
قال دراغمة: "في المعسكر فندق، وغرف كان يستخدمها الجنود الأردنيون، يبدو أن النوايا قديمة بتحويله لمستوطنة عندما بدأ المستوطنون بوضع غرف إضافية".
وبنظرة عامة على المكان، يلاحظ أن المسافة بين المعسكر، والحدود الأردنية الفلسطينية، ليست كبيرة، ويمكن مشاهدة بعض تفاصيل الحياة اليومية في الجانب الأردني من مكان قريب للمعسكر.
يقول دراغمة: "إسرائيل تخلت عن فكرة الحدود المسيجة، هم الآن يبحثون عن حدود طبيعية من خلال وضع المستوطنين في الأغوار الشمالية، ودعم توسعهم الاستيطاني".
بجانب المعسكر جنوبا بأقل من مئة متر، تأخذك طريق متهالكة من الحواف إلى مناطق رعوية مفتوحة بالقرب من خِرب كانت تسكنها عشرات العائلات الفلسطينية التي أصبحت تُعد اليوم على أصابع اليد.
وكان الوصول ممكنا إلى تلك المناطق قديما، لكن منذ سنوات بدأ التواجد الاستيطاني يغلب على المنطقة، وأصبح الوصول إليها صعبا، أو محفوفا بمخاطر كثيرة.
" هذا المعسكر إن حُول لمستوطنة يعني أنه سيغلق مئات الدونمات من الأراضي الرعوية المفتوحة أمام الرعاة الفلسطينيين (...)، الآن أصبحت المستوطنات مثل الحلقة تطوق المساحات الرعوية". قال دراغمة.
والمثل على هذا ليس بعيدا، عندما يعترض المستوطنون ترافقهم الكلاب أغلب الأوقات طريق الرعاة الفلسطينيين في المراعي المفتوحة، ويطردوهم منها بحراسة قوات الاحتلال.
في سياق متصل، مهد، اليوم الخميس، مستوطنون من التجمع الاستيطاني في خلة حمد، طريقا ترابية تربطهم بالطريق الرئيسية، بوضع مادة "البسكورس" في جزء منها تمهيدا لتعبيدها مستقبلا.
أحدث أقدم