Adbox
«القدس العربي»: ينتظر أصحاب المنازل التي دمرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال جولة التصعيد الأخيرة على قطاع غزة، التي انتهت قبل أسبوع، قيام إحدى الدول المانحة بتقديم دعم مالي سريع، من أجل إعادة بناء منازلهم أو تصليح أضرارها البليغة لتصبح ملائمة للسكن، بعد أن باتوا بلا مأوى مع دخول فصل الشتاء البارد، معيدين للذاكرة مأساة آلاف الأسر التي فقدت منازلها خلال الحرب الأخيرة على القطاع صيف عام 2014.
وفعليا التحقت 77 عائلة فلسطينية بتلك العوائل التي شردتها الصواريخ الإسرائيلية، التي قضت على ملجأ الأسرة، وحولته خلال جولة التصعيد الأخيرة التي انتهت مساء الثلاثاء من الأسبوع الماضي، إلى ركام، إضافة إلى عشرات الأسر التي تضررت منازلها بشكل بليغ جدا، يصعب السكن فيها، من دون إجراء عمليات ترميم كبيرة، إضافة أيضا إلى مئات الأسر التي تضررت منازلها جزئيا.
وتركت تلك الأسر كامل أمتعتها، ولم تخرج من منازلها إلا بما عليها من ملابس وبضع أوراق ثبوتية، حيث لم تمهلها سلطات الاحتلال سوى بضع دقائق، قبل استهدافها بصواريخ الطائرات الإسرائيلية وتحويلها بما فيها من أثاث إلى ركام.
وحسب روايات أصحاب تلك المنازل، فقد خرجوا وأطفالهم مرعوبين إلى مكان آمن، مع بداية استهداف الطائرات الاستطلاعية بصواريخ تحذيرية بنايتهم السكنية، وهو شكل  تحذيري اعتاد عليه الفلسطينيون في غزة، تستخدمه قوات الاحتلال لإنذار الأماكن التي تريد تدميرها بالكامل.
ويؤكد القاطنون في «عمارة اليازجي» الواقعة في حي الرمال في مدينة غزة، أن أصوات الانفجارات التي أحدثتها الصواريخ التحذيرية، أفزعتهم وأطفالهم وبثت حالة من الخوف، لافتين إلى أن الصواريخ التدميرية التي لحقتها أتت على كل ما تملكه عوائلهم وجعلتهم بلا مأوى.
وأكد ذلك الدكتور عدنان الوحيدي، أحد سكان البناية، حيث قال إنه خرج قبل القصف حاملا هاتفه وحقيبة صغيرة تحتوي على الأوراق الثبوتية.
ويصاب كل من يمر في المنطقة التي تقع فيها تلك البناية المدمرة بالذهول من حجم الدمار، الذي سوى البناية بالأرض، وأحدث دمارا كبيرا في البنايات المجاورة، خاصة وأنها تقع في حي مزدحم بالمباني المتلاصقة والمحال التجارية.
ووضع أصحاب المحال التجارية والشقق السكنية والمكاتب، لافتات فوق الأنقاض، تحمل أسماء تلك المحال والمؤسسات وأصحاب البيوت التي سويت بالأرض.
وتحتاج هذه الأسر التي لجأ بعضها للإقامة عند الأقارب، وآخرون شرعوا بالبحث عن منازل لاستئجارها، للكثير من الأموال لشراء الاحتياجات الأساسية من ملابس شتوية، وأدوات منزلية، للعيش كباقي الأٍسر. وتشعر هذه الأسر بحزن كبير، لعدم توفر الأموال اللازمة لشراء تلك الاحتياجات، كما أثر القصف على عوائل أخرى فقدت مصدر رزقها، بعد تدمير المحال التجارية الموجودة في تلك البناية، أو في بنايات قريبة منها، تضررت بشكل كبير.
وبسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها قطاع غزة، جراء الحصار الإسرائيلي، الذي رفع من نسب الفقر والبطالة، فإن هذه العوائل لن تتمكن من القيام بغير مساعدة خارجية، من إعادة بناء منازلها المدمرة من جديد، أو فتح محالها التجارية، وسيكتب عليها الإقامة إما عند الأقارب أو في منازل مستأجرة تفتقد إلى الأثاث اللازم، في هذا الوقت من العام، الذي تشهد فيه درجات الحرارة انخفاضا، وتتساقط فيه الأمطار بغزارة، في مشهد عرفه الغزيون قبل أربع سنوات، بعد انتهاء الحرب الأخيرة على القطاع، حيث تشردت آلاف الأسر، بسبب الدمار الذي خلفته إسرائيل ولجأت إلى «مراكز إيواء» داخل المدارس، أو في خيام بلاستيكية أقيمت على أنقاض منازلها المدمرة، حتى بدأت عملية إعادة الإعمار التي لم تنته حتى اللحظة.
وفي هذا السياق، أعلن وزير الأشغال العامة والإسكان مفيد الحساينة، أنه تم توجيه دعوات مناشدة للجهات المانحة لإعادة ما دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان الأخير على غزة.
وأعرب خلال جولة تفقدية أجراها على البنايات السكنية التي تعرضت للتدمير، عن تضامنه مع أصحاب المنازل المدمرة، مشددًا على أنه ستتم إعادة كل وحدة سكنية تعرضت للتدمير، لافتا إلى أن طواقم الوزارة تحصر الأضرار وتجهز البيانات الخاصة بالوحدات السكنية المتضررة، وأن معدات الوزارة تزيل الأجزاء العالقة في المباني التي تعرضت للتدمير.
وشدد الحساينة على أن هناك اتصالات مع عدد من الجهات الدولية والجهات المانحة بخصوص البنايات السكنية التي تعرضت للتدمير خلال العدوان الأخير على القطاع.
وكان وكيل وزارة الأشغال ناجي سرحان، قد أعلن في مؤتمر صحافي، أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف في التصعيد الأخير على قطاع غزة 1252 وحدة سكنية، تعرضت 77 وحدة منها للهدم الكلي. وأكد أن الاحتلال تعمّد استخدام مقذوفات ثقيلة تتجاوز هدف تدمير المنزل أو المنشأة المستهدفة، لتلحق أضرارا جسيمة في محيطها وتبث الرعب في قلوب المدنيين. وأشار إلى أن القصف الإسرائيلي أسفر عن أضرار لحقت بالمحال التجارية وشبكات الهاتف والكهرباء.
يذكر أن القصف الإسرائيلي خلال التصعيد طال أيضا مقر فضائية الأقصى، المكون من أربعة طوابق، وتسبب القصف في تدميره بشكل كامل، وألحق أضرارا جسيمة في الشقق والمنازل السكنية والمحال التجارية المحيطة.
وأطلقت الفضائية أمس حملة لبناء مقرها بعنوان «بدعمكم نبنيها، وذلك أمام المقر المدمر، وأعلن سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، عن الوقوف والمساندة الكاملة لفضائية الأقصى، والدعم للحملة الإعلامية التي تستهدف تحشيد التأييد للفضائية كـ «أحد أهم رموز الإعلام المقاوم، وجمع الأموال اللازمة لإعادة بنائها من جديد». ودعا الجميع للمساهمة في إنجاح حملة «بدعمكم نبنيها»، وتوحيد البث المشترك للفضائيات والإذاعات خلال الحملة، لـ «إيصال رسالة الإعلام الفلسطيني المقاوم إلى أوسع شريحة، والتأكيد على الرفض الجماعي لجرائم المحتل».

وطالب المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بـ «الخروج عن صمتها تجاه هذه الجريمة الإسرائيلية المركبة» كونها ضد مؤسسة مدنية أولاً، ووسيلة إعلامية ثانياً.
أحدث أقدم