جريدة
القدس - حديث القدس / صعّد المستوطنون عربدتهم في مختلف أنحاء الضفة الغربية تحت
سمع وبصر وحماية جيش الاحتلال، حيث قاموا بسلسلة من الاعتداءات على المدنيين
وممتلكاتهم وأغلقوا شوارع رئيسية ومفترقات طرق، كما شنت قيادتهم المتطرفة حملة
تدعو الى تشديد القمع والعقوبات الجماعية ضد أبناء شعبنا وتكثيف الاستيطان ... الخ
من المطالب التي تدل على حالة الهستيريا التي أصابت المستوطنين بعد العمليات
الأخيرة من جهة ومن الجهة الأخرى يحاول هؤلاء استغلال التوتر الحاصل في الأراضي
المحتلة لتأجيج الكراهية والتطرف وتمهيد الطريق لاستلاب المزيد من الأراضي
الفلسطينية وبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية والحصول على امتيازات وأموال
إضافية من خزينة الاحتلال.
إن
ما يجب أن يقال هنا، إن هؤلاء المستوطنين الذين استولوا على أراض فلسطينية محتلة
وأقاموا عليها، بما يتناقص مع القوانين الدولية، وارتكبوا وما زالوا سلسلة من
الجرائم بحق الفلسطينيين العزل وممتلكاتهم، ويذرفون اليوم دموع التماسيح بعد ان
ارتكبوا جرائم يندى لها جبين الانسانية مثل احراق عائلة دوابشة في دوما واحراق
الفتى الشهيد محمد ابو خضير وما ترتكبه تنظيماتهم الارهابية منذ عقود وحتى اليوم،
هؤلاء المستوطنون يجب ان يدركوا أن عدوانهم السافر على الفلسطينيين بدعم وتشجيع
وحماية وتسليح الاحتلال يشكل عاملا رئيسيا في التوتر الحاصل وانعدام الأمن
والاستقرار في المنطقة، إضافة الى العامل الرئيسي الآخر المتمثل بالاحتلال
الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية.
كما
أن ما يجب أن يقال لهؤلاء المستوطنين ولحكومة الاحتلال التي تدعمهم وتحميهم وتطلق
أيديهم في الاعتداء على الفلسطينيين، إن الأمن والسلام والاستقرار في هذه المنطقة
لن يتحقق أي منها طالما حرم الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال
وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين بموجب
قرارات الشرعية الدولية.
إن
ما يلفت الانتباه، ليس فقط ان حكومة الاحتلال تحمي وتمول وتسلح هؤلاء المستوطنين،
بل إنها تغض الطرف عما يرتكبونه من جرائم ضد الفلسطينيين، وتكفي مشاهدة تسامح قوات
الاحتلال مع ما يرتكبه المستوطنون في مختلف أنحاء الضفة الغربية من اعتداء على
الفلسطينيين وسياراتهم وإغلاق محاور الطرق دون أن تتدخل للحفاظ على النظام العام
كقوة احتلال، ما يؤكد تواطؤ هذه الحكومة الإسرائيلية مع المستوطنين بهدف ترويع
وإرهاب المدنيين الفلسطينيين.
كما
يجب على هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ان تدرك أن إهانة الفلسطينيين والمس
بكرامتهم ومحاولة ترويعهم وإرهابهم والحط من إنسانيتهم ومحاولات قمع وكسر إرادتهم
في نضالهم المشروع للتحرر من الاحتلال، لن يكتب لها النجاح، ولن تؤدي سوى الى مزيد
من التوتر وسفك الدماء وتعميق الكراهية وإدخال المنطقة برمتها في دوامة جديدة من
التصعيد بما لا يخدم أي طرف.
وفي
المحصلة، فإن على حكومة الاحتلال التي تتصاعد من وزرائها التصريحات النارية بمزيد
من القمع والعقوبات الجماعية للفلسطينيين وتكثيف الاستيطان، وعلى مستوطنيها الذين
يواصلون ارتكاب جرائمهم ان يدركوا جيدا ان شعبنا الفلسطيني الصامد المناضل لن يرفع
الراية البيضاء ولن يتنازل عن أي حق من حقوقه الوطنية المشروعة ولن ترهبه كل هذه
الاعتداءات القديمة الجديدة وهو مصّر على نيل حريته واستقلاله، ومن الأجدر بهؤلاء
المستوطنين وبهذه الاحتلال النظر الى أنفسهم بالمرأة ليروا مدى بشاعة ما يرتكبونه
بحق شعبنا الأعزل ومدى تناقض ممارساتهم مع كل القوانين الدولية والإنسانية، وأن
يدركوا ان إرادة الشعوب لا تقهر وان جبروت القوة والقمع والعدوان لن يؤدي سوى إلى
إطالة أمد الصراع.