وفا-
مجزرة "جديدة" تكشفت خيوطها بعد 71 عاما على اقترافها من قبل العصابات
الصهيونية في قرية الصفصاف في الجليل الأعلى في عملية أطلق عليها
"حيرام"، وراح ضحيتها 52 رجلا حيث حاولت دولة الاحتلال إخفاء تفاصيلها.
المجزرة
كشفت عنها صحيفة هآرتس الإسرائيلية، ضمن تحقيق نشرته الصحيفة في ملحقها الأسبوعي
الصادر اليوم الجمعة، ويتضمن وثائق مرعبة عن مجازر وجرائم ارتكبتها العصابات
الصهيونية الإرهابية ضد شعبنا الفلسطيني عام 1948 وبعده، وتحجبها وزارة جيش
الاحتلال في قسم سري.
وفي
تفاصيل المجزرة بحسب الوثائق، فإن العصابات الصهيونية قيدت 52 رجلا مع بعضهم
البعض، ووضعوهم في حفرة وأطلقوا النار عليهم، وكان 10 منهم لا يزالون ينازعون
الموت، فيما توسلت النساء وطلبن الرحمة، ووجدن حينها 6 جثث، ثم 61 جثة، كما كان
هناك ثلاث حالات اغتصاب، إحداهن لفتاة
عمرها 14 عاما، أطلقوا النار عليها وقتلوها، وقطعوا أصابع أحد الضحايا بسكين
ليسرقوا الخواتم.
وأوضح
تحقيق "هآرتس" أن عشرات المجازر ارتكبت، كما جرى اغتصاب الفتيات الصغار،
إلى جانب عمليات السلب والنهب، وتفجير وتدمير قرى بأكملها، نفذتها العصابات
الصهيونية بأوامر من دافيد بن غريون.
وتعمل
دولة الاحتلال منذ مطلع العقد الحالي، على إجراء مسح للأرشيفات لديها، وتقوم
بإخفاء وثائق تاريخية، خاصة تلك المتعلقة بأحداث وقعت أثناء النكبة عام 1948.
وفي
تعليقه على ذلك يقول مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين، "إنه لا يستبعد أن تقوم
إسرائيل بإخفاء مثل هذه الوثائق، فهي تدرك أنواع الجرائم المرتكبة وتفرض تعتيما
على كل من يحاول الوصول إلى تلك المعلومات".
ويذكر
جبارين أن في إسرائيل نوعان من الأرشيف هما العام وهو ليس متاح جميعه للجمهور، وكذلك
العسكري الذي لم يخرج عنه إلا ما ندر من الوثائق، أما تلك التي تتصل بمسألة
الاغتيالات أو مخططات ارتكاب مجازر على غرار ما حدث عام 1948 فإنه يتم اخفاؤها
ودفنها، رغم أن ذلك لا يغير من حقيقة الواقع.
وأشار
إلى أنه من الناحية القانونية من المفترض أن تكون هذه الوثائق ملك للمجتمع لإظهار
الحقائق خاصة وأن هذه المعلومات يزيد عمرها على 71 عاما والوضع الطبيعي ان تكون
متاحة للجمهور، غير أن حجم الجريمة التي ارتكبتها اسرائيل يدفعها للتكتم عليها،
لكن هذا لا يغير من واقع المأساة التي حصلت فهناك جرائم وضحايا يشهدون عليها فهناك
جرائم لا تسقط بالتقادم منها جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.
واشار
جبارين الى ان هناك مؤسسات بحثية ومجتمعية تحاول الوصول الى الأرشيف والمعلومات،
وفي إسرائيل يوجد قانون حق الحصول على المعلومات واصبح مستخدما من قبل العديد من
المؤسسات والصحفيين والباحثين والمراكز البحثية حيث أن اسرائيل مجبرة من ناحيه
القانون على إظهارها... هي من جهة تحاول ان تقول أنها دولة ديمقراطية ولديها قانون
الحصول على المعلومات لكن في واقع الحال هي لا تؤمن بكل ذلك".
واضاف،
"الوثائق أدلة دامغة وقاطعة على ارتكاب اسرائيل للجرائم لكنها لا تخشى
المحاسبة والمساءلة بمعيار القانون الدولي والملاحقة في المحاكم الدولية... هي
تخشى من التاريخ والمستقبل فهي أقيمت على جثث أناس أبرياء لذا تحاول طمس
ذلك".
واوضح
جبارين ان الموضوع التاريخي والوثائقي مسألة مهمة كون إسرائيل عضو في المؤسسات
الدولية التي تعتبر أنه الوثائق والتاريخ جزء مهم في عملها، فمثلا صحيح أنها
انسحبت من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" لكن
لدى الاخيرة قواعد في موضوع أخذ الوثائق التاريخية، لذا فهي تدرك أن المستقبل ليس
في مصلحتها وهي تحاول اخفاء كل ما يضر
بها.
وطالب
جبارين، بأن يحظى التحقيق باهتمام اعلامي لأن ما تم الكشف عنه لا يقارن قياسا
بالواقع على مستوى سياسة رسمية ممنهجة، لأن من قام بهذه الجرائم ليست مجموعة عبثية
تصرفت برغبة وقرار فردي، كما يتوجب على السياسيين والمجتمع المدني والسفارات أن
تنشر هذه المسألة على أوسع نطاق من الناس والمثقفين وتعميم ما نشر وربطه مع
الرواية الفلسطينية.
المختص
في الشأن الإسرائيلي فايز عباس، رأى أن محاولة إسرائيل إخفاء الوثائق دليل على ان
الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في حينه ضد الشعب الفلسطيني كبيرة لا
يمكن وصفها، حيث كان هناك محاولات في الماضي للمطالبة بنشرها لكن الرقابة العسكرية
والحكومة الاسرائيلية منعت ذلك بشكل صارم.
وأكد
عباس، أنه كان من المفترض أن تنشر وثائق كثيرة لأنه مضى أأكثر من 60 عاما عليها،
لكن الحكومة الإسرائيلية مددت هذه الفترة "خوفا من المسّ بأمن اسرائيل
وسكانها"، للتغطية وعدم معرفة المجتمع الدولي وحتى الاسرائيليين انفسهم
بالجرائم التي ارتكبت في حينه.
ولفت
الى أن ما نشر حتى الآن هو شيء بسيط وقليل مقارنه بالجرائم التي ارتكبتها الحركة
الصهيونية، وعلى رأسها ديفيد بن غوريون، والتي إذا نشرت بشكل واسع فإنها ستضع على
إسرائيل العلم الاسود عالميا رغم انه يعرف لكنه لا يجرؤ على محاسبتها.
ويوضح
عباس، أن "هذه الوثائق يمكن الاستفادة منها بنشرها على مستوى دولي لإقناع
الرأي العام بحقيقة إسرائيل رغم ان الاغلبية الساحقة على قناعة أنها ارتكبت جرائم
لكن عندما ينشر الامر بالوثائق الاسرائيلية فإن ذلك يقنع العالم بعدالة القضية
الفلسطينية".