توجه
الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" بمناسبة الذكرى (55) لانطلاقة
الثورة الفلسطينية بتحية الإجلال والإعزاز والإكبار إلى أرواح القافلة الطويلة من
الشهداء الفلسطينيين والعرب والأجانب الذين انضموا لصفوف هذه الثورة منذ البدايات
الأولى لانطلاقتها وخاضوا معها المعارك تلو الأخرى واستطاعوا بفضل صمودهم الباسل
وتضحياتهم الجسام والدماء الزكية التي بذلوها إفشال كل محاولات العدو ومعها
محاولات الأنظمة الرجعية وقوى الاستكبار العالمي وعلى رأسها الامبريالية الأمريكية
إطفاء جذوة هذه الثورة وكبح جماح اندفاعها لمنعها من تجسيد حقوق شعبنا وتطلعاته في
الحرية والاستقلال الناجز والعودة.
كما
توجه "فدا" بتحية مماثلة بالمناسبة إلى كل أسير فلسطيني وعربي وأجنبي
تحرر من سجون العدو أو لا زال قابعا في الأسر مؤكدا أن الفضل الأول والأخير في
ملاحم العز والفخار التي سطرتها الثورة على مر مراحل النضال الطويلة التي خاضتها
والصمود الذي حققته في وجه كل محاولات التصفية التي استهدفتها ولا تزال يعود لدماء
الشهداء الأبطال وتضحيات الأسرى البواسل، وأكد أنه سيبقى وفيا لهذه التضحيات
والعذابات يسير على ذات الدرب الذي خطه من سطروها مستلهما الدروس والعبر التي
تعمدت بدمائهم وعرقهم وآهاتهم، يحث الخطى قدما، ومعه كل قوى وأحزاب وحركات التحرر
الوطني الفلسطيني، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد
لشعبنا، يناضل بكل ما أوتي من قوة ووسائل، معتمدا روح المسؤولية الوطنية والعمل
المشترك والوحدوي منهجا، من أجل كنس الاحتلال الإسرائيلي عن كل بقاع الأرض
الفلسطينية المحتلة عام 1967 وبناء دولة فلسطينية ومستقلة وكاملة السيادة عليها،
دولة عاصمتها القدس الشرقية، دولة تعتمد الديمقراطية وسيلة للتداول السلمي
للسلطات، دولة تحقق العدالة الاجتماعية والمساواة لجميع بناتها وأبنائها، دولة
طابعها مدني تصون حقوق وحرية الفرد في ممارسة الشعائر الدينية واحترامها، وتتجاوز
الولاءات الطائفية والمذهبية والعشائرية والجهوية، وتمارس الحياد الايجابي إزاء
الأديان والطوائف والمذاهب، وتدعم المرأة وحقوقها ومشاركتها في كافة مجالات الحياة،
وتفتح الآفاق نحو الاشتراكية.
وحيا
"فدا" بالمناسبة أيضا أبناء شعبنا في أراضي عام 48، الجزء الأعز على
القلب، ومعهم أبناء شعبنا في مخيمات اللجوء والشتات، تحديدا في لبنان وسوريا
والأردن، وأكد على وحدة الشعب العربي الفلسطيني في أماكن تواجده كافة، وشدد على
أنه لا أمن ولا سلام ولا استقرار دون تحقيق حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى
ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها في نكبة عام 48 وفقا للقرار الأممي 194، وأن
نضال أهلنا في الداخل ضد سياسات التمييز والفصل العنصري الذي تتبعه معهم كل أذرع
كيان الاحتلال لا يقل أهمية عن نضال باقي أبناء شعبهم في الأراضي الفلسطينية
المحتلة عام 67، ولا عن أهمية الصمود الذين يسطره شعبنا في بلدان اللجوء والشتات
مدللا، وبالوقائع الدامغة، أن المخيمات التي يعيش فيها هناك ما هي إلا محطات مؤقتة
بانتظار عودتهم الأكيدة نحو وطنهم الأم فلسطين، وأن دعاوى التوطين والتعويض التي
يروج لها مشبوهة ومرفوضة جملة وتفصيلا.
ودعا
"فدا" في بيانه لمناسبة الذكرى (55) لانطلاقة الثورة الفلسطينية الكل
الفلسطيني إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية الوطنية وإدراك خطورة المرحلة التي
تعتبر من أخطر وأصعب المراحل التي تمر على شعبنا من اندلاع ثورته المعاصرة، وأكد
أن التحول الأبرز والأخطر في هذا السياق هو ما يجري التسويق له من حل تصفوي تحت
مسمى (صفقة القرن)، وأن جملة المواقف الأمريكية المنحازة لإسرائيل بشأن القدس
والمستوطنات والأونروا وغيرها، ومعها حملة التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق، من
استيطان وقرصنة للأموال وجرائم قتل وحملات اعتقال وتهديد بالضم، بالإضافة إلى
المؤتمرات واللقاءات والدعوات التطبيعية من قبل غير نظام عربي، ما هي إلا تجليات
لهذه الصفقة!
وأكد
"فدا" أن الوفاء لدماء الشهداء والجرحى ولتضحيات الأسرى لن يتحقق بالخطب
والمهرجانات والبيانات بل بإجراءات عملية على الأرض أولها تنفيذ قرارات المجلسين
الوطني والمركزي بوقف كل أشكال العلاقة مع (إسرائيل) وفي المقدمة وقف ما يسمى
(التنسيق الأمني)، ووقف العمل في اتفاق باريس الاقتصادي والشروع في الانفكاك
الاقتصادي عن كيان الاحتلال ونبذ كل الممارسات التي انتهجت خلال الفترة السابقة من
عمر السلطة سيما إجراءات اقتصاد السوق والتحول لبناء اقتصاد تعاوني يدعم المزارعين
والزراعة وأصحاب المشاريع الصغيرة ويعزز صمود الأهل في الأغوار والقدس والخليل.
ورأى
"فدا" أن عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية يشكل مدخلا لتجديد النظام
السياسي الفلسطيني وتقويته وإعادة شرعنته، ومدخلا لإنهاء الانقسام الذي تقادم
واستشرى وألحق أفدح الأضرار بالنسيج المجتمعي الفلسطيني، وأكد أن رهن إصدار
المرسوم الخاص بموعد هذه الانتخابات بالحصول على موافقة (إسرائيل) عليها وعلى
السماح بإجرائها في القدس الشرقية خطأ فادح من شأنه الإضرار بحق شعبنا في إجراء
هذه الانتخابات وبالحملة الدولية المؤيدة لها والتي من الممكن أن تتحول لمعركة
سياسية أخرى نخوضها معا على الساحة الدولية ضد (إسرائيل) وسياساتها وصولا لحصارها
وعزلها ومحاكمتها أمام المحكمة الجنائية الدولية على ضوء قرارها الأخير والذي
يعتبر إنجازا فلسطينيا يجب البناء عليه ليوضع موضع التطبيق.
وأعرب
"فدا" عن قلقه البالغ من جملة الاجراءات التي نسبت لحركة حماس في الآونة
الأخيرة، سواء بشأن وقف مسيرات العودة تحت حجة تأجيلها إلى شهر آذار 2020 أو في
موضوع المستشفى الميداني أو في عرقلة وإعاقة والمماطلة بالسماح في إقامة المهرجان
الخاص بالذكرى (55) لانطلاقة الثورة الفلسطينية، وأكد أنه ينظر بعين الخطورة لهذه
الإجراءات، ومعها الأنباء عن التساوق والقبول بتهدئة وتسهيلات في غزة في ظل تهويد
وضم يستهدف الضفة، مشددا على أن مثل هذه الأمور، إن صحت، تعتبر تجاوبا مع صفقة
القرن المشبوهة، وعملا مرفوضا من شأنه إلحاق أفدح الضرر بشعبنا ونضاله وقضيته،
داعيا إلى عدم الوقوع في هذا الفخ!
هذا
وتوجه "فدا" بالتهنئة إلى أبناء شعبنا، مسلمين ومسيحيين، وإلى أبناء
أمتنا العربية والإسلامية، وإلى أبناء الإنسانية جمعاء، بمناسبة أعياد الميلاد
المجيدة والسنة الميلادية الجديدة، وتمنى أن تكون سنة خير على الجميع وأن يعم
الأمن والسلام ربوع العالم أجمع، وأن يتحرر شعبنا من ربقة الاحتلال الإسرائيلي،
وأن ينتهي إلى غير رجعة استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وأن يسود التقدم والازدهار
كل الدول، وأن ينعم شعبنا بحياة حرة وكريمة في ظل دولته المستقلة والعتيدة القادمة
لا محالة.