
هيكل
عظمى لدويلة هزيلة القيمة والمساحة، مهمتها، على حد تعبير "ترامب":
"حماية أمن إسرائيل"، والتخديم على هيمنتها على شؤون المنطقة وإدارة
ثرواتها، دويلة مسخ، وتواصلها الجغرافى والديموغرافى تحت رحمة الاحتلال، ومنزوع
عنها السلاح، وروح الوطنية والمقاومة تحت شعار "نبذ الإرهاب"، مع تنازل
إضافي لا رجعة فيه، عن كامل غور الأردن والأراضى الفلسطينية المُغتصبة، التي بنيت
فوقها المستعمرات الصهيونية قهراً وعنوة، وسيادة إسرائيلية كاملة على "مناطق
تُتيح الدفاع عنها"، فضلاً عن الاعتراف بالقدس "عاصمةً غير مُقسّمة
لإسرائيل"، وبيهودية الدولة وعنصريتها، والسلام مع الدول العربية، وإلغاء
إسرائيل كعدو لكى تحل إيران محلها، ويتكون فى مواجهتها الحلف السنى الذى يتسع بعد
ذلك لإسرائيل!
وباختصار:
إن "صفقة القرن" هو صك انتحار وطني وقومي، وكأس من السُم الزعاف مطلوب
أن يهرع الفلسطيني إلى تجرُّعه راضياً ومُبتسماً، وهو المستحيل بعينه، ومن المنطقي
أن يكون الرد الفلسطيني عليها، هو كلمة "لا" واضحةً وقويّة، التي صرخ
بها جميع الفلسطينيون، وكل الفصائل في نَفَسٍ واحد، وهو أمر على درجة بالغة من
الأهمية الآن، فليس أمام الشعب الفلسطيني من سبيل، إلا توحيد الصف والهدف، في جبهة
واحدة، لكي نُفشل "الصفقة"، ونهزم "المؤامرة". أمّا الأنظمة
العربية، فما أبأس حالها، بين مُشاركٍ في المهزلة، ومستخزٍ، معلنةً على رؤوس
الأَشهاد أنها خرجت من التاريخ مرةً وإلى الأبد!
ولقد
علمتنا حكمة الزمن أن شعوب العالم، ومنها شعوبنا التي لا زالت تنتفض دفاعاً عن
حقها في الوجود والحياة الكريمة، تفوز في النهاية، مهما اعترض طريقها من صعاب
وواجهها من عثرات. وكما انتصر كفاح شعب جنوب أفريقيا على الحكم العنصري الذي
اعتقدَ أنه بالتدريع العسكري، والقنبلة النووية، باقٍ إلى الأبد، سينتصر الشعب
الفلسطيني بصموده وإرادته ومضاء عزيمته، رغم كل الصعاب وعِظم التضحيات.
وليكن
إطلاق مشروع "ترامب/نتنياهو" لتصفية القضية الفلسطينية، تحت مُسمّى
"صفقة القرن"، هو بداية نهاية المشروع الصهيوني العنصري، ومناسبة مواتية
لإطلاق مُبادرات شعبية عربية جديدة، تستأنف جهود مقاومة التطبيع ومقاطعة السلع
الأمريكية الصهيونية، وكذلك تشكيل هيئات عربية مُساندة، للموقف الفلسطيني الصلب في
مواجهة "مؤامرة القرن" حتى إلحاق الهزيمة النهائية به وبرموزه.